الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تقسيم القطاع لمناطق منفصلة.. الاحتلال يخطط للبقاء في غزة لأجل غير مسمى

  • مشاركة :
post-title
آليات الاحتلال تهدم المنازل في رفح الفلسطينية

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

سيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على نحو ثُلث غزة، وضمت مساحات واسعة في شمال وجنوب القطاع إلى ما تسميه "المناطق الآمنة"، وأجبرت مئات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم، منذ استئناف الحرب في 18 مارس الماضي.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن جيش الاحتلال، بعد أن اعتمد بشكل رئيسي على الغارات الجوية خلال العام والنصف الأول من الحرب على غزة، يستولي الآن على الأراضي، ويهدد بالسيطرة عليها إلى أجل غير مسمى.

وقالت الصحيفة إن إسرائيل تستهدف إنشاء مناطق عازلة أعمق في غزة، منذ أن جددت هجومها البري على القطاع في 18 مارس، وأصبح أكثر من 30% من القطاع تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، حسبما نقلت عن مسؤول إسرائيلي.

ولفتت الصحيفة إلى أن معظم العدوان تركز على جنوب غزة، حيث أنشأت إسرائيل ممرًا أمنيًا جديدًا يحيط برفح الفلسطينية، وأعلن جيش الاحتلال عزمه ضم المدينة إلى ما يسميه "المنطقة العازلة الأمنية" بين القطاع والمستوطنات. كما أعلنت إسرائيل أيضًا عزمها على توسيع المناطق الأمنية حول مدينة غزة شمالًا.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء الماضي، إن "أراضي كثيرة يتم الاستيلاء عليها، وإضافتها إلى المناطق الأمنية في دولة إسرائيل، مما يجعل غزة أصغر وأكثر عزلة".

وتشير "وول ستريت جورنال" إلى أن احتمال الخسارة الدائمة للأرض يفتح جراحًا قديمة لسكان غزة، الذين ينحدر العديد منهم من أسر اضطرت إلى التهجير إبان إعلان قيام إسرائيل قبل أكثر من 75 عامًا.

واستأنف جيش الاحتلال الحرب على غزة في 18 مارس، بعد انهيار محادثات وقف إطلاق النار، حيث ترفض الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو إنهاء الحرب بشكل دائم.

واضطر الجزء الأكبر من سكان غزة، الذين تجاوز عددهم مليوني نسمة قبل الحرب، إلى النزوح عدة مرات، بسبب أوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.

وكان كثيرون من النازحين قد عادوا إلى أحيائهم القديمة، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين ودخل حيز التنفيذ في يناير، لكنهم اضطروا إلى النزوح مجددًا بعد أن استأنفت إسرائيل غاراتها الجوية وعملياتها البرية على القطاع.

وأفادت الأمم المتحدة بأن ما يقرب من 400 ألف فلسطيني نزحوا نتيجة أوامر الإخلاء الإسرائيلية بين 18 مارس و8 أبريل. وأضافت أن حوالي ثلثي القطاع إما يخضع لأوامر إخلاء أو تعتبره إسرائيل منطقة محظورة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت الماضي أن قواته أكملت إنشاء ما يُسمى بممر موراج، وهو طريق يربط بين شرق القطاع وغربه، ويفصل رفح الفلسطينية عن باقي القطاع. وقبل نحو أسبوعين، أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء للمدينة الفلسطينية بأكملها، حيث كان يعيش مئات الآلاف قبل الحرب. وتقوم قوات الاحتلال حاليًا بتدمير أجزاء من رفح الفلسطينية.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن سارة صبحي، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 32 عامًا، أن جيش الاحتلال استأنف العدوان على رفح الفلسطينية في نفس اليوم الذي أرسلت فيه أثاثًا إلى منزلها شبه المكتمل في المدينة، حيث كانت تأمل العودة. والآن، تلجأ إلى مدينة خان يونس المجاورة، وتشاهد رفح "تتحول إلى أعمدة دخان سوداء".

وفقدت سارة صبحي وأخواتها الخمس ووالداها ستة منازل في رفح الفلسطينية، وقالت إنه رغم صعوبة فقدان منازلهم، إلا أن فكرة فقدان الأرض نفسها أشد وطأة. وأضافت: "لنفترض أننا تخلينا عن المنازل، لكننا لا نريد التخلي عن الأراضي. كنت سعيدة لأنني اشتريت أرضًا قبل أن أبلغ الثلاثين، والآن ضاعت مني".

ويعمل جيش الاحتلال أيضًا على إنشاء ممر آخر شمال مدينة غزة، والذي يقطعها عن الأحياء المكتظة بالسكان إلى الشمال منها، في شهر مارس، استعادت القوات الإسرائيلية السيطرة على "ممر نتساريم"، وهي منطقة أمنية مترامية الأطراف قامت إسرائيل بتوسيعها طوال الحرب؛ مما أدى إلى قطع شمال غزة عن بقية القطاع، والنتيجة هي أن القطاع الفلسطيني، الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا، مقسم حاليًا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أربع مناطق منفصلة.

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن إسرائيل في بداية الحرب، عندما نقلت قواتها من مكان إلى آخر، أكدت مرارًا وتكرارًا أنها لن تحتل أي أراضٍ في القطاع، لكن الآن من المرجح أن تسيطر على أراضٍ، للضغط على حماس للإفراج عن المحتجزين.

ونقلت الصحيفة عن محللين أمنيين إسرائيليين قالوا إنه ليس من الواضح ما الذي ستفعله حكومة نتنياهو بتلك المناطق إذا لم يتوصل الجانبان إلى اتفاق. وكشف مسؤولون إسرائيليون أن جيش الاحتلال سيحافظ على منطقة عازلة دائمة بين غزة والمستوطنات. وكان ذلك يعني سابقًا حزامًا بعرض نصف ميل تقريبًا على طول محيط غزة، حيث دمرت إسرائيل جميع بنيتها التحتية تقريبًا.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى المقترح الجديد المطروح لوقف إطلاق النار في غزة، الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الممرات التي تقسم غزة، فضلاً عن الموافقة على إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والتوقف عن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حيث أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة في مارس.