الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الصراع الشريف.. الفاتيكان يبحث عن هويته الجديدة بين ثلاث قارات

  • مشاركة :
post-title
المرشحون الأبرز لخلافة البابا فرانسيس في الكرسي الرسولي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

وسط جدران كنيسة سيستين العتيقة، وفي أروقة الفاتيكان التي تتنفس عبق التاريخ والرمزية، يستعد العالم الكاثوليكي لمتابعة واحدة من أكثر اللحظات تأثيرًا وغموضًا في تاريخ الكنيسة، وهو اختيار البابا الجديد.

في ظل مشهد كنسي متغير وسيناريوهات غير متوقعة، تترقّب أنظار 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم القرار المصيري الذي سيحدّد ملامح العقود القادمة للكنيسة، فبين التقاليد الراسخة والتطلعات الجديدة، تظهر أسماء مرشحين من قارات متعددة، تجمعهم التحديات اللاهوتية، وترصد شبكة "بي بي سي" البريطانية أبرز الأسماء المطروحة لخلافة البابا فرنسيس.

بُعد عالمي غير مسبوق

سيجتمع مجمع الكرادلة في كنيسة سيستين كما هي العادة، لمناقشة الأسماء المرشحة والتصويت عليها إلى أن يتفقوا على اسم واحد يخرج إلى الشرفة الشهيرة في الفاتيكان ليُعلن "بابا الكنيسة الكاثوليكية الجديد".

وفي مفارقة تاريخية، فإن نحو 80% من الكرادلة الذين سيشاركون في التصويت، تم تعيينهم على يد البابا فرنسيس نفسه، ما يضفي طابعًا غير تقليدي على المجمع المقبل، كما أن هذه هي المرة الأولى التي يشكّل فيها الأوروبيون أقل من نصف الهيئة الانتخابية، ما يمنح العملية بُعدًا عالميًا لم يسبق له مثيل.

ورغم أنّ المجمع مكوَّن في غالبه من تعيينات فرنسيس، إلا أن التنوع الفكري بين "التقدميين" و"المحافظين" يضفي عنصر المفاجأة على نتيجة التصويت، فالمشهد لا يخضع لنمطية تقليدية، بل يعكس تجاذبًا واسعًا بين مختلف التيارات داخل الكنيسة.

المرشح الإيطالي الأقوى.. بييترو بارولين

الجنسية: إيطالية
العمر: 70 عامًا

بييترو بارولين، الكاردينال الإيطالي الهادئ والمحنّك دبلوماسيًا، يشغل منصب أمين سر دولة الفاتيكان، ويُعد بمثابة الذراع اليمنى للبابا الحالي، بصفته رئيس الكوريا الرومانية، فإنه يتولى فعليًا إدارة الشؤون اليومية للكنيسة، ويُنظر إليه على أنه الأكثر ترجيحًا في هذه المرحلة.

يشتهر بارولين بإعطائه الأولوية للدبلوماسية والرؤية العالمية، وهو ما يراه مؤيدوه نقطة قوة في زمن تزداد فيه التحديات العابرة للحدود، إلا أن منتقديه يرون في هذا التوجه ضعفًا في الدفاع عن نقاء العقيدة الكاثوليكية.

ورغم اعتباره شخصية مرموقة ومؤهلة، فإن التاريخ الإيطالي مع الكرسي الرسولي قد يعيق فرصته؛ إذ لم يُنتخب أي بابا إيطالي منذ نحو أربعين عامًا، ما قد يوجّه دفة الاختيار نحو أسماء من خارج أوروبا.

لويس أنطونيو تاجلي.. من الفلبين إلى الفاتيكان
الجنسية: فلبيني

العمر: 67 عامًا

هل يكون أول بابا آسيوي؟ الكاردينال تاجلي، المعروف بتواضعه وخبرته الرعوية العميقة، يُعد أحد أبرز الشخصيات التي يُمكن أن تحدث تحولًا نوعيًا في قيادة الكنيسة.

يحمل تاجلي لقب "فرنسيس الآسيوي" لما يشترك فيه مع البابا فرنسيس من تعاطف مع المهمّشين والمهاجرين، ودعوات لإعادة تقييم المواقف المتشددة تجاه فئات اجتماعية مثل المثليين والمطلقين والأمهات العازبات، ورغم تمسكه بالمبادئ الأساسية للكنيسة، بما في ذلك رفضه للإجهاض والقتل الرحيم، إلا أنه يُعرف بانفتاحه الإنساني.

وبدعم محتمل من الكرادلة الخمسة في بلاده، التي تُعد من أكبر معاقل الكاثوليكية في آسيا، قد يكون تاجلي مرشحًا بارزًا لا يمكن تجاهله، خاصة أنه كان مرشحًا قويًا بالفعل في مجمع 2013 الذي انتهى بانتخاب البابا فرنسيس.

صوت من إفريقيا.. فريدولين أمبونجو

الجنسية: كونغولي

العمر: 65 عامًا

في ظل النمو المتسارع لأعداد الكاثوليك في القارة الإفريقية، تزداد فرص أن يختار المجمع البابا الجديد من هذه القارة الصاعدة روحيًا.

الكاردينال أمبونجو، رئيس أساقفة كينشاسا السابق، يعبّر عن توجهات محافظة فيما يخص القضايا الأخلاقية، وخصوصًا مباركة زواج المثليين، الذي يعارضه بشكل حازم باعتباره "شرًا بطبيعته" ويخالف القيم الثقافية في مجتمعه.

رغم ذلك، يدعو أمبونجو إلى احترام التعددية الدينية، مؤكدًا في إحدى مقابلاته عام 2020 أن التعاون مع البروتستانت والمسلمين لا يتنافى مع الحفاظ على الهوية الكاثوليكية، موقفه هذا قد يُعزز مكانته كمجدد للتواصل مع العالم المتنوع دينيًا، أو قد يُضعف فرصته لدى من يتوقع من البابا تشديدًا في الهوية الإيمانية.

المرشح العريق.. بيتر كودو
الجنسية: غاني

العمر: 76 عامًا

من أول كاردينال غاني إلى احتمال أن يصبح أول بابا إفريقي منذ ما يقرب من 1500 عام، توركسون، رجل لاهوت وموسيقي سابق في فرقة فانك، يجمع بين التوجه المحافظ والانفتاح على الواقع الاجتماعي المعقّد.

رغم تصريحه المتكرر بعدم رغبته في المنصب، فإن شعبيته لا تزال قوية، وعُرف بموقفه الإنساني عندما عارض تجريم العلاقات المثلية في غانا، ما جعله يبرز كصوت معتدل داخل القارة السمراء.

ومع أنه عبّر في عام 2013 عن شكوكه حول "الطموح" لأن يصبح البابا، إلا أن شركات المراهنات رشحته بقوة في تلك الفترة، ويظل مرشحًا ذا حضور دولي قوي وصوتًا يُحترم في النقاشات اللاهوتية والاجتماعية الكبرى.