الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المعارض الأخير.. إسكات "صوت الإنسانية" المنتقد لإسرائيل في الخارجية الأمريكية

  • مشاركة :
post-title
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وماركو روبيرو وزير الخارجية الأمريكي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن خطة إعادة هيكلة في وزارته، تشمل تقليص نفوذ مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، متهمًا إياه بأنه "منصة للنشطاء اليساريين" يسعون من خلاله لفرض "حظر على توريد الأسلحة لإسرائيل"، في خطوة تهدد بتقويض الرقابة على انتهاكات حقوق الإنسان في سياسة المساعدات العسكرية الأمريكية.

تناقض الواقع الأمريكي

تثير اتهامات "روبيو" الدهشة لدى منتقدي تعامل وزارة الخارجية الأمريكية مع حرب غزة، إذ لم تنجح أي من الضغوط التي مارسها المكتب لوقف بيع أسلحة معينة لإسرائيل خلال فترة إدارة الرئيس السابق جو بايدن، كما كان وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن يتجاهل باستمرار توصيات المكتب المتعلقة بالحد من دعم إسرائيل.

وأوضح تشارلز بلاها، مدير مكتب الأمن وحقوق الإنسان السابق، الذي شغل المنصب في الفترة من 2016-2023، لموقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، أن "ادعاءات معاداة إسرائيل غير صحيحة تمامًا"، مضيفًا: "الميل في الوزارة هو على النقيض تمامًا، إذ إن الوزارة مؤيدة لإسرائيل لدرجة أنها تتغاضى عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، الوزارة تغمض عينيها عن ذلك".

دعم إسرائيل عسكريًا

مثّلت استقالة جوش بول، الموظف المخضرم في وزارة الخارجية الأمريكية، من منصبه في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بعد أيام من اندلاع هجوم الـ7 أكتوبر، بداية لشهور من الخلافات الداخلية داخل وزارة الخارجية، إذ احتج الأخير على استمرار شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، خاصة القنابل زنة 2000 رطل التي سببت دمارًا هائلًا في المناطق المكتظة بالسكان في غزة، حسب الموقع الأمريكي.

في هذا السياق، كان مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل يُنظر إليه داخل وزارة الخارجية كأحد الأصوات القليلة التي تدفع نحو موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل.

وقال "بول" في مقابلة مع "ذا إنترسبت" إن "المكتب كان له دور في الدفع نحو تعليق نقل القنابل الثقيلة"، مضيفًا: "هذه أدوات للسياسة الخارجية، لذلك من المناسب تمامًا، عندما يتصرف شريك بطريقة تتعارض مع المصالح الأمريكية والقانون الأمريكي والدولي، أن يتم تعليق عمليات نقل الأسلحة كنقطة ضغط".

خطة إعادة الهيكلة

أعلنت وزارة الخارجية أنه سيتم إعادة تسمية المكتب ليصبح "مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الدينية" ونقله تحت إشراف منسق جديد للمساعدات الخارجية والشؤون الإنسانية، ودمجه مع مكتب آخر.

برر "روبيو" خطته في منشور على منصة Substack قائلًا: "أصبح المكتب منصة للنشطاء اليساريين لشن حملات انتقامية ضد القادة "المناهضين للحركات التقدمية" في دول مثل بولندا والمجر والبرازيل، ولتحويل كراهيتهم لإسرائيل إلى سياسات ملموسة مثل حظر الأسلحة".

رفض تشارلز بلاها، مدير مكتب الأمن وحقوق الإنسان السابق، هذا التوصيف، مشيرًا إلى أن دور المكتب في وزارة الخارجية كمنصة لمدافعي حقوق الإنسان يجب موازنته مع قوة السفارة الأمريكية في إسرائيل ومكتب شؤون الشرق الأدنى، اللذين يدافعان عن الدعم غير المشروط لإسرائيل.

وأضاف: "مكتب حقوق الإنسان هو المكان الذي يتفاعل معه النشطاء بشكل متكرر، فيما يتعلق بإسرائيل. مكتب شؤون إسرائيل لا يريد أن يكون له علاقة بذلك، في تجربتي"، متسائلًا: "كيف ستتفاعل وزارة الخارجية مع المجتمع المدني؟".

نسف أحد المباني في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي
قانون ليهي

كان مكتب الأمن وحقوق الإنسان في قلب نقاش حاد تحت إدارة بايدن حول منع المساعدات عن وحدات عسكرية إسرائيلية متهمة بارتكاب انتهاكات، إذ إنه بموجب قانون يحمل اسم السيناتور السابق باتريك ليهي، يُحظر على وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين تقديم مساعدات لوحدات أمنية أجنبية متهمة بارتكاب انتهاكات "جسيمة" لحقوق الإنسان.

رغم أن المكتب كان مسؤولًا عن فحص الوحدات للحصول على المساعدة الأمريكية، لم يتم تطبيق قانون ليهي على إسرائيل أبدًا.

وبعد أشهر من الحرب على غزة، تجاهل "بلينكن" توصيات منتدى خاص لفحص إسرائيل بقطع المساعدات عن عدة وحدات عسكرية وشرطية إسرائيلية.

وفي ديسمبر الماضي، رفعت عائلات فلسطينية بدعم من منظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" دعوى قضائية ضد وزارة الخارجية، لإجبارها على الالتزام بقانون ليهي فيما يتعلق بإسرائيل.

وقال بلاها، الذي يقدم المشورة للمجموعة: "تقارير الوزارة نفسها تقول إن الوحدات الإسرائيلية ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكن الوزارة لم تجد أبدًا وحدة إسرائيلية واحدة غير مؤهلة، وهذا ما يتطلبه القانون".

حقوق الإنسان

حتى مع خطط روبيو لإعادة تسمية المكتب وتقليص حجمه، أكد تيم ريسر، مستشار السياسة الخارجية لليهي، الذي ساعد في صياغة التشريع، أن "قانون ليهي هو القانون. الإدارة مطالبة بتنفيذه"، وأن "وزارة الخارجية هي الوكالة المنطقية الوحيدة لتنفيذه".

في حين تأتي هذه التغييرات في إطار سياسة إدارة ترامب الداعمة بشكل كامل لإسرائيل، وسط مخاوف من إضعاف آليات المساءلة الأمريكية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان عالميًا.

وتشير هذه التطورات إلى أن النقاشات حول حقوق الإنسان والسياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل تدخل مرحلة جديدة، مع سعي روبيو لتفكيك المنصة الوحيدة التي كانت تقدم انتقادات للسياسات الإسرائيلية داخل المؤسسة الدبلوماسية الأمريكية.