تشهد مدينة برمنجهام البريطانية أزمة صحية غير مسبوقة مع انتشار الفئران الضخمة في شوارعها، نتيجة تراكم آلاف الأطنان من النفايات، بسبب إضراب عمال النظافة المستمر منذ شهر، ما استدعى تدخل الجيش وإعلان حالة الطوارئ، ما جعل ثاني أكبر مدينة في بريطانيا تواجه تحديًا صحيًا وبيئيًا خطيرًا، بحسب صحيفة "إندبندنت".
القمامة تغرق المدينة
بدأت المشكلة 11 مارس الماضي، عندما أعلن عمال النظافة إضرابًا مفتوحًا، احتجاجًا على قرار المجلس البلدي إلغاء وظائف مسؤولي إعادة التدوير وجمع النفايات.
وتقول نقابة "يونايت" العمالية، إن هذا القرار سيتسبب في خسارة نحو 150 عاملًا لمبالغ تصل 8000 جنيه إسترليني سنويًا من رواتبهم، وهو ما يمثل ربع دخلهم تقريبًا، وفقًا للصحيفة.
ومع استمرار الإضراب لأكثر من شهر، أعلن مجلس مدينة برمنجهام، 31 مارس الماضي، حالة طوارئ بسبب المخاوف الصحية، إذ تراكمت النفايات حتى بلغت نحو 17 ألف طن، وفقًا لتقديرات نشرتها "ديلي ميل".
"فئران بحجم القطط" تُسيطر على الشوارع
تحولت أكوام القمامة إلى بيئة مثالية لتكاثر القوارض، التي وصفها السكان بأنها "بحجم القطط الصغيرة".
وأطلق السكان عليها لقب "سكويكي بلايندرز" (العصابة الصغيرة)، في إشارة ساخرة إلى سيطرتها على المدينة مثل عصابة "بيكي بلايندرز" التاريخية التي اشتهرت في برمنجهام.
ويقول ويليام تيمز، خبير مكافحة الآفات المعروف محليًا باسم "رجل الفئران": "اصطدت فأرًا يبلغ طوله 22 بوصة مؤخرًا.. نحن في عام 2025، وفي بعض مناطق برمنجهام الوضع يشبه دولة متخلفة، إنه أمر مقزز حقًا".
وأضاف في حديثه لصحيفة "ديلي ميل"، أنه في ظل هذه الظروف "إذا وضعت ذكرًا وأنثى من الفئران، فخلال عام واحد سيكون لديك ما يقرب من مليون فأر".
سكان المدينة يعيشون كابوسًا
روت طالبة الجامعة ساندي دو تجربتها المرعبة، قائلة: "نرى الفئران طوال الوقت بالقرب من سكننا في الليل تبحث في صناديق القمامة. إنها كبيرة بُنية اللون، بحجم القطط الصغيرة"، معربة عن مخاوفها من الأمراض التي قد تنقلها هذه القوارض، وفق ما نقلت "ديلي ميل".
وقالت كيم بليكمان، إحدى سكان المنطقة: "الفئران مثل القطط الصغيرة وذيولها سميكة جدًا. يمكن رؤيتها تقفز من السيارات. فتحت غطاء محرك سيارتي الأسبوع الماضي ووجدت كمية كبيرة من فضلات الفئران بداخله".
مخاطر صحية وأزمة اقتصادية
وحذّر وزير الصحة البريطاني ويس ستريتينج، من خطورة الوضع، قائلًا: "مع تراكم أكياس القمامة، نرى الفئران وغيرها من الحشرات تزحف في كل مكان"، حسبما نقلت إذاعة "تايمز راديو".
وأوضح خبير مكافحة الآفات ويليام تيمز، أن المخاطر لا تقتصر على الاتصال المباشر بالفئران، بل تشمل أيضًا "استنشاق السموم التي تطلقها الفئران الميتة، ما قد يسبب صعوبات في التنفس.. من المحتمل أن يكون بعض الناس قد أصيبوا بأمراض خطيرة بالفعل".
وإلى جانب المخاطر الصحية، يواجه السكان تكاليف إضافية، إذ يخطط المجلس البلدي، الذي أعلن إفلاسه تقريبًا في 2023، لزيادة رسوم خدمة مكافحة الفئران من 24 جنيهًا إسترلينيًا إلى 26.40 للزيارة الواحدة، بعد أن كانت مجانية سابقًا، في خطوة أثارت غضب السكان.
الجيش يتدخل لاحتواء الأزمة
مع تفاقم الوضع، قررت الحكومة البريطانية الاستعانة بمخططين عسكريين للمساعدة في التعامل مع الأزمة.
وأوضحت شبكة "سكاي نيوز" أن المبادرة تشمل ثلاثة مخططين عسكريين فقط سيعملون من المكاتب لتقديم الدعم اللوجستي المؤقت، دون نشر جنود لجمع النفايات.
وحول التعامل مع الأزمة، صرّح متحدث باسم الحكومة بأنه "في ضوء المخاطر المستمرة على الصحة العامة، تم توفير عدد قليل من العسكريين من ذوي الخبرة في التخطيط لدعم مجلس مدينة برمنجهام. هذا يكمل مجموعة من الإجراءات التي دعمناها مثل توفير سيارات وفرق إضافية من السلطات المجاورة".