تشهد العلاقات الهندية الباكستانية تطورات كبيرة عقب الهجوم الدامي، الذي شنه مسلحون على عشرات السياح فيما يعرف بهجوم باهالجام، ما دفع حكومة نيودلهي لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد جارتها، كان من بينها تعليق معاهدة نهر السند الموقعة بين البلدين.
وتشتهر مقاطعة أنانتناج الهندية، بوجود منطقة باهالجام المعروفة باسم "سويسرا الصغيرة"، بسبب طبيعة الجبال الخلابة، التي يرتادها آلاف السياح سنويًا، وهي التي شهدت عملية وصفتها السلطات المحلية بالإرهابية، عندما نزل أشخاصًا يرتدون الزي العسكري من التلال وأطلقوا النار عشوائيًا على عدد من السياح.
الهجوم الدامي
أسفر الحادث عن مقتل 29 شخصًا وإصابة 12 آخرين بينهم أجنبيون، ووجهت على الفور الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أصابع الاتهام إلى جارتها باكستان، بسبب ما وصفته بدعمها للإرهاب عبر الحدود، وقررت طرد المستشارين العسكريين الباكستانيين، وإغلاق نقاط تفتيش بين البلدين.
وألغت الهند نظام الإعفاء من التأشيرة للباكستانيين، وقررت أيضًا تخفيض عدد الموظفين الدبلوماسيين إلى 30، بداية من مايو المقبل، لكن القرار الأهم كان تعليق الهند لمعاهدة مياه نهر السند الموقعة بين البلدين منذ 60 عامًا، فما هي تلك المعاهدة وأبرز تفاصيلها.
إثارة القضية
يرجع تاريخ المعاهدة إلى عام 1947، بحسب صحيفة keralakaumudi الهندية، عندما قُسمت الهند البريطانية، إذ أصبح نظام نهر السند، الذي ينبع من التبت ويتدفق عبر كل من الهند وباكستان، ويمر أيضًا بأجزاء من أفغانستان والصين مصدرًا للتوتر.
في عام 1948، أوقفت الهند تدفق المياه إلى باكستان مؤقتًا، ما دفع باكستان إلى إثارة القضية مع الأمم المتحدة، وأوصت الأخيرة بإشراك طرف ثالث محايد، ما دفع البنك الدولي إلى التدخل والتوسط، واستمرت المفاوضات حول آلية عمل النهر مستمرة برعاية الأمم المتحدة.
تقاسم سلمي
وبعد سنوات من المفاوضات، وُقِّعت معاهدة مياه نهر السند، 19 سبتمبر 1960 من قِبل رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس الباكستاني أيوب خان، لإدارة نظام النهر الحيوي وتقاسمه سلميًا، وهو ما اعتُبر وقتها مثالًا بارزًا على تقاسم المياه عبر الحدود بين الدول.
وحددت المعاهدة مبادئ واضحة للتقاسم العادل لموارد النهر وروافده لضمان تلبية احتياجات البلدين من المياه، وأرست إطارًا لإدارة تعاونية لنظام نهر السند، الذي بات من وقتها نظامًا أساسيًا للزراعة ومياه الشرب والصناعة في كل من الهند وباكستان.
وبموجب الاتفاقية، تسيطر الهند على الأنهار الشرقية، التي تُسمى "رافي، وبياس، وسوتليج"، بينما في المقابل تحصل باكستان على مياه الأنهار الغربية وهي "السند، وجيهلوم، وتشيناب"، وتتلقى باكستان نتيجة ذلك نحو 80% من إجمالي تدفق المياه من هذه الأنهار.
على حافة الانهيار
ويعتمد إقليمي البنجاب والسند الباكستانيين على تلك المياه بصورة كبيرة من أجل الزراعة، وأيضًا بموجب المعاهدة يُسمح لكلا البلدين باستخدام محدود للأنهار المخصصة للآخر لأغراض محددة مثل الري وتوليد الطاقة.
وعلى مر السنين، بحسب رويترز، نجحت المعاهدة في الصمود في وجه حربين كبيرتين بين من وصفتهم بالغريمين، وصمدت أمام العديد من التقلبات والمنعطفات في العلاقات الدبلوماسية، لكن القرار المفاجئ من الهند بتعليق المعاهدة مثّل تراجعًا واضحًا في التعامل الدبلوماسي، وهو ما يضع تلك المعاهدة الممتدة لـ60 عامًا على حافة الانهيار.