تخشى الصين من أضرار قد تلحق بها جراء الاتفاقية التجارية بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهي الأولى من نوعها منذ حرب ترامب التجارية، مُحذرة من شروط الاتفاقية المبرمة.
وترى بكين أن الاتفاقية بين واشنطن ولندن قد تُجبر الشركات البريطانية على استبعاد المنتجات الصينية من سلاسل التوريد الخاصة بها، بحسب "ذا تايمز" البريطانية.
وتتضمن اتفاقية التجارة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع المملكة المتحدة، الأسبوع الماضي، متطلبات أمنية صارمة لصناعات الصلب والأدوية البريطانية، هي الأولى لإدارة ترامب منذ إعلان التعريفات الجمركية المتبادلة الشاملة، الشهر الماضي.
وتتعاون الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بموجب الاتفاقية، في الجوانب الأمنية لعلاقتهما الاقتصادية، وهو ما يعني أن كلا البلدين سيحاولان تقليل اعتماد اقتصادهما على الأموال والمكونات الصينية، خاصةً في مجال المنتجات التقنية.
تُخالف الصفقة
أعربت الصين عن خشيتها من أن تُخالف الصفقة ما وصفته بـ"المبدأ الأساسي"، المعروف بأن اتفاقيات التجارة الثنائية لا ينبغي أن تستهدف دولًا أخرى، وأكدت بكين أنه لا ينبغي أن يُمارس التعاون بين الدول ضد مصالح أطراف ثالثة أو على حسابها.
وتضع هذه التعليقات لندن في موقف صعب بين القوتين الاقتصاديتين العظميين وقد تجعل من الصعب على الحكومة البريطانية إعادة ضبط العلاقات مع الصين.
وحذّرت بكين الدول من توقيع اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة تهدد المصالح الصينية، خوفًا من أن يستخدم الرئيس دونالد ترامب المفاوضات الثنائية مع شركاء التجارة الأمريكيين للضغط عليهم لقطع الصين عن سلاسل التوريد.
ودائمًا ما تفاوض الدبلوماسيون والمبعوثون التجاريون على شروط اتفاقية تجارية محتملة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي منحت بريطانيا استقلالية في السياسة التجارية.
وقد تم الاتفاق عليها، الأسبوع الماضي، في أعقاب حرب التعريفات الجمركية المتفجرة التي شنها الرئيس ترامب، وقلبت رأسًا على عقب اليقينيات الراسخة بشأن طريقة إدارة التجارة الدولية.
ويشعر السياسيون من جميع الأحزاب بالقلق إزاء القوة المتنامية للصين ومشاركتها في الاقتصاد البريطاني، لا سيما في قطاعات رئيسية مثل الطاقة، لكن حكومة ستارمر سعت إلى تحسين العلاقات مع بكين.
قلق في بكين
زعم المحافظون أن هذا البند يمنح الولايات المتحدة فعليًا حق النقض "الفيتو" على عمليات الاستحواذ الصينية على الشركات البريطانية، بالرغم من أن الحكومة نفت ذلك.
وأثار قبول لندن لبنود واشنطن الأمنية مفاجأة وقلقًا في بكين، خاصة وأن حكومة رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، كانت تعمل على تحسين العلاقات مع الصين، وفقًا لمستشارين حكوميين يركزون على التجارة.
وبرر ترامب فرضه للرسوم الجمركية على دول حول العالم، الشهر الماضي، في ما وصفه بـ"يوم التحرير"، لسببين أولهما العجز التجاري الهائل لأمريكا، وثانيهما اعتمادها المتزايد على الصين وعجزها معها، التي تُعدّ الآن المنافس الرئيسي للولايات المتحدة من حيث القوة الدولية.
وقال أحد مستشاري الحكومة الصينية، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الصين ستحتاج إلى الرد، وكان ينبغي على المملكة المتحدة ألا تتسرع في الموافقة على الصفقة، بحسب "فايينشال تايمز".
وقال تشانج يان شنج، الباحث البارز في الأكاديمية الصينية لأبحاث الاقتصاد الكلي، إنه من الواضح أن واشنطن ستجبر الحكومات الأخرى على قبول أحكام مماثلة في المفاوضات التجارية لعزل الصين.
واتفقت الولايات المتحدة والصين، أمس الأول الاثنين، على هدنة مدتها 90 يومًا في حربهما التجارية، إذ خفضت واشنطن مؤقتًا الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى نحو 40% من 145%.
يمكن تخفيض هذه الرسوم مرة أخرى بما يصل 20%، إذا توصل الجانبان إلى اتفاق لوقف تدفق "الفنتانيل" من المنتجين الصينيين إلى الولايات المتحدة، سيؤدي ذلك إلى خفض مستوى رسوم ترامب الجمركية على الصين لتقترب من تلك المفروضة على حلفاء الولايات المتحدة، مثل المملكة المتحدة.