الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

آخر هدايا البابا فرنسيس.. سيارته تعبر الحدود حاملة الأمل لأطفال غزة

  • مشاركة :
post-title
البابا الراحل فرنسيس في سيارته البابوية في إحدى زياراته

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تحولت سيارة البابا فرنسيس، الذي توفي فجر الاثنين 21 إبريل، إلى عيادة صحية متنقلة لخدمة أطفال غزة المتضررين من الحرب، وذلك بناءً على وصية أخيرة من البابا الراحل.

وكشفت وكالة أنباء الفاتيكان عن أن هذه المبادرة تأتي استجابة للأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، حيث نزح ما يقرب من مليون طفل يعانون من ظروف معيشية قاسية وانهيار شبه كامل للنظام الصحي.

المبادرة الأخيرة للبابا الراحل

وفقًا لما نشرته صحيفة نيويورك تايمز، بارك البابا فرنسيس في أشهره الأخيرة مبادرة تحويل سيارته البابوية، التي استخدمها خلال زيارته للضفة الغربية عام 2014، إلى عيادة صحية متنقلة لأطفال غزة.

وأكد مسؤولون كبار في الفاتيكان، في رسالتين اطلعت عليهما الصحيفة، أن البابا رحب بالمبادرة في نوفمبر 2024، حيث كتب رئيس الأساقفة إدجار بينيا بارا، مساعد البابا: "يسرني أن أنقل موافقة قداسته على المشروع، مع تأكيد صلواته لجميع المرتبطين بهذا المسعى الخيري".

وصرح الكاردينال أندرس أربوريليوس من السويد، قائلًا: "السيارة البابوية علامة ملموسة جدًا على أن البابا فرنسيس مهتم بكل معاناة الأطفال في غزة، حتى بعد وفاته!"، وأضاف أن هذه المبادرة تعكس الالتزام العميق للبابا الراحل تجاه المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال، الذين وصفهم بأنهم "ليسوا مجرد أرقام، بل وجوه وأسماء وقصص، وكل منهم مقدس".

سيارة البابا فرنسيس تمثل محبته ورعايته لأهل غزة الذي عبر عنه طوال الأزمة
تاريخ السيارة وتحويلها إلى عيادة

تعود قصة السيارة البابوية، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، إلى عام 2014، عندما تبرع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسيارة ميتسوبيشي معدلة خصيصًا لاستخدام البابا فرنسيس خلال زيارته لبيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.

وبعد الزيارة، تم منح السيارة للرهبنة الفرنسيسكانية، ثم لاحقًا إلى منظمة كاريتاس الخيرية قبل أن يبارك البابا استخدامها في غزة.

وتفيد وكالة أنباء الفاتيكان أن السيارة المعدلة ستكون مجهزة بمعدات طبية متكاملة للتشخيص والفحص والعلاج، بما في ذلك اختبارات سريعة للكشف عن العدوى، وأدوات تشخيصية، ولقاحات، ومستلزمات خياطة الجروح، وإمدادات أخرى منقذة للحياة، كما سيعمل فيها طاقم طبي مكوّن من طبيب وممرضة لتقديم الرعاية الأساسية للأطفال في المناطق الأكثر عزلة في القطاع، بمجرد استعادة الوصول الإنساني.

أزمة إنسانية وتحديات لوجستية

يقول أنطون عصفر، الأمين العام لكاريتاس القدس، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الفاتيكان: "تمثل هذه السيارة المحبة والرعاية والقرب الذي أظهره قداسته للأكثر ضعفًا، والذي عبّر عنه طوال الأزمة".

وأضاف أن تجهيز السيارة للاستخدام، بما في ذلك تركيب نوافذ مضادة للانفجار، سيستغرق حوالي ثلاثة أسابيع، وأن المنظمة، التي لديها حوالي 100 موظف في غزة يقدمون المساعدة للفلسطينيين، ستطلب قريبًا موافقة إسرائيلية لإدخال السيارة إلى القطاع.

ويشير بيتر برون، الأمين العام لكاريتاس السويد، إلى أن "هذه السيارة ستمكننا من الوصول إلى الأطفال الذين لا يتمتعون اليوم بأي وصول إلى الرعاية الصحية، مثل الأطفال المصابين والذين يعانون من سوء التغذية".

وأضاف في بيان صحفي: "هذا تدخل ملموس ومنقذ للحياة في وقت انهار فيه النظام الصحي في غزة بشكل شبه كامل".

وتواجه المبادرة تحديات كبيرة، إذ كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الوكالة الإسرائيلية لتنسيق أنشطة الحكومة في المناطق (كوجات)، المسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات إلى القطاع، لم تستجب لطلب التعليق حول ما إذا كانت إسرائيل ستسمح بمرور السيارة البابوية.

وقد فرضت السلطات الإسرائيلية حصارًا شاملًا على الإمدادات الإنسانية والسلع التجارية خلال الشهرين الماضيين.

موقف البابا من الصراع وإرثه الإنساني

كان البابا فرنسيس، وفقًا لما أوردته صحيفة نيويورك تايمز، من أكثر الداعمين البارزين لوقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية، كما دعا مرارًا إلى إطلاق سراح الرهائن.

كما أجرى البابا مكالمات فيديو متكررة مع المسيحيين المحتمين في كنيسة بمدينة غزة، وأثار قضية الأطفال الذين قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية.

وقال في خطاب له في ديسمبر 2024: "بالأمس، تم قصف الأطفال. هذه قسوة. هذه ليست حربًا".

ونقلت وكالة أنباء الفاتيكان عن البابا قوله مرارًا إن "الأطفال ليسوا أرقامًا، هم وجوه، أسماء، قصص، وكل واحد منهم مقدس".

ومع هذه المبادرة الأخيرة، تحولت كلماته إلى عمل ملموس يعكس إيمانه العميق بقيم الإنسانية والتضامن والسلام.

رسالة أمل وعمل عملي

يقول بيتر برون، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الفاتيكان: "إنها ليست مجرد سيارة، إنها رسالة بأن العالم لم ينسَ أطفال غزة"، مضيفًا: "إنها رمزية، لكنها أيضًا عملية".

وتقود منظمة كاريتاس القدس، التي خدمت مجتمعات غزة لفترة طويلة في ظل ظروف صعبة، الجهود الميدانية لهذه المبادرة.

ومع وجود أكثر من مائة موظف ملتزمين بتقديم الرعاية الصحية، تبني المنظمة الآن على إرث البابا في التعاطف والقوة، وتسعى لإيصال بركته الأخيرة لشعب غزة.

السيارة البابوية علامة ملموسة على أن البابا فرنسيس مهتم بكل معاناة الأطفال في غزة حتى بعد وفاته