في خطوة قد تُعقّد الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق ينهي الحرب التجارية المتفاقمة بين واشنطن وبكين يرفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدام القنوات الدبلوماسية غير الرسمية مع الصين، بحسب تقرير نشرته "بوليتيكو".
رغبة في لقاء مباشر
ورغم تصريحات ترامب المتكررة التي يُعرب فيها عن رغبته واهتمامه في التحدث مباشرة إلى الزعيم الصيني شي جين بينج لتخفيف التوترات التجارية، فإن هذه المبادرات لم تلقَ تجاوبًا من الجانب الصيني، وهو ما أدى إلى خنق الجهود الدبلوماسية الأخرى لوقف الحرب التجارية المتفاقمة بين القوتين العالميتين
وبحسب مصادر مطلعة، فإن ترامب يُصر على لقاء شخصي مع "شي"، على غرار ما فعله مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رافضًا إشراك مسؤولين أو وسطاء في نقل وجهات نظره.
لا قنوات خلفية
وقال رايان هاس، المدير السابق لشؤون الصين وتايوان ومنغوليا في مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال إدارة أوباما: "القنوات الخلفية لا تعمل لأن الرئيس ترامب ببساطة لا يريدها".
وأضاف أن ترامب يفضّل مخاطبة نظرائه مباشرة دون وسطاء: "يريد ترامب التعامل مباشرةً مع الرئيس شي جين بينج بالطريقة نفسها التي تعامل بها مع الرئيس بوتين، لا أعتقد أنه مهتمٌّ بشكلٍ خاص بالاستعانة بمصادر خارجية لنقل آرائه للآخرين".
الكرة في ملعب الصين
من جهتها، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن الإدارة الأمريكية على اتصال مستمر مع المسؤولين في بكين، لكن دون توضيح ما إذا كانت هناك مفاوضات خلف الكواليس.
وأضافت: "الرئيس ترامب أوضح أن الكرة الآن في ملعب الصين".
كذلك قالت ويندي كاتلر، المفاوضة التجارية الأمريكية السابقة: "هناك العديد من القنوات الخلفية، بما في ذلك من مجتمع الأعمال لدينا والمسؤولين الأمريكيين والصينيين السابقين".
في المقابل، قال برايان هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي: "إذا كانت النظرية القائلة بأن البيت الأبيض يُعيق المناقشات، فهي ببساطة غير دقيقة، لأن هناك اتصالات مُتعددة على مستوى الموظفين وكبار الموظفين لا تزال مستمرة، ونحن، كما قال الرئيس، نرحب بالمناقشات مع السلطات الصينية".
بكين ترفض استعراضات ترامب
ومن المرجح أن تشعر بكين بالحذر من الاستجابة لمطالب ترامب بإجراء محادثة مع شي، لأن الزعيم الصيني قد يخسر اليد العليا، وخاصة إذا حول ترامب الاجتماع إلى مشهد عام.
وحسب تقارير إعلامية، فإن السلطات الصينية تتحفّظ على تلبية دعوة ترامب لعقد اجتماع مباشر، خشية أن يُحوّله الرئيس الأمريكي إلى عرض إعلامي يُحرج الرئيس شي ويُضعف موقفه السياسي.
ووفقا لما أفادت به وكالة بلومبرج فإن بكين تُفضّل أن يبدأ التواصل من خلال مسؤولين رفيعي المستوى. وفي خطوة تعكس هذا التوجه، أعلنت الحكومة الصينية تعيين لي تشنج قانج، مساعد وزير التجارة السابق، كممثل تجاري دولي جديد.
عرقلة الاتصال
قد يشير هذا التعيين إلى أن بكين تنتظر من ترامب إرسال مبعوثه الخاص، وقال دانيال راسل، مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون شرق آسيا: "غياب قناة اتصال رسمية وموثوقة بين البلدين هو السبب الحقيقي لعدم حدوث المكالمة الهاتفية التي يريدها ترامب مع نظيره الصيني".
وفي السياق ذاته، كشفت "بوليتيكو" أن جون ثورنتون، الرئيس التنفيذي السابق لـ"جولدمان ساكس"، تطوع للتوسط مع المسؤولين الصينيين، مستفيدًا من علاقاته الواسعة هناك، لكن البيت الأبيض لم يُبدِ أي اهتمام بمبادرته.
صمود الاقتصاد الصيني
ورغم التصعيد المستمر، أعلنت الصين أن اقتصادها نما بنسبة 5.4% خلال الربع الأول من عام 2025، مدعومًا بأداء قوي في قطاع التصدير، قبل بدء سريان الرسوم الجمركية الجديدة.
يُذكر أن إدارة ترامب فرضت أخيرًا رسومًا تصل إلى 145% على الواردات الصينية، وردّت بكين بفرض رسوم بنسبة 125% على الصادرات الأمريكية، مع تأكيدها التزامها بسياسات فتح الأسواق أمام التجارة والاستثمار الأجنبي.