تسعى ألمانيا إلى بناء "جدار طائرات بدون طيار" على طول الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي "الناتو" مع روسيا؛ للمساعدة في الدفاع عن حلفائها في منطقة البلطيق من أي غزوٍ مستقبلي.
وتصدّر تقرير صحيفة "التلجراف" البريطانية، بتعهد فريدريش ميرز، المستشار الألماني الجديد، بإعادة تسليح ألمانيا ردًا على التهديد من روسيا، حيث أقر الشهر الماضي إصلاحات تاريخية من شأنها أنَّ تفتح الباب أمام إنفاق غير محدود على مشاريع الدفاع.
ومن المقرر، أن يؤدي "ميرز" اليمين الدستورية كمستشار لألمانيا في أوائل مايو المقبل، بعد أن نجح في التوصل إلى اتفاق ائتلافي مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط.
آلاف الطائرات بدون طيار
وتناقش صناعة الأسلحة الألمانية الآن فكرة بناء أسطول من الطائرات بدون طيار أو "جدار الطائرات بدون طيار" للدفاع عن كل أو أجزاء من الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي.
وبحسب الصحيفة، فإنَّ الجدار، المعروف أيضًا باسم "مركز الطائرات بدون طيار" في دوائر صناعة الدفاع، من شأنه أنَّ يتكون من مئات، وإنَّ لم يكن آلاف الطائرات بدون طيار التي من شأنها مسح الحدود، والعمل كنظام كشف مبكر وردع روسيا.
وتشترك الدول الأعضاء الشرقية في حلف شمال الأطلسي "الناتو" فنلندا وإستونيا ولاتفيا في حدود طويلة ومفتوحة مع روسيا، ويخشى المسؤولون الغربيون أن تصبح هذه الحدود بؤرة مواجهة كبرى مع موسكو في المستقبل.
تبني ألمانيا لـ "فكرة الجدار"
وكانت حكومات فنلندا وليتوانيا والنرويج وبولندا قد مارست ضغوطًا في السابق من أجل بناء جدار من الطائرات بدون طيار يمتد عبر القارة بتمويل من الاتحاد الأوروبي، لكن بروكسل رفضت هذا الاقتراح هذا الأسبوع، مما فتح الباب أمام نهج تقوده ألمانيا.
ومن بين الشركات الألمانية التي تتطلع إلى المساهمة في جدار الطائرات بدون طيار شركة Quantum Systems التي يقع مقرها في بافاريا، والتي قالت إنها قد تصنع بعض الطائرات بدون طيار المطلوبة للمشروع في غضون عام واحد فقط.
آلاف الطائرات الاستطلاعية
من جانبه، قال مارتن كركور، كبير مسؤولي المبيعات في شركة كوانتوم سيستمز: "بفضل التنسيق السياسي المناسب، يُمكن نشر طبقة تشغيلية أولى - باستخدام تقنيات موجودة ومُجرّبة - في غضون عام، هذه التقنيات جاهزة وما زال هناك حاجة إلى استراتيجية على مستوى الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي".
وأضاف: "لدينا القدرة على إنتاج مئات الطائرات الاستطلاعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي شهريًا وتوسيع نطاقها بشكل أكبر".
وأكد أن المشروع يعد مهمة ضخمة قد تحتاج إلى إشراك العديد من شركات الدفاع والتكنولوجيا، فضلاً عن رؤية واضحة من المستويات العليا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
وأوضح "كركور"، أنه من المهم أن يتم إنشاء جدار الطائرات بدون طيار، أو "الرابط"، داخل أوروبا بسبب المخاوف المتزايدة من أن القارة لم تعد قادرة على الاعتماد على الضمانات الأمنية الأمريكية.
الأنظمة الأوروبية
تضمن الأنظمة الأوروبية الصنع استقلالية استراتيجية وتحافظ على البيانات الحساسة تحت السيطرة الأوروبية.
وأضاف، في إشارة إلى قدرة الولايات المتحدة المزعومة على إيقاف الأسلحة التي تبيعها لأوروبا عن بُعد، أن مسألة "مفتاح الإيقاف" تحمل بعض الحقيقة، حتى فيما يتعلق بدعم الأنظمة الحالية برمجيًا.
وأضاف أن "الأنظمة الأوروبية يمكن أيضًا تكييفها مع المعايير القانونية والتشغيلية المحلية - وهذا أمر بالغ الأهمية للأمن السيادي".
وتستخدم القوات الأوكرانية بالفعل أسطول الطائرات بدون طيار الذي اكتسب خبرة قتالية كبيرة من شركة Quantum Systems، مثل كتيبة Achilles، التي تشير التقديرات إلى أنها دمرت أنظمة مضادة للطائرات والصواريخ الروسية بقيمة 56 مليون دولار (43 مليون جنيه إسترليني) منذ بدء العملية الروسية.
الطائرات بديل لـ "حقول الألغام"
وتطرق تقرير التلجراف، إلى حديث شركة الدفاع "هلسينج" ومقرها ميونيخ، والتي أبدت اهتمامها بفكرة الجدار، وأن دوريات الطائرات بدون طيار يمكن استخدامها كبديل لحقول الألغام على الحدود بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
وفي مقابلة أُجريت معه مؤخرًا، ناقش جوندبرت شيرف، الرئيس التنفيذي لشركة هلسينج، فكرة بناء جدار من الطائرات بدون طيار يمتد على طول الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، من فنلندا إلى بلغاريا.
وقال لصحيفة "دويتشلاند فونك" الألمانية: "إذا نشرنا هناك أعدادًا كبيرة، واعتمدنا على قدرات غير متكافئة وركزنا عشرات الآلاف من الطائرات بدون طيار المقاتلة هناك، فسيكون ذلك رادعًا تقليديًا موثوقًا للغاية".
في شهر مارس، أقر ميرز، زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي من يمين الوسط، تشريعًا رئيسيًا في البرلمان الألماني جعل مشاريع الدفاع التي تكلف أكثر من 1% من الناتج المحلي الإجمالي معفاة من "كبح الديون"، وهو حد صارم على الاقتراض.
الإنفاق العسكري الألماني
وشكلت هذه الإصلاحات تحولًا كبيرًا بالنسبة لألمانيا، إذ أنهت نفورها بعد الحرب من الإنفاق العسكري الضخم وتحمل الديون الحكومية المفرطة.
كما أثاروا احتمال حدوث طفرة في صناعة الدفاع الألمانية، التي تقدم بالفعل دعمًا عسكريًا كبيرًا لأوكرانيا من خلال شركة راينميتال لتصنيع الدبابات والمدفعية، إلى جانب شركات أخرى.