قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارجريت هاريس، إن الوضع الصحي في قطاع غزة كارثي وغير مسبوق، مشيرة إلى أن استمرار القصف الإسرائيلي والدمار يعطل تمامًا عمل الفرق الطبية والمرافق الصحية.
وصعَّد جيش الاحتلال نطاق عملياته في قطاع غزة، اليوم الجمعة، والاستيلاء على مناطق واسعة، فضلًا عن إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، فيما تصفه تل أبيب بمحاولة متجددة لدفع حماس إلى الموافقة على شروط مُعدّلة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من المحتجزين.
وأضافت "هاريس"، في مداخلة هاتفية لـ"القاهرة الإخبارية"، اليوم، أن هناك قيودًا مشددة على إدخال المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى انقطاع شبه كامل في سلاسل الإمداد الطبية والإغاثية، مشددةً على الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار، إذ أن استمرار القصف يجعل من المستحيل تقديم الرعاية الصحية للمصابين أو الوصول إلى جميع المناطق داخل القطاع.
واستأنفت إسرائيل الحرب على غزة في 18 مارس الجاري، عبر شنِّ مئات الغارات الجوية على القطاع، ما أودى بحياة أكثر من ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 2359 آخرين، منذ هذا التاريخ، ليرتفع بذلك عدد ضحايا الحرب منذ أكتوبر 2023 إلى 50 ألفًا و609 شهداء وإصابة 115 ألفًا و063 مصابًا.
وأوضحت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية أن هناك نقصًا حادًا في المياه والغذاء والأدوية والمستلزمات الطبية، ما يزيد من معاناة السكان والعاملين في القطاع الصحي، قائلةً: "لم أشهد في مسيرتي المهنية كارثة إنسانية بهذا الحجم، ما يجري في غزة هو إبادة جماعية، حيث يعاني السكان بأكملهم من أزمة صحية وغذائية غير مسبوقة".
وبخصوص وجود فرق طبية تعمل داخل القطاع، أكدت "هاريس" أن بعض الفرق لا تزال تحاول تقديم المساعدات، لكنها تواجه عقبات هائلة بسبب نقص المعدات الطبية وغياب الممرات الآمنة، مضيفةً: "لا فائدة من وجود الفرق الطبية دون الإمدادات الأساسية، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات جادة لتوفير هذه الاحتياجات فورًا".
وأشارت إلى أن الجهود الإنسانية معطلة بالكامل بسبب غياب الإمدادات واستمرار العنف، مطالبة بتحرك دولي فوري لإنهاء الأزمة وضمان وصول المساعدات الطبية والإنسانية إلى سكان غزة.
وفي 2 مارس الماضي، أغلقت إسرائيل معابر قطاع غزة أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية للقطاع، ما تسبب بتدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية، وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية محلية.
وسبق أن حذرت مؤسسات حقوقية وحكومية وأممية من تداعيات استمرار تشديد الحصار الإسرائيلي على القطاع ومعاناة الفلسطينيين من الجوع الحاد.
استهداف المنشآت الصحية
وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن المنظمة تتواصل بشكل مستمر مع الأطراف المعنية في النزاع بغزة بهدف حماية المنشآت الصحية وتجنب استهدافها، مشيرة إلى أنه يتم تقديم إحداثيات لهذه المنشآت لتجنب القصف، ومع ذلك استمرت الهجمات على المستشفيات الكبرى في قطاع غزة، مثل الشفاء، ومجمع ناصر الطبي و"غزة الأوروبي" والمعمداني، ما يشير إلى استهداف متعمد لهذه المنشآت الحيوية.
وأوضحت أن استهداف المنشآت الصحية يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، مشيرة إلى أن الجهود الإنسانية، بما في ذلك الجهود الطبية، التي تعطلت بسبب القصف المستمر، ما أدى إلى توقف العديد من المستشفيات عن تقديم الخدمات الصحية.
وأكدت أن المرضى والطواقم الطبية لم يحصلوا على الحماية اللازمة، مشيرة إلى الشكوك في بعض الحجج التي تقدمها إسرائيل لاستهداف هذه المرافق.
واستشهد 31 فلسطينيًا وأصيب 100 آخرون، جراء قصف طائرات الاحتلال مدرسة "دار الأرقم" التي تؤوي نازحين في حي التفاح شرقي مدينة غزة، أمس الخميس ، حيث نقلت الإصابات إلى المستشفى المعمداني.
وفيما يتعلق بالمشكلات الصحية المستقبلية، نبهت "هاريس" إلى أن هناك منعًا لوصول المياه النظيفة إلى مناطق واسعة من غزة، وهو ما يفاقم الأزمة الصحية، موضحة أن هناك مخاوف من تفشي أمراض مثل شلل الأطفال، إذ كان من المفترض توفير اللقاحات خلال توقف إطلاق النار، لكن هذه الجهود تعطلت بسبب انتهاك الهدنة، كما تحدثت عن تفشي الأمراض المعوية والرئوية نتيجة لسوء التغذية وقلة الإمدادات الطبية.
وشددت هاريس على أن الوضع الصحي في غزة قد يزداد سوءًا إذا استمر القصف والقيود على الإمدادات الإنسانية، مشيرة إلى أن الآلاف من الأطفال يعانون من الأمراض في ظل نقص حاد في الرعاية الصحية.
وفي الختام، طالبت المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عاجلة لتوفير الدعم الطبي والإنساني الضروري لسكان غزة، مؤكدة أن الجهود الإنسانية لا يمكن أن تحقق أهدافها دون وقف إطلاق النار وحماية المنشآت الصحية.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.