قال حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، إنه وجَّه إدارته للبحث عن فرص جديدة لتوسيع التجارة، في محاولة لتفادي الضرر الناتج عن الرسوم الجمركية الضخمة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات للولايات المتحدة.
وتلعب كاليفورنيا، خامس أكبر اقتصاد في العالم، دورًا محوريًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي الأمريكي، وبصفتها أكبر مستورد وثاني أكبر مصدر بين الولايات الأمريكية، إذ يتجاوز حجم التبادل التجاري 675 مليار دولار، تتمتع كاليفورنيا بتأثير اقتصادي كبير، لذلك قد يكون لرسوم ترامب الجمركية تأثير كبير، إذ قد تزيد التكاليف على شركات كاليفورنيا، وتعطل سلاسل التوريد العالمية، وتشكل ضغطًا على الصناعات الحيوية داخل الولاية.
وفي منشور على موقع التواصل الاجتماعي" إكس"، خاطب "نيوسوم" شركاء الولايات المتحدة التجاريين العالميين، وكتب "كاليفورنيا هنا ومستعدة للتحدث".
ويأتي ذلك بعد أن كشف تقرير لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية، أن نيوسوم يوجِّه ولايته إلى السعي إلى إقامة علاقات "استراتيجية" مع الدول التي تعلن عن فرض رسوم جمركية انتقامية ضد الولايات المتحدة، وحثها على استبعاد المنتجات المصنوعة في كاليفورنيا من تلك الضرائب.
وردًّا على ذلك، قال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي، لشبكة "فوكس نيوز": "يجب على جافين نيوسوم التركيز على التشرد الخارج عن السيطرة، والجريمة، واللوائح، وعدم القدرة على تحمل التكاليف في كاليفورنيا بدلًا من محاولة عقد الصفقات الدولية".
وفرض البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، تعريفة جمركية أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات، بما في ذلك تلك القادمة من حلفاء الولايات المتحدة والمناطق غير النشطة اقتصاديًا، إلى جانب معدلات أعلى للدول ذات الفوائض التجارية الكبيرة مع الولايات المتحدة.
تشمل الرسوم الجمركية ضريبة بنسبة 34% على الواردات من الصين، و20% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، و25% على كوريا الجنوبية، و24% على اليابان، و32% على تايوان، لكن المكسيك وكندا اللتين تستورد منهما معظم المنتجات الأمريكية، معفيتان من أحدث رسوم ترامب، إلا أن الرسوم الجمركية البالغة 25% التي فرضها ترامب على كلا البلدين الشهر الماضي ستبقى كما هي.
وأحدث إعلان ترامب اضطرابًا في الأسواق، أمس الخميس، إذ سجلت بورصة "وول ستريت" أسوأ يوم لها منذ عام 2020، عندما كان كوفيد-19 في ذروته.
في غضون ذلك، ردَّت الصين بفرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 34% أمس الجمعة، في أولى بوادر حرب تجارية شاملة قد تعوق الواردات والصادرات. وتدرس دول أخرى الآن فرض رسوم جمركية انتقامية.
وفي ظل الاضطرابات، تشعر إدارة نيوسوم بالقلق من أن صناعة اللوز في كاليفورنيا، وهي مصدر زراعي رئيسي، قد تخسر مليارات الدولارات، إذ تفرض دول مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية انتقامية، حسبما ذكرت" فوكس نيوز".
وصرح مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لـ"فوكس نيوز"، بأن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب ستعوق الوصول إلى الإمدادات الأساسية، مثل مواد البناء، اللازمة لإعادة الإعمار بعد حرائق الغابات في لوس أنجلوس.
وتفرض الولايات المتحدة حاليًا رسومًا جمركية بنسبة 14% على الأخشاب الكندية، ومن المحتمل أن ترتفع هذه النسبة إلى ما يقرب من 27% هذا العام.
وأعرب مسؤولون بالولاية أيضًا عن قلقهم، من أن الرسوم الجمركية الانتقامية ستسبب اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد بين كاليفورنيا وباجا، بحجة أن فرض الضرائب على السلع في كل مرة تعبر فيها الحدود من شأنه أن يرفع أسعار المنتجات النهائية، مما يؤثر في نهاية المطاف على سكان كاليفورنيا.
ومن المتوقع أن تؤثر الرسوم الجمركية الانتقامية على السلع الأمريكية على ولاية كاليفورنيا بشكل خاص، مع تأثيرات كبيرة على الزراعة والتصنيع والتجارة، وفقًا لصحيفتي "سان فرانسيسكو كرونيكل" و"لوس أنجلوس تايمز".
وصناعة اللوز في كاليفورنيا، وهو أهم محصول تصديري بالولاية، معرضة للخطر بشكل خاص. وبلغت قيمة صادرات اللوز 4.7 مليار دولار أمريكي في عام 2022، مما دعم 110 آلاف وظيفة، وساهم بمبلغ 9.2 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي لكاليفورنيا.
وبما أن 76% من اللوز العالمي يزرع في كاليفورنيا، ومعظمه يُصدَّر، فإن القيود التجارية قد تُكلف الصناعة ما يصل إلى 875 مليون دولار أمريكي، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا ديفيس.
وقد ترتفع أسعار مواد غذائية أخرى أيضًا، فمثلًا 90% من الأفوكادو المستهلك في الولايات المتحدة يأتي من المكسيك، لذا قد تؤدي القيود إلى ارتفاع الأسعار وتقليل الاستهلاك، وبالمثل قد ترتفع أسعار حليب كاليفورنيا إذا زادت الرسوم الجمركية من تكلفة زيت الكانولا الكندي، ما يجبر المزارعين على اللجوء إلى بدائل أعلى سعرًا.
وقد تدفع الرسوم الجمركية على النبيذ الأوروبي صانعي النبيذ في كاليفورنيا إلى رفع أسعارهم، بينما قد يؤدي الاعتماد على مواد مستوردة مثل الفلين والزجاج والكبسولات من المكسيك وكندا إلى زيادة الأسعار.
إلى جانب الزراعة، يواجه قطاع التصنيع في الولاية، وخاصة في لوس أنجلوس، خطرًا. إذ وظفت المقاطعة أكثر من 313 ألف عامل تصنيع العام الماضي، وتلعب دورًا محوريًا في اقتصاد ولاية كاليفورنيا البالغ تريليون دولار.
وحذر الخبير الاقتصادي جوك أوكونيل من أن انخفاض الواردات والصادرات قد يؤدي إلى انخفاض الوظائف في الموانئ وعبر سلاسل التوريد، وخاصة في منطقة إينلاند إمباير.
في عام 2023، صدَّرت كاليفورنيا سلعًا مصنعة بقيمة تقارب 160 مليار دولار، تصدرتها منتجات حاسوبية وإلكترونية بقيمة 47.9 مليار دولار، بالإضافة إلى آلات بقيمة 18.4 مليار دولار، ومواد كيميائية بقيمة 16.2 مليار دولار. وقد تواجه هذه القطاعات أيضًا رسومًا جمركية انتقامية من شركائها التجاريين، ما يهدد اقتصاد الولاية بشكل أكبر.
وأظهر تحليل أجراه مختبر الميزانية بجامعة "ييل" أن الرسوم الجمركية، التي أعلنتها إدارة ترامب من المتوقع أن ترفع معدل التضخم الإجمالي بنسبة 2.3% هذا العام وحده. ويشمل ذلك زيادة متوقعة بنسبة 2.8% في أسعار المواد الغذائية، وارتفاعًا بنسبة 8.4% في أسعار السيارات، ما يُقدَّر بخسارة 3800 دولار للأسرة الأمريكية المتوسطة.