يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى استغلال العلاقات التاريخية الوثيقة بين فرنسا ومصر للتوصل إلى وقف إطلاق نار في الشرق الأوسط، خلال زيارته القاهرة، بالإضافة إلى القمة الثلاثية المخطط لها التي ستجمعه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وملك الأردن عبدالله الثاني.
ويقضي "ماكرون" ثلاثة أيام في القاهرة، ابتداءً من مساء اليوم الأحد، وسيجري مجددًا محادثات مع نظيره المصري، في لقائهما الثاني عشر في القاهرة أو باريس منذ تولي ماكرون منصبه عام 2017، لكن هذه الزيارة قد تكتسب أهمية خاصة، بحسب "دويتشه فيله".
وتأمل فرنسا أيضَا تحقيق انفراجة في الصراع في الشرق الأوسط، ويرجع ذلك جزئيًا إلى دورها القديم كجسر إلى العالم العربي، وقالت المتحدثة باسم قصر الإليزيه: "سنتحدث عن الأزمات في المنطقة".
وقف إطلاق النار
وتتجه الأنظار صوب غزة بعد أن انتهكت إسرائيل مؤخرًا وقف إطلاق النار الذي اتفقت عليه مع حماس، وقالت متحدثة باسم قصر الإليزيه: "سنناقش وقف إطلاق النار وإمكانية إنهاء الحرب، كما نرغب في ترسيخ شراكة استراتيجية بين فرنسا ومصر، على غرار الشراكة القائمة بالفعل بين مصر والاتحاد الأوروبي".
وتتميز العلاقات الفرنسية المصرية منذ عقود، وتوجد العديد من الشركات الفرنسية نشطة في مصر، ويعمل بها عشرات الآلاف من الموظفين.
في مطلع مارس الماضي، اجتمعت الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وعددها 22 دولة، في العاصمة المصرية، واتفقت على خطة لإعادة إعمار غزة خلال خمس إلى سبع سنوات، وسيبقى سكان المنطقة في القطاع، والهدف هو أن تُدار من قِبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
الخطة العربية لإعمار غزة
وقالت المتحدثة باسم قصر الإليزيه إن الخطة العربية تشكل أساسًا جيدًا للمناقشات، لكنها تحتاج إلى التوسع في ما يتعلق بالضمانات الأمنية وشكل الحكومة المستقبلية في غزة، مضيفة أن نتائج الزيارة سيتم تقديمها أيضًا إلى واشنطن في وقت لاحق.
بدوره، قال الدكتور أسامة السعيد، رئيس تحرير صحيفة الأخبار المصرية، إن زيارة ماكرون مصر في هذا التوقيت، تعكس حرصه على استمرار التشاور مع القاهرة.
وأضاف، خلال مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية، أن هذا التوقيت له أهمية مضاعفة، بسبب الملفات الإقليمية التي تحظى بأهمية كبيرة في علاقات القاهرة وباريس، كما أن الملف الفلسطيني حاضر بقوة على طاولة النقاش، خاصة أن الوضع في غزة يمثل قلقًا لكل الأطراف.
تعاون واسع
ولفت إلى أن فرنسا لها اهتمامات بما يجري في المنطقة، ولديها تحفظات على السلوك الإسرائيلي، كما أنها أعلنت دعم الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، ولها مواقف مهمة في ما يتعلق بأهمية إنفاذ المساعدات الإنسانية.
وأوضح أن مصر وفرنسا بينهما علاقات متميزة وتعاون في مجالات التعليم والصحة والطاقة، لافتًا إلى أن الزيارة ستشمل توقيع عدد كبير من الاتفاقيات في مجالات التعاون المختلفة.
وأردف أن فرنسا دولة مؤثرة في الاتحاد الأوروبي، ويمكن أن يكون لها دور في حشد الدعم الدولي والأوروبي على وجه التحديد لإعادة إعمار القطاع دون تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، متابعًا: "فرنسا تقوم بدور حيوي في المجتمع الأوروبي يمكن يوفر دعمًا ماليًا لخطة إعادة الإعمار".
وأشار إلى أن زيارة ماكرون مصر، ستتضمن زيارة لمعبر رفح والعريش، وسيلتقي عددًا من العاملين في المجال الإنساني ومجال الإغاثة.
مذكرة تفاهم صحية
يشهد الرئيسان توقيع مذكرة تفاهم صحية جديدة بين القاهرة وباريس تهدف إلى المساعدة في علاج الفلسطينيين الذين جرى إجلاؤهم من غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
كما يشهدان توقيع 10 اتفاقيات مؤسسية بين الحكومتين المصرية والفرنسية، و12 اتفاقية اقتصادية خلال منتدى الأعمال، تشمل مجالات الصحة والنقل والمياه والطاقة المتجددة.
زيارة جامعة القاهرة والمتحف المصري
ويزور ماكرون جامعة القاهرة، حيث يشهد توقيع شراكات بين جامعات فرنسية ومصرية، كما يجري زيارة خاصة إلى المتحف المصري الكبير قبل افتتاحه المقرر في يوليو المقبل.
زيارة ماكرون العريش
ويجري ماكرون زيارة إلى مدينة العريش، حيث يجتمع مع فرق تابعة لمنظمات غير حكومية فرنسية ودولية، بالإضافة إلى الهلال الأحمر المصري.
ويرافق ماكرون وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد والصحة والنقل والبحث العلمي، وبحسب الإليزيه، فإن المحادثات ستتناول الأوضاع في ليبيا والسودان ولبنان وسوريا.
تعاون اقتصادي والاهتمام بالطاقة
وتأتي الزيارة لتعزيز العلاقات بين باريس والقاهرة، وهو ما سيظهر من خلال التوقيع على اتفاق شراكة استراتيجية معززة، إذ سيغتنم الطرفان فرصة الزيارة من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي، وسيلتئم منتدى الأعمال المشترك برئاسة ماكرون والسيسي، والذي سيتناول مسائل الصحة والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، فضلاً عن النقل الذي سيحظى بجلسة خاصة، نظرًا للتعاون القديم والواسع بين الطرفين في هذا القطاع.
كما ستشمل الزيارة التعاون في المجالات الثقافية والتعليمية والبحثية المختلفة، وسيتم توقيع مجموعة من الاتفاقات، بما فيها تعليم اللغة الفرنسية.
وفيما يخص الانتخابات المقبلة لمنصب مدير عام اليونيسكو، فإن باريس ستؤكد مجددًا دعمها لمرشح مصر، خالد العناني، وزير الآثار والسياحة السابق.
العلاقات المصرية الفرنسية
تقوم العلاقات المصرية الفرنسية على روابط تاريخية مميزة تستند إلى الصداقة والثقة المتبادلة، ونمت هذه الروابط بشدة خلال فترة حكم الرئيس السيسي. حيث حرصت القيادة السياسية في البلدين على مختلف المستويات على التشاور المستمر وبحث كل القضايا ذات الاهتمام المشترك والحوار السياسي الوثيق بشأن القضايا الإقليمية كعملية السلام في الشرق الأوسط وليبيا وسوريا أو حتى إفريقيا.
كما تعد مصر كذلك شريكًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ولعل الزيارات الثنائية رفيعة المستوى وذلك بوتيرة زيارة في السنة تقريبًا على مستوى رئاسة الدولة لأبرز دليل على عمق وقوة العلاقات السياسية بين الدولتين.
مشاركة أردنية
أفادت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الأحد، بمشاركة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني القمة الثلاثية غدًا المنعقدة بالقاهرة، بحضور الرئيس المصري ونظيره الفرنسي.
وذكرت (بترا) أن القمة الثلاثية التي تنعقد بدعوة من الرئيس المصري، ستبحث التطورات الخطيرة في قطاع غزة.
وأعلن قصر الإليزيه أن القمة الثلاثية ستعقد في اليوم نفسه في العاصمة المصرية، كما سيتوجه الرئيس الفرنسي إلى مدينة العريش -على بعد 50 كيلومترًا من قطاع غزة- الثلاثاء؛ للقاء جهات إنسانية وأمنية و"لإظهار سعيه المستمر" لوقف إطلاق النار.