لحظات استثنائية شهدها جمهور الإسكندرية داخل قاعات المتحف اليوناني الروماني، ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، حيث أقيم "ماستر كلاس" خاص للفنانة ريهام عبد الغفور والفنان أحمد مالك، بعد تكريمهما بجائزة "هيباتيا" خلال حفل الافتتاح. اللقاءات فتحت نوافذ على رحلتهما الفنية، وقدمت للشباب الطامحين في عالم التمثيل دروسًا ملهمة من قلب التجربة.
خطّ أحمد مالك وريهام عبد الغفور أمام جمهور الإسكندرية ملامح مسيرتهما الفنية، مزودين الشباب الباحثين عن أمل بحكايات وتجارب ملهمة، أكدت أن النجاح الحقيقي لا يأتي إلا لمن يعطي الفن حقه، ويمنح الشغف عمره كله.
ريهام عبد الغفور: أحب المغامرة ولا أكرر نفسي
استهلّت الفنانة ريهام عبد الغفور حديثها معبرة عن سعادتها بتقديم أول "ماستر كلاس" في مسيرتها، واصفة التجربة بأنها مميزة ولا تُنسى، خاصة مع وجود المخرج الكبير يسري نصر الله بين الحضور.
وكشفت "ريهام" عن المعايير التي تعتمدها في اختيار أعمالها، مؤكدة أن الأمر لا يقتصر على جودة السيناريو فقط، بل يتطلب مشروعًا متكامل العناصر، وأشارت إلى أن المخرج الذي تتعاون معه يلعب دورًا محوريًا في قرارها.
وأضافت أنها تبحث دائمًا عن الشخصيات المختلفة والمعقدة، وتبتعد عن الأدوار المتكررة، مشيرة إلى أن تكرار الشخصيات جعلها تشعر بعدم التقدم، مما دفعها للبحث عن تحديات جديدة تعيد صياغة صورتها أمام الجمهور.
وقالت إنها لا تزال تخضع لاختبارات تمثيل وترى في ذلك فرصة لاكتشاف أبعاد جديدة لشخصياتها، معتبرة التجربة مفيدة للممثل وللمخرج على حد سواء.
وعن تجربتها في مسلسل "ظلم المصطبة"، أوضحت أنه عمل مهم ناقش قضايا اجتماعية مؤثرة، بينما وصفت "السوشيال ميديا" بأنها مؤذية، موضحة أن ابتعادها عن السينما لفترة كان بسبب سوء الاختيارات التي لم تشعرها بالحماس الكافي للظهور.
وعن أسلوبها في تحضير الشخصيات، أوضحت أنها تقرأ السيناريو مرارًا، وتغوص فيه حتى أثناء النوم، كما تحرص على النقاش مع المؤلف والمخرج لضمان ترسيخ ملامح الشخصية.
أما عن طريقة الخروج من الدور، فأكدت "ريهام" أنها تعيش الشخصية فقط أثناء التصوير، ولا تصحبها إلى حياتها الخاصة.
وتحدثت ريهام عن مشاركتها في الفيلم القصير "واحدة كده"، مشيرة إلى أنها كانت تجربة محببة تناقش فكرة الحكم السطحي على الأشخاص، وأعربت عن حبها لخوض تجارب الأفلام القصيرة بصفة عامة.
واختتمت حديثها بالتأكيد على حبها للمغامرة، قائلة: "الجمهور أحبني عندما كسرت التوقعات، أحب العمل لساعات طويلة، وليس لدي مشكلة في ذلك طالما أعيش شغفي".
أحمد مالك: أعمل على تطوير نفسي ولا أرضى بالثبات
تزامنت هذه الندوة مع إقامة لقاء للفنان أحمد مالك، الذي أعرب عن امتنانه وسعادته بتكريمه للمرة الأولى خلال مسيرته الفنية، مشيرًا إلى أن شعوره بالفخر اختلط بمشاعر الامتنان، خاصة مع حضور كبار الأساتذة في الحفل، ما زاد من قيمة اللحظة بالنسبة له.
وأكد "مالك" أنه يحرص دائمًا على تطوير أدواته كممثل، مؤمنًا أن الثبات في مكانه يعني التراجع.
وقال: "أسأل نفسي دائمًا: ما هو أساس الفن؟ ولابد أن أتعلم وأتطور باستمرار، لأن المجهود لا يضيع أبدا".
وتحدث عن مراحل تطور الممثل، موضحًا أن الفنان يمر بفترات يختار فيها أدواره، ثم تأتي مرحلة قد تتكرر فيها الشخصيات بعد النجاح، مؤكدًا أن التحدي يكمن في كسر هذا الروتين والحفاظ على التميز من خلال العمل المستمر على الذات.
ورأى "مالك" أن المسرح يمثل المرحلة الأهم في تكوين الممثل، واصفًا إياه بـ"المكان الذي يمكن للفنان فيه أن يجرب ويفشل ويتعلم".
وعن تحضيره للأدوار، أوضح أنه يبدأ بفهم مسار الشخصية، ويمزج بين البُعد النفسي والشكل الخارجي، لتحقيق أداء متوازن ومتكامل، قائلًا:" كل شخصية لها أبعادها، وأبدأ بفهم الشخصية من أين تبدأ وإلى أين تتجه، وأعمل على دمج البُعد النفسي مع الشكل الخارجي في نسيج واحد، وأسعى دائما لتحقيق هذا التوازن".
وكشف "مالك" عن تجربة مميزة مع زملائه من بينهم المخرج داود عبد السيد والفنان أحمد داش، حيث استعانوا بمدربين تمثيل أجانب على مدار ثلاث سنوات، ما أتاح له التعلم من منظور مختلف.
وتطرق مالك إلى النجاحات الأخيرة التي حققها، إذ أشار إلى أن نجاح مسلسل "ولاد الشمس" وفيلم "6 أيام" شكل دفعة قوية له للاستمرار بتفاؤل.
وأضاف: "بعد أسبوعين فقط التحقت بورشة تمثيل مع ممثلين ذوي تجارب متنوعة، لأن التمثيل شغف ومهنة عظيمة، ومن الرائع أن تفعل ما تحب وتتقاضى مقابلا ماديا في الوقت ذاته".
وعن العمل في التجارب العالمية، أوضح مالك أن الفرص باتت صعبة ومحدودة، مشددًا على أنه يفضل التركيز على النجاح داخل بلده في ظل الأوضاع الحالية، خاصة مع ما يحدث في فلسطين، قائلًا: "لا يشغلني العمل معهم حاليًا".