لم يكن البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذي وافته المنية، اليوم الاثنين، عن عمر ناهز 88 عامًا، مجرد عابر لعالم كرة القدم، بل كان عاشقًا لهذه الرياضة التي طالما وصفها بأنها "أكثر من مجرد لعبة"، بل وسيلة لنشر السلام وبث القيم الإنسانية والتعليمية.
وأبدى البابا فرنسيس تعلقًا كبيرًا بكرة القدم، واعتبرها رمزًا للتقارب بين الشعوب وتجاوز الفروقات الثقافية والاجتماعية، واستغل مناسبات عديدة لدمج هذا الشغف برسالته الدينية، فأقام صلوات جماهيرية في ملاعب ضخمة، واستقبل نخبة من نجوم الكرة من مختلف الجنسيات في الفاتيكان، حيث وقع على قمصان وكرات كانت شاهدة على هذا الارتباط الخاص.
شغف الطفولة
هذا الولاء لكرة القدم ليس طارئًا في حياة البابا الراحل، بل يمتد إلى طفولته في "بوينس آيرس" الأرجنتينية، حيث كان من مشجعي نادي سان لورنزو الأرجنتيني، واعتاد الذهاب مع والده وإخوته إلى الملعب القديم "فييخو جاسوميترو" لمتابعة المباريات، واحتفظ ببطاقة عضوية النادي حتى بعد انتخابه بابا في عام 2013.
ورغم أنه لم يكن بارعًا كلاعب، كما أقر في سيرته الذاتية، فقد شارك في مباريات الحي، وغالبًا ما لعب كحارس مرمى، مستخدمًا كرة مصنوعة من القماش.
الرياضة كأداة للسلام
وانجذب البابا فرنسيس إلى كرة القدم، بسبب طابعها الجماهيري، وكان يرى فيها انعكاسًا للقيم، مؤكدًا أن تأثيرها يتجاوز الملاعب، وفي عام 2014، نظم مباراة ودية بين أتباع ديانات مختلفة على الملعب الأولمبي في روما، ودعا فيها إلى السلام والتفاهم العالمي.
ولم يتردد في تحذير اللاعبين من السقوط في فخ المال والمصالح التجارية، وكان دائمًا يذكرهم بمسؤولياتهم الاجتماعية، خصوصًا تجاه الجيل الشاب الذي يرى فيهم قدوة.
رؤية إنسانية للنجوم
لم يكن البابا مجرد مشجع، بل كان يحمل نظرة إنسانية تجاه لاعبي كرة القدم، فقد أبدى احترامه الكبير للأسطورة البرازيلية بيليه، واصفًا إياه بـ"الرجل النبيل وصاحب القلب الكبير"، أما دييجو مارادونا، فقال عنه إنه عبقري كروي، لكنه خسر على المستوى الإنساني، وفي المقابل، اعتبر ليونيل ميسي نموذجًا في التواضع والأخلاق.
لكن البابا فرنسيس أقر لشبكة "راي" الإيطالية: "بالنسبة لي، من بين الثلاثة، فإن الجنتلمان الكبير هو النجم البرازيلي الراحل بيليه، رجل يملك قلبًا كبيرًا".
الرياضة والدين
رأى البابا فرنسيس أن كرة القدم والدين يتقاطعان في جوهرهما، فكلاهما يعلم التضامن، وتقديم الصالح العام على الرغبات الفردية، هذه النظرة كانت حاضرة في كل حديث له عن الرياضة، حتى وإن كان قد توقف عن مشاهدة التلفاز منذ أوائل التسعينيات بقرار شخصي، مفضلًا التأمل والقراءة.