الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

اتهامات بهشاشة المنظومة.. سقوط مروحية في نيويورك تفتح جراح الطيران الأمريكي

  • مشاركة :
post-title
فرق الشرطة والإطفاء من نيويورك تستجيب لموقع حادث تحكم المروحية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

بين السماء والماء في لحظة خاطفة، تحوّلت نزهة سياحية إلى مأساة دامية فوق مياه نهر هدسون الباردة في نيويورك، إذ كانت المروحية تحلّق بعائلة إسبانية وخمسة ركاب آخرين، قبل أن تنقلب رأسًا على عقب وتتهاوى الطائرة إلى النهر، مخلفةً وراءها جثثًا مقطّعة.

كارثة في وضح النهار

تحطّمت مروحية سياحية فوق نهر هدسون في مدينة نيويورك عصر أمس الخميس (بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة)، بعدما انفصلت أجزاؤها في الجو وانقلبت رأسًا على عقب، لتستقر في قاع النهر، وبحسب ما أفاد به عمدة المدينة إريك أدامز، أسفر الحادث عن مقتل ستة أشخاص، من بينهم ثلاثة أطفال ينتمون إلى عائلة إسبانية كانت في رحلة سياحية.

وصرّح أدامز بأن المروحية انطلقت من مهبط في وسط مانهاتن نحو الساعة الثالثة بعد الظهر، ولم تستغرق رحلتها أكثر من 18 دقيقة قبل أن تنتهي بفاجعة، وقال إن الجثث انتُشلت من النهر، بجهود شاركت فيها فرق الغواصين وقوارب الإنقاذ.

قال الشاهد بروس وول إنه رأى المروحية تنهار في السماء، واصفًا المشهد بـ"المرعب"، إذ انفصل ذيل المروحية ومروحتها الرئيسية، لكن المروحة كانت لا تزال تدور خلال السقوط دون أن تصطدم بالطائرة، وأوضح أن المشهد بدا كأن المروحية "تُبتلع في الهواء".

وأظهر مقطع فيديو التقطه أحد الشهود لحظة سقوط الطائرة وأجزائها في الهواء، فيما ظهرت المروحية مقلوبة ومغمورة جزئيًا بالماء، بينما كانت فرق الإنقاذ تحاول الوصول إليها بالقرب من رصيف صيانة تابع لنفق هولاند.

نوع الطائرة والتحقيقات الأولية

المروحية التي تحطّمت كانت من طراز "بيل 206"، وهو طراز شائع الاستخدام في الرحلات التجارية والسياحية والمهام الحكومية، والذي طُوِّر في الأصل لأغراض عسكرية من قبل الجيش الأمريكي، ثم عُدِّل لاستخدامات مدنية، وصُنعت منه آلاف النسخ عبر السنوات.

وأعلنت الهيئة الوطنية لسلامة النقل (NTSB) أنها فتحت تحقيقًا رسميًا في الحادث للوقوف على أسبابه، وفي السياق ذاته، أوضح جاستن جرين، محامي طيران وطيار مروحي سابق في سلاح مشاة البحرية، أن الفيديو يشير إلى "عطل ميكانيكي كارثي"، وربما يكون السبب هو اصطدام الدوارات الرئيسية بذيل الطائرة، ما أدى إلى تفتيته وسقوط المقصورة سقوطًا حرًا.

قال جرين: "هؤلاء الضحايا ماتوا فور وقوع الحادث.. لم تكن هناك أي فرصة للسيطرة على الطائرة بعد ذلك، ما حدث كان أقرب إلى سقوط صخرة من السماء".

سجل طويل من الحوادث

ليست هذه المأساة الأولى من نوعها في سماء نيويورك، بل تضاف إلى سلسلة من الكوارث الجوية التي شهدتها المدينة خلال العقود الماضية، ووفقًا لوكالة "أسوشيتد برس"، لقي ما لا يقل عن 38 شخصًا مصرعهم في حوادث تحطم مروحيات بمدينة نيويورك منذ عام 1977، عندما أدى تحطم مروحية فوق مبنى "بان أم" إلى مقتل خمسة أشخاص.

من أبرز هذه الحوادث: في 2009 اصطدمت مروحية سياحية بطائرة صغيرة فوق نهر هدسون، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص، وفي 2018 تحطّمت مروحية مستأجَرَة لتقديم رحلات "الباب المفتوح" في نهر إيست، ما أدى إلى مقتل خمسة ركاب، وفي 2019 اصطدمت مروحية بسقف ناطحة سحاب في مانهاتن، وقُتل الطيار، وفي 2021 لحقت أضرار جسيمة بمروحية أثناء هبوطها في مانهاتن دون إصابات، وفي 2004 اصطدمت مروحية إخبارية بمبنى في بروكلين ونجا جميع ركابها.

هذا السجل المقلق يدفع بالكثير من سكان المدينة للمطالبة بمراجعة عاجلة لترخيص الرحلات السياحية الجوية التي تشهد رواجًا متزايدًا رغم خطورتها.

اصطدام طائرتين في واشنطن

وفي اليوم ذاته، وقعت حادثة اصطدام طائرة أخرى في مطار واشنطن ريجان الوطني، حيث اصطدمت طائرة بجناح أخرى كانت تستعد للإقلاع، وكانت الطائرة تقل سبعة أعضاء من الكونجرس من منطقة نيويورك الكبرى، إلى جانب عشرات الركاب.

وكشف السيناتور الديمقراطي تيم كين عن أن الحادث جاء نتيجة مباشرة لتقليصات في ميزانية إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، محذرًا من أن "تخفيض تمويل الهيئة وفصل مراقبي الحركة الجوية يزيد من خطر الحوادث"، كما أضاف النائب جريج ميكس أن الحادث يبرز الحاجة الملحة لمزيد من الاستثمار في البنية التحتية للطيران.

وأكدت إدارة الطيران الفيدرالية، في بيان، أنها فتحت تحقيقًا في الواقعة، مشيرة إلى أن كلا الطائرتين كانتا تابعتين لشركة الخطوط الجوية الأمريكية.

مراجعة سياسات السلامة

تأتي هذه الحوادث في ظل تصاعد القلق داخل الولايات المتحدة بشأن سلامة النقل الجوي، خصوصًا بعد سلسلة من الحوادث خلال الأشهر الأخيرة، من بينها تحطم طائرة نقل طبي في فيلادلفيا في يناير أودى بحياة سبعة أشخاص، واصطدام طائرة تجارية بمروحية عسكرية في واشنطن، في أسوأ كارثة جوية منذ عقود.

ويعزز تكرار هذه الحوادث دعوات الكونجرس والجهات الرقابية لإعادة تقييم هيكلية وأولويات هيئة الطيران الفيدرالية، وفرض قيود أكثر صرامة على الرحلات الجوية الترفيهية، خصوصًا في المناطق الحضرية المزدحمة مثل مانهاتن.