الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وجوه بيكاسو السينمائية.. عبقري متهم ورمز للعصر والأحلام

  • مشاركة :
post-title
بابلو بيكاسو

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

في مثل هذا اليوم، الثامن من أبريل، رحل بابلو بيكاسو عام 1973، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا لا يُضاهى، إذ يُعد الرسام والنحات الإسباني الأشهر أحد أبرز فناني القرن العشرين وأكثرهم تأثيرًا؛ لذا لم يكن غريبًا أن تسلط السينما أضواء كاميراتها على مسيرته الفنية، عبر العديد من الأفلام المختلفة في طريقة سردها وأيضًا نوعيتها ووجهات نظرها.

الأفلام التي تناولت حياة بيكاسو، لم تقترب جميعها من عبقريته الفنية، كما هو المعتاد في تعامل الشاشة الكبيرة في تكريمها لمسيرة المبدعين، إذ تنوعت الأفلام التي تناولت بيكاسو بين وثائقيات جادة، ودراما رومانسية، وسينما سريالية، وحتى كوميديا عبثية، إلا أن المشترك بينها جميعًا كان محاولة فهم هذا الفنان المثير للجدل، سواء من خلال شخصه أو من خلال رمزيته في عوالم الفن، والحب، والسياسة، والصراعات الإنسانية.

من أبرز تلك المحاولات فيلم Surviving Picasso "النجاة من بيكاسو" (1996)، الذي أخرجه جيمس آيفوري، وبطولة أنتوني هوبكنز في دور الفنان الإسباني، ويتناول الفيلم العلاقة المضطربة بين بيكاسو وحبيبته الرسامة والمؤلفة فرانسواز جيلو، لكنه يبتعد عن بيكاسو الفنان، ويقدمه كشخص منشغل بعلاقاته النسائية ومزاجه المتقلب.

لم يحصل صناع الفيلم على حقوق كتاب "حياتي مع بيكاسو" الذي كتبته جيلو، فاستندوا إلى سيرة أخرى مثيرة للجدل، ما جعل العمل أقرب إلى الكاريكاتير منه إلى التوثيق الجاد.

فيلم "النجاة من بيكاسو"

في المقابل، سعى فيلم Young Picasso "بيكاسو الشاب" الصادر عام 2019 للمخرج فيل جرابسكي، إلى استكشاف الجذور الفنية للرسام، ويُعد أحد أفضل الأعمال التي تناولت السيرة الذاتية له، مركزًا على سنواته الأولى في حياته والتي لم تُسلط الأضواء عليها من قبل، في محاولة لفهم كيف بدأ هذا العبقري مشواره.

ومن أكثر الأفلام سريالية وغرابةThe Adventures of Picasso "مغامرات بيكاسو"، الذي يسرد حياته بأسلوب فانتازي ساخر، من سنواته الأولى، إلى مرحلة الشباب والنضج، إلى السنوات التي سبقت وفاته مباشرة. واعتمد الفيلم على أسلوب سرد يتلاعب بالحقائق إلى حد لا يمكن تصديقه، ما يجعله أشبه بحكاية أسطورية عبثية أكثر منه سيرة ذاتية.

في عام 2012، صدر الفيلم الإسباني "عصابة بيكاسو" La banda Picasso للمخرج فرناندو كولومو، مستلهمًا حادثة حقيقية حين اتُهم بيكاسو وصديقه أبولينير بالضلوع في سرقة لوحة الموناليزا عام 1911، قبل أن تبرئهما الشرطة لاحقًا.

فيلم "عصابة بيكاسو" لا يتناول الفنان نفسه أو حتى سرقة "الموناليزا"، بل يتناول الحياة اليومية لطبقة بوهيمية باريسية متعددة الجنسيات في أوائل القرن العشرين، ويجسد الفيلم روح العصر ببراعة، فهو يشبه إلى حد كبير فيلم وودي آلن "منتصف الليل في باريس" الذي عُرض قبل عام، حتى إن الفيلم رُشح لجائزة جويا لأفضل أزياء عام 2013.

فيلم "مغامرات بيكاسو"

أما فيلم The Picasso Summer "صيف بيكاسو" الصادر عام 1969 فقد اختار تناول بيكاسو من زاوية فلسفية، إذ لا يظهر الفنان فعليًا في أغلب مشاهد الفيلم، بل يتحول إلى رمز للحرية والسعي وراء الذات.

بطل الفيلم، مهندس شاب "جورج" يشعر بالضياع، ينطلق في رحلة وجودية مع زوجته "أليس" إلى فرنسا أملًا في لقاء بيكاسو، لكنه في النهاية يعجز عن الوصول إليه، فبعدما وصلا إلى مسكنه في جنوب فرنسا، أخبرهما أمن المنزل أن بيكاسو لا يستقبل زوارًا.

يعود جورج وقد خاب أمله تمامًا؛ لأن سعيه الكبير باء بالفشل، ويعتذر لـ"أليس" لأخذها في إجازة بائسة كهذه، يسبحان لآخر مرة على الشاطئ قبل أن يبتعدا مع غروب الشمس، دون أن يلاحظا بيكاسو، الذي كان على الشاطئ نفسه مع عائلته، يقف على بعد بضع مئات من الأمتار، يرسم أشكالًا خيالية على الرمال.

فيلم "صيف بيكاسو"

أما الفيلم الوثائقي "الجميلة والوحش" فقد غاص في الجانب المظلم من حياة بيكاسو، مستعرضًا علاقاته النسائية المثيرة للجدل، تضمن العمل مقابلات مع أفراد عائلته، وناقش اتهامات تتعلق بعلاقاته بفتيات قاصرات، ووقائع صادمة.

أخيرًا، لا يمكن تجاهل الفيلم الوثائقي "لغز بيكاسو" Le mystère Picasso، للمخرج هنري جورج كلوزو والصادر عام 1956، ويُعد من أندر الوثائق السينمائية عن الفنان. يقدم الفيلم تجربة بصرية نادرة، إذ نرى بيكاسو يرسم أمام الكاميرا، باستخدام قماش شفاف يُظهر ضربات ريشته لحظة بلحظة، ما يتيح للمشاهد الدخول إلى عقل الفنان ورؤية لحظة الخلق.