الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عامان على الحرب الكارثية.. الجيش السوداني يواصل دحر تمرد الدعم السريع

  • مشاركة :
post-title
نازحون من مناطق الحرب في السودان

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث، يواصل الجيش الوطني دحر تمرد "ميليشيا الدعم السريع" التي اقترفت عناصرها جرائم حرب بحق ملايين المدنيين، وتسببت بموجات نزوح وصفت بأنها الأكبر في العالم.

على مدار عامين من التمرد المسلح، ارتكبت قوات ميليشيا الدعم السريع انتهاكات وفظائع وجرائم مروعة غير مسبوقة في تاريخ السودان، حيث قامت الميليشيا بارتكاب مجازر مروعة في العاصمة الخرطوم، وفي ولايات غرب دارفور، والجزيرة، وسنار، والنيل الأزرق، والنيل الأبيض، حيث قُتل المئات من المدنيين بسلاح الميليشيا، ورصدت حالات عديدة من الاغتصاب والعنف الجنسي، وحرق المحاصيل الزراعية، والنهب والسرقة، وتخريب وتدمير المنشآت المدنية والخدمية، وتشريد الأهالي من قراهم.

كما شملت انتهاكات ميليشيا الدعم السريع الاعتقال تحت ظروف سيئة، حيث قامت الميليشيا باحتجاز الآلاف من المدنيين وقدامى العسكريين في معسكرات اعتقال بالغة السوء، مع ممارسة صنوف من التعذيب الجسدي والنفسي، والتجويع الممنهج، والإنهاك بأعمال شاقة ومميتة، مما أدى إلى موت أعداد كبيرة منهم بسبب التعذيب والتجويع.

وتم اكتشاف مقابر جماعية وحاويات مليئة بالجثث المحترقة لأسرى ومعتقلين كانوا لدى الدعم السريع، حيث تم حرق هذه الجثث داخل هذه الحاويات، ووجدت جثث لمواطنين قُتلوا داخل منازلهم، من بينهم أطفال.

وحققت قوات الجيش الوطني السوداني مكاسب ميدانية في دحر تمرد ميليشيا الدعم السريع، حيث تمكنت من تحرير الخرطوم، ما عدا بعض الأجزاء الصغيرة في جنوب وغرب أم درمان، وهي آخر معاقل الدعم السريع في العاصمة السودانية.

وفي أعقاب هزيمتها في الخرطوم، نشطت ميليشيا الدعم السريع في إطلاق الطائرات المسيرة بصورة متكررة نحو المدن في ولايتي نهر النيل والشمالية شمالي السودان، مستهدفة الأسواق والأحياء ومنشآت توليد الكهرباء في سد مروي الذي يغذي معظم مدن السودان بالطاقة الكهربائية.

وبعد دحرها في الخرطوم، تحشد ميليشيا الدعم السريع عناصرها الفارين من العاصمة السودانية، وتحاول اقتحام "مدينة الفاشر" حيث يرى قادة الدعم السريع أنهم إذا استطاعوا السيطرة عليها، سيمكنهم ذلك من السيطرة على باقي إقليم دارفور.

وتقوم الميليشيا بشكل يومي بإطلاق الصواريخ والقذائف المدفعية على مدينة الفاشر، بالتركيز على معسكرات النازحين، خاصة معسكر (زمزم) المأهول بأعداد كبيرة من النازحين، معظمهم نساء وأطفال وكبار سن، لقي الكثيرون منهم حتفهم جراء القصف العشوائي.

ويسعى الجيش السوداني لفك الحصار عن الفاشر، وتوجيه الضربة الأخيرة القاضية لميليشيا الدعم السريع، فسيطرة الجيش على الفاشر، على غرار تحريره العاصمة الخرطوم، ستفتح له الطريق للسيطرة على بقية ولايات دارفور بسهولة، مما يعني نهاية ميليشيا الدعم السريع، التي لم يتبق لها وجود عسكري في السودان إلا في دارفور، وبالتالي تنتهي حرب شرسة اتسمت معاركها بالاستمرارية، وخلت المواجهات فيها من الهدن.

تشير التقديرات إلى أن حوالي 15 مليون شخص اضطروا للفرار من منازلهم في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع، نزحوا إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني، وحوالي 7 ملايين شخص عبروا الحدود إلى دول الجوار هربًا من جحيم الحرب.

وأكدت منظمة الصحة العالمية أن عددًا كبيرًا من الأشخاص نزحوا من منازلهم بسبب الحرب، ويعيش النازحون في أوضاع مأساوية داخل مخيمات تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة، مع تزايد خطر تفشي الأمراض المعدية مثل الكوليرا والحصبة بسبب نقص المياه النظيفة والرعاية الطبية.

وقالت منظمة الصحة العالمية، إن الحرب المستمرة في السودان منذ عامين تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني الملايين من الجوع، فيما تعرض آلاف آخرون للإصابة والتشريد القسري نتيجة استمرار الصراع المسلح بين الأطراف المتنازعة.

ووفقًا للتقرير، فإن النظام الصحي في السودان يواجه شبه انهيار، حيث خرج عدد كبير من المستشفيات عن الخدمة، بينما تعاني المستشفيات المتبقية من نقص حاد في الإمدادات الطبية والكوادر الصحية، كما تسبب القتال في تعذر وصول المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الغذائية والصحية في عدة مناطق، خاصة إقليم دارفور والخرطوم.

وأعلنت منظمة الأمم المتّحدة للطفولة "اليونيسف"، أنه خلال الحرب المستمرّة في السودان منذ عامين، ارتفع عدد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال بنسبة ألف بالمئة، مناشدة العالم عدم التخلي عن ملايين الأطفال المنكوبين.

وقالت المديرة التنفيذية للوكالة الأممية كاثرين راسل في بيان، إن "عامين من الحرب والنزوح حطما حياة ملايين الأطفال في سائر أنحاء السودان".

وسلطت "اليونيسف" في بيانها الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، بما في ذلك تعرض أطفال للقتل والتشويه والاختطاف والتجنيد القسري والعنف الجنسي، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات "ازدادت بنسبة ألف بالمئة خلال عامين" وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.

وبحسب أرقام "اليونيسف"، فإن عدد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا بجروح في السودان ارتفع من 150 حالة مؤكدة في عام 2022 إلى حوالي 2776 حالة في عامي 2023 و2024. وارتفع عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات من 33 حالة في 2022 إلى 181 حالة في العامين الماضيين.

وبالمقابل، تضاعف خلال عامين عدد الأطفال المحتاجين إلى مساعدات إنسانية، إذ ارتفع من 7.8 مليون في بداية 2023 إلى أكثر من 15 مليون طفل اليوم، وفقًا لليونيسف. وقالت راسل إن "السودان يعاني اليوم من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكنها لا تحظى باهتمام العالم".

وناشدت راسل المجتمع الدولي العمل لإنهاء الحرب المستمرة في السودان، مشيرة إلى أن 462 ألف طفل في هذا البلد معرضون لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد الشديد في الفترة ما بين مايو وأكتوبر.

وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش: "على مدار عامين، تركت الحرب الطاحنة ندوبًا عميقة في حياة ملايين السودانيين. فقد اجتاح النزاع جميع أنحاء البلاد، وامتد إلى المناطق الريفية والمراكز الحضرية، تاركًا المدنيين عالقين في كابوس لا يزول من الموت والدمار".

وأضافت: "شهدنا، خلال العامين الماضيين، نمطًا خبيثًا من تجريد الناس من إنسانيّتهم في أسلوب إدارة الحرب. يُقتل المدنيون ويُصابون، وتُنهب بيوتهم، وتُدمّر سبل عيشهم. كما يتفشّى العنف الجنسي، مخلفًا وراءه صدمات نفسية عميقة قد تمتد آثارها لأجيال. والأسوأ من ذلك، أن العاملين في المجال الإنساني والمستجيبين الأوائل يتعرضون لاعتداءات متعمدة في أثناء قيامهم بمهامهم المنقذة للحياة".

وتابعت: "يزداد النزاع فتكا مع الهجمات المتعمدة على البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء. وإذا نجا المدنيون من القتال، فإنهم يواجهون خطر الموت بسبب غياب المستشفيات العاملة أو عدم الحصول على مياه شرب آمنة".