الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"يوم التحرير" يتحول إلى كابوس.. الشركات الأوروبية تئن تحت وطأة الحرب التجارية الأمريكية

  • مشاركة :
post-title
دونالد ترامب الرئيس الأمريكي يوم إقرار التعريفات الجمركية "يوم التحرير"

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

بدأت كبرى الشركات الأوروبية والبريطانية تشكو من الآثار السلبية للضرائب الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المنتجات المستوردة الشهر الماضي. وفي هذا الصدد، تشير صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إلى أن هذه الشركات تواجه مشاكل كبيرة تتمثل في ضعف إقبال المستهلكين على الشراء، وصعوبات في نقل البضائع والمواد الخام بين الدول، إضافة إلى حالة من الارتباك وعدم القدرة على التخطيط المستقبلي بسبب عدم معرفة المستوى النهائي للضرائب الجمركية.

شركات عالمية كبرى تدق ناقوس الخطر

كشفت تقارير الأرباح الأولى بعد إعلان ترامب عن "يوم التحرير"، وهو اليوم الذي أعلن فيه فرض ضرائب جمركية على معظم دول العالم، عن حجم التحديات التي تواجه الشركات. إذ أعلنت شركة نستله، أكبر شركة أغذية في العالم، وشركة مرسيدس-بنز لصناعة السيارات، وشركة يونيليفر البريطانية للمنتجات الاستهلاكية عن مخاوفها الكبيرة من تداعيات هذه الضرائب.

وقال لوران فريكس، المدير التنفيذي لشركة نستله، في تصريحات نقلتها صحيفة فاينانشال تايمز: "المستهلكون بدأوا العام وهم غير متفائلين بالمرة، والضرائب الجديدة زادت الوضع سوءًا". وأضاف: "الشكوك التي خلقتها السياسات الاقتصادية والنزاعات التجارية وتقلبات الأسواق المالية زادت المخاوف وخلقت المزيد من عدم اليقين".

من جانبها، أشارت شركة يونيليفر، إحدى أكبر الشركات المدرجة في سوق لندن للأوراق المالية، إلى المشاكل الناجمة عن التغيرات المفاجئة في أسعار العملات بعد فرض الضرائب، في حين وصف سرينيفاس فاتاك، المدير المالي المؤقت للشركة، انخفاض قيمة الدولار الأمريكي مقابل اليورو خلال أسابيع قليلة بأنه "أمر غير مسبوق".

سرعة القرارات تربك خطط الشركات

يرى يسبر برودين، رئيس شركة إنجكا المالكة لمعظم متاجر إيكيا حول العالم، أن المشكلة الكبرى تكمن في سرعة إصدار القرارات السياسية من البيت الأبيض التي تؤثر بشكل جذري على طريقة نقل البضائع وأسعار المنتجات.

وأوضح برودين في حديث لصحيفة فاينانشال تايمز: "كنا نعيش في زمن كان السياسيون فيه بطيئين والشركات سريعة، أما الآن فلا يمكن لشركة كبيرة مثل إيكيا أن تغير خططها واستراتيجيتها بهذه السرعة"، مضيفًا أن شركته عادة ما تخطط لمدة 10 سنوات على الأقل عند اختيار موقع لمصنع جديد.

القلق يسيطر على اجتماعات المستثمرين

تكشف بيانات مؤسسةFactSet، التي نقلتها صحيفة فاينانشال تايمز، أن الحديث عن الضرائب الجمركية تكرر 223 مرة خلال المكالمات الهاتفية مع الشركات المدرجة في مؤشر Stoxx Europe 600 الأوروبي في شهر أبريل، مقارنة بـ 115 مرة فقط في شهر مارس. وتعكس هذه الزيادة الكبيرة تأثير "يوم التحرير" في 2 أبريل، عندما أعلن ترامب فرض ضريبة أساسية بنسبة 10% على منتجات الشركاء التجاريين، مع فرض ضرائب أعلى على عشرات الدول الأخرى.

وقد أجّل البيت الأبيض بعد ذلك تطبيق الضرائب الأعلى لمدة 90 يومًا للسماح بإجراء مفاوضات تجارية.

شركات تلغي توقعاتها المالية بسبب الغموض

أكد كثير من المديرين التنفيذيين، وفقًا لما نقلته فاينانشال تايمز، أن استمرار حالة الغموض بشأن النسبة النهائية للضرائب الجمركية وشكل الاتفاقيات التجارية المستقبلية يضر بأعمالهم، حيث يمنعهم من وضع خطط واضحة وتقديم توقعات دقيقة للأرباح. وفي ظل هذا الوضع، قررت شركات كبرى مثل ستيلانتيس "المالكة لعلامتي فيات وكرايسلر"، ومرسيدس-بنز، وفولفو للسيارات إلغاء توقعاتها المالية تمامًا.

وقالت فابيانا فيديلي، مديرة الاستثمار في شركةM&G، في تصريحات للصحيفة البريطانية: "بدأنا نرى الشركات تعلن عن صعوبة تحديد رؤية مستقبلية واضحة، وعدم رغبتها في وضع خطط طويلة الأمد".

تراجع ثقة المستهلكين وتأثر الصفقات الكبرى

لم تصدر بعد النتائج المالية لمعظم الشركات الـ 517 المدرجة في مؤشر Stoxx 600 الأوروبي، لكن المستثمرين تلقوا بالفعل إشارات واضحة عن تأثير الضرائب الجمركية على ثقة المستهلكين وعلى صفقات الشركات الكبرى، إذ أعلنت شركة ريكيت البريطانية، المنتجة لأدوية ستريبسيلز ومطهر ديتول، أن اضطرابات السوق التي تلت "يوم التحرير" قد تؤثر على خطتها لبيع قسم منتجات التنظيف التابع لها، وهي صفقة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

تعديل سلاسل نقل البضائع في انتظار وضوح الرؤية

يفكر متجر بريمارك البريطاني للملابس، الذي يخطط لمضاعفة عدد فروعه في الولايات المتحدة إلى 60 متجراً العام المقبل، في نقل بعض أعمال التصنيع من الصين، حسبما صرح جورج ويستون، المدير التنفيذي لشركةAssociated British Foods، الشركة الأم لبريمارك.

لكن ويستون أضاف، وفقًا لما نقلته فاينانشال تايمز: "سنغير طرق نقل ومصادر البضائع فقط عندما نحصل على صورة أوضح للوضع على المدى الطويل لمختلف أسواق الإمداد فيما يتعلق بالسوق الأمريكية".

مفاوضات متعثرة وأمل في انفراجة

تشير الصحيفة البريطانية إلى أن المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لم تحرز تقدماً كبيراً، مع استعداد بروكسل لفرض ضرائب جمركية مضادة في 8 يوليو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري، في حين تستمر المحادثات بين بريطانيا وأمريكا حول إمكانية التوصل لاتفاق.

وقد شهدت أسواق المال العالمية ارتفاعًا في الأسبوع الماضي بعد ظهور مؤشرات على إمكانية بدء الولايات المتحدة والصين محادثات لإنهاء الخلاف التجاري بينهما، والذي دفع البلدين لفرض ضرائب جمركية عقابية على منتجات بعضهما البعض.

وقد حذّر المديرون التنفيذيون، خلال اجتماعات إعلان الأرباح، من أن الشركات تحتاج إلى وضوح حقيقي في السياسات التجارية حتى تتمكن من استئناف اتخاذ قرارات مهمة. وفي الوقت الحالي، تتخذ معظم الشركات الكبرى موقفًا متحفظًا في انتظار رؤية أكثر وضوحًا للوضع التجاري العالمي الذي تعيد سياسات ترامب تشكيله من جديد.