جورج كلوني ليس مجرد نجم سينمائي لمع اسمه في سماء هوليوود، لكن تجربته الفنية ومشواره المهني، يؤكدان أنه واحد من أبرز المشاهير الذين لم يعتمدوا على وسامتهم فقط لخدمة موهبتهم الفنية، بل حرصوا على أن يكون لهم دور سياسي وإنساني مهم.
جورج تيموثي كلوني الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ64، وُلد في مدينة ليكسينجتون بولاية كنتاكي الأمريكية، لعائلة فنية وإعلامية. والده نِك كلوني كان مذيعًا معروفًا وناشطًا سياسيًا، وعمته المغنية الشهيرة روزماري كلوني. هذه البيئة ساعدته منذ البداية على فهم الشهرة وأثرها، لكنها لم تضمن له طريقًا مفروشًا بالنجاح، بل بدأ مسيرته بأدوار صغيرة متفرقة، بعضها لم يكن مشرفًا مثل ظهوره في فيلم Return of the Killer Tomatoes، قبل أن يحظى بانطلاقته الحقيقية في منتصف التسعينيات من خلال مسلسل ER، جسد شخصية الطبيب دوج روس، لتبدأ رحلة صعوده الكبير نحو قمة هوليوود.
الصورة النمطية
منذ بداياته على الشاشة، عرف كلوني بوسامته وكاريزمته المميزة، لكنه لم يكتف بالصورة النمطية لنجم الشاشة الوسيم، بل انطلق بثبات ليؤسس لنفسه مكانة متميزة كممثل، ومخرج، وكاتب، ومنتج، ومؤخرًا نجم مسرحي أيضًا بعد ترشيحه الأول لجائزة توني عن مشاركته في العرض المسرحي Good Night, and Good Luck.
طوال مسيرته الفنية، لم يكن كلوني مجرد ممثل ناجح، بل تميز باختيارات فنية ذكية، تمزج بين الترفيه والرسائل السياسية والإنسانية. من أبرز أفلامه Syriana الذي فاز عنه بجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد عام 2006، إلى جانب Michael Clayton، The Descendants، Up in the Air، وأيضًا الفيلم السياسي The Ides of March، الذي شارك في كتابته وترشح عنه لعدة جوائز. كذلك قدم فيلم Good Night, and Good Luck الذي رشح عنه لجائزة الأوسكار كأفضل مخرج وأفضل كاتب، قبل أن يعيد العمل نفسه على خشبة المسرح. بذلك، نجح في تحقيق توازن بين العمل الفني وصناعة أثر يتجاوز الشهرة والمكسب المادي.
لكن النجاح الأكبر تجاريًا جاء من مشاركته في سلسلة Ocean’s Eleven بنسختها الحديثة، والتي أعادت تقديم روح أفلام الستينيات بروح معاصرة، إلى جانب أصدقائه براد بيت ومات ديمون. كما يمثل فيلم Argo، الذي شارك في إنتاجه مع بن أفليك وجرانت هيسلوف، محطة بارزة حين فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم عام 2013.
ريادة الأعمال
كلوني لم يتوقف عند التمثيل والإخراج، بل دخل عالم ريادة الأعمال بنجاح من خلال شركة خاصة أسسها وباعها لاحقًا مقابل نحو مليار دولار، كما يعد وجهًا إعلانيًا لإحدى الشركات العالمية.
حياته الشخصية تحولت إلى مصدر إلهام حين ارتبط بمحامية حقوق الإنسان أمل علم الدين عام 2014، في حفل زفاف ساحر في مدينة البندقية بإيطاليا. اعتُبر هذا الزواج لحظة مفصلية في حياة كلوني، ليس فقط لأنه غير صورته كرجل أعزب دائم، بل لأنه وجد شريكة حياة تشاركه اهتماماته بالقضايا العالمية والعدالة. ومنذ زواجهما، أنجبا توأمًا، هما ألكسندر وإيلا، ويحرص الزوجان على تربيتهما بعيدًا عن أضواء الشهرة، في بيئة مليئة بالحب والبساطة.
التركيز على الإخراج والقضايا الإنسانية
وفي سنواته الأخيرة، قلل كلوني من ظهوره التمثيلي، مفضلًا التركيز على الإخراج وقضاء وقت أطول مع عائلته، لكنه لا يزال حاضرًا بقوة على الساحة الفنية والإنسانية. وأحد أبرز جوانب شخصيته هو التزامه بالقضايا السياسية والاجتماعية، سواء من خلال أفلامه أو مواقفه العامة، إذ لم يتردد في انتقاد إدارة ترامب أو الدفاع عن حقوق اللاجئين، كما دعم جهود زوجته في قضايا حقوق الإنسان حول العالم. وسبق أن رفض عرضًا بمبلغ 35 مليون دولار مقابل إعلان واحد فقط بسبب ارتباطه بدولة ذات سجل سياسي مثير للجدل، حسب وصفه في تصريحات إعلامية، وهو ما يكشف عن جانب أخلاقي حاضر في اختياراته.
جوائز جورج كلوني
جوائز كلوني كثيرة ومتنوعة، فقد حصل على جائزة الأوسكار مرتين، واحدة كممثل وأخرى كمنتج، وتم ترشيحه لأوسكار في 7 مناسبات مختلفة، سواء في التمثيل أو الكتابة أو الإخراج. كما حصل على جائزة BAFTA لأفضل فيلم عن Argo، ورشح لعدة جوائز BAFTA أخرى. وفي فرنسا، كُرم بجائزة سيزار الفخرية عام 2017، تقديرًا لمسيرته وإنجازاته.
ورغم أنه بلغ اليوم الرابعة والستين، لا يبدو أن كلوني ينوي التقاعد قريبًا، إذ يواصل العمل في مشاريع سينمائية جديدة، منها أفلام مع جوليا روبرتس وبراد بيت، ويبدو أن شغفه بالسينما لا يزال متقدًا، كما كان في بدايته. لكنه في الوقت ذاته يوازن بين عمله وحياته العائلية، مؤكدًا أن النجاح الحقيقي هو في العيش بتوازن، وصناعة أثر يتجاوز الشهرة والمكسب المادي.