لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يرمي أوراقه في ميدان الحرب الروسية الأوكرانية، من أجل إيجاد اتفاق بين المعسكرين يُنهي الحرب التي طال أمدها إلى أكثر من ثلاث سنوات، آخرها السماح لروسيا بالاحتفاظ بكامل الأراضي التي استولى عليها من أوكرانيا بموجب شروط اتفاق السلام.
ويأتي هذا الشرط في إطار خطة مكونة من سبع نقاط لإنهاء الحرب، ومن المقرر مناقشة الأمر في لندن، اليوم الأربعاء، عندما يستمع المسؤولون الأمريكيون إلى رد فعل كييف، بحسب صحيفة "تليجراف".
ويأمل الجنرال كيث كيلوج، المبعوث الأمريكي إلى كييف، في الحصول على موافقة أوكرانيا على الخطة، اليوم، فيما سيتوجه المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، بعد ذلك إلى موسكو لعرضها على فلاديمير بوتين.
السيادة على القرم
ويتضمن اقتراح السلام الذي قدمته إدارة ترامب اعتراف الولايات المتحدة رسميًا بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، إلى جانب بعض التغييرات لصالح أوكرانيا، إذ تتخلى روسيا عن منطقتين صغيرتين تحتلهما قواتها حاليًا، وستستعيد أوكرانيا القدرة على الوصول دون عوائق إلى مصب نهر دنيبر، وستنسحب روسيا من منطقة ثانية في مقاطعة خيرسون.
ووصفت صحيفة "تليجراف" البريطانية، الاتفاق بأنه سيكون بمثابة حبة مريرة يصعب على أوكرانيا تجرّعها، إذ ستخسر الأراضي دون الحصول على أي ضمانات أمنية أمريكية واضحة، وصرّح مسؤولون في كييف بتشككهم في إمكانية إحراز تقدم في اتفاق السلام.
وقال مصدر مطلع على محتويات الخطة لصحيفة "تليجراف" البريطانية، إن النقطتين الأولى والثانية تشملان وقف إطلاق النار الفوري والمحادثات المباشرة بين أوكرانيا وروسيا، وهو ما قبله زيلينسكي بالفعل من حيث المبدأ.
الامتناع عن عضوية الناتو
وتتطلب النقطة الثالثة من أوكرانيا الامتناع عن السعي إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، على الرغم من أن البلاد ستظل حرة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وقد تنشر الدول الأوروبية قوة ضمان لردع بوتين مرة أخرى، غير أن الخطة لا تلزم الولايات المتحدة بضمان أمن أي نشر من هذا القبيل.
وصرّح رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، في وقت سابق، بأنه لا يمكن إرسال أي قوة أوروبية إلى أوكرانيا دون وجود شبكة أمان أمريكية.
وكانت كييف تربط دائمًا اتفاقها بشأن وقف إطلاق النار العام بضمانات أمنية، خوفًا من أن روسيا قد تهاجم أوكرانيا مرة أخرى في أي وقت وتحت أي ذريعة، لكن الولايات المتحدة ليست مستعدة بعد لتقديم الضمانات.
ويجري الأوروبيون حاليًا مفاوضات بشأن سبل ضمان الحماية لكييف، وأوضح الكرملين أنه لن يقبل بوجود قوات أوروبية في أوكرانيا.
سيادة أمريكية على المحطة النووية
وتتعلق النقطة الرابعة بالمنطقة، إذ عرضت أمريكا الاعتراف القانوني بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، المنطقة الأوكرانية التي ضمها بوتين، عام 2014.
وبعد وقت قصير من بدء حرب روسيا وأوكرانيا، فبراير 2022، استولت روسيا على مساحات كبيرة من أربع مقاطعات أخرى في أوكرانيا "دونيتسك، ولوهانسك، وخيرسون، وزابوريزجيا".
وبالإضافة إلى انتقال السيطرة على بعض الأراضي لأوكرانيا، فإن محطة الطاقة النووية في زابوريزجيا، التي تسيطر عليها القوات الروسية حاليًا، ستنتقل إلى السيطرة الأمريكية.
التوقيع على صفقة المعادن
وبموجب البند السادس، ستوقع أوكرانيا على صفقة المعادن التي تسمح للشركات الأمريكية بالوصول إلى الموارد الطبيعية للبلاد.
وبدوره؛ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه منفتح على عقد محادثات مباشرة مع أوكرانيا، مضيفًا أنه راضٍ عن الاقتراح الرامي إلى منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين على التلفزيون الرسمي: "ربما لا يستحق الأمر تحديد أي أطر زمنية صارمة ومحاولة التوصل إلى تسوية قابلة للتطبيق، في إطار زمني قصير".
علاقات جديدة بين أمريكا وروسيا
وتثير النقطة السابعة إمكانية إقامة علاقة جديدة بين أمريكا وروسيا، إذ تقول إن جميع العقوبات الأمريكية ستُرفع ويمكن للبلدين أن يبدآ التعاون في مجال الطاقة.
وتتناقض هذه الخطة مع العديد من الأهداف السياسية البريطانية المعلنة، وفي 14 فبراير، أبلغ رئيس الوزراء زيلينسكي، أن بريطانيا ملتزمة بأن تسير أوكرانيا على طريق لا رجعة فيه نحو عضوية الناتو، ومن شأن هذا الاقتراح أن يقطع هذا الطريق إلى أجل غير مسمى.
ومع ذلك، ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن بوتين وافق على تجميد الصراع على طول خطوط المواجهة الحالية في أوكرانيا، مُتخليًا عن مطالبه باحتلال جميع المناطق الأربع التي ضمتها في شرق البلاد.
بموجب دستور أوكرانيا، لا يجوز لحكومتها ولا للبرلمان التنازل عن أراضيها. ولا يمكن ذلك إلا من خلال استفتاء شعبي، وبصفتها دولة تحارب هجومًا أجنبيًا، تُطبّق الأحكام العرفية التي تمنع الاستفتاءات.