موجة التعريفات الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أحدثت زلزالًا في الأسواق العالمية، أمس الخميس، حيث تركت قطاعات من البنوك إلى التكنولوجيا، في حالة ذهول بسبب محاولة الرئيس الأمريكي إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، وفق ما أوردت صحيفة" فاينانشال تايمز" الأمريكية.
تكبدت أسهم وول ستريت خسائر فادحة، حيث انخفض مؤشرا "ستاندرد آند بورز 500 " و"ناسداك المركب" بنسبة 4.8% و6% على التوالي، بعد ساعات من إعلان ترامب عن أعلى رسوم جمركية أمريكية منذ أكثر من قرن. وكان هذا أسوأ يوم منذ أزمة فيروس كورونا عام 2020 لكلا المؤشرين.
وانخفض الدولار 1.6 % مقابل سلة من العملات المنافسة، وهو أسوأ انخفاض يومي منذ عام 2022. وقال فرانشيسكو بيسول، خبير استراتيجيات العملات في بنك آي إن جي: "يمثل الانهيار فقدانًا للثقة في الأصول المقومة بالدولار بشكل عام. إنه بمثابة تصويت بسحب الثقة من ترامب خلال مئة يوم فقط من ولايته".
وبينما توقع خبراء الاقتصاد أن تؤدي الرسوم الجديدة إلى تأجيج التضخم والإضرار بالنمو، هبطت أسهم البنوك الأمريكية بسبب المخاوف من الركود، مع انخفاض مؤشر KBW للقطاع بنسبة 9.9%، وهو أسوأ يوم له منذ مارس 2023.
فقدت شركة أبل أكثر من 250 مليار دولار من قيمتها السوقية مع تراجع أسهم الشركة الأكثر قيمة في العالم بنسبة 9.3%، مع استعداد المستثمرين لتأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على مراكز التصنيع الآسيوية لصانع آيفون.
وانخفض خام برنت، وهو المعيار العالمي للنفط، بنسبة 6.7% إلى 69.94 دولار للبرميل.
وقال روبرت تيب، رئيس قسم السندات العالمية في بي جي آي إم: "كانت الأسواق في حالة من الرضا التام، وهي الآن تتجه إلى وضع دوامة التداول نحو الركود حتى يكون لديها سبب محتمل للتوقف".
واندفع المستثمرون نحو سندات الخزانة الأمريكية، وهي استثمار تقليدي كملاذ آمن في أوقات اضطراب السوق. وكانت السندات قصيرة الأجل المستفيد الأكبر، حيث شهدت عوائدها لسنتين وثلاث سنوات أكبر تحركات منذ أغسطس 2024.
تتحرك السندات قصيرة الأجل مع توقعات أسعار الفائدة، ويشير ارتفاع العائدات أمس الخميس إلى أن المستثمرين يراهنون على مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. وتتحرك العائدات عكسيًا مع السعر.
وقال ماثيو سكوت، رئيس قسم الدخل الثابت الأساسي والتداول متعدد الأصول في شركة أليانس بيرنشتاين: "لقد كان هناك هروب هائل نحو سندات الخزانة عالية الجودة".
وتأتي هذه الخطوات بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الأمريكية تقريبًا اعتبارًا من 5 أبريل، ورسوم جمركية متبادلة تصل إلى 50% اعتبارًا من 9 أبريل على عشرات الدول.
ومن المقرر أن ترتفع الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية إلى أكثر من 60%، بعد أن أضاف الرئيس الأمريكي تعريفات جمركية بنسبة 34% إلى الرسوم الجمركية المفروضة سابقًا.
وقال محللون إن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى خفض حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين هذا العام ودفع ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى التحول من التصنيع للتصدير نحو الاستهلاك المحلي.
صرحت وزارة التجارة الصينية بأن بكين "ستتخذ إجراءات مضادة حازمة لحماية حقوقها ومصالحها". وأضافت: "من الواضح أن المزيد من الدول قد عارضت زيادات الرسوم الجمركية الأمريكية وغيرها من إجراءات التنمر الأحادية الجانب".
وظهرت مؤشرات على توتر في الولايات المتحدة، إذ أعلنت شركة "ستيلانتيس" لتصنيع السيارات أنها ستسرح 900 عامل في 5 مصانع بالولايات المتحدة مؤقتًا نتيجةً لإغلاق مؤقت للإنتاج في كندا والمكسيك ردًا على رسوم جمركية منفصلة فرضها ترامب بنسبة 25% على واردات السيارات الأجنبية.
وكانت المجموعات التي تركز على المستهلكين، بما في ذلك مجموعة الملابس الرياضية "نايك" وشركة التجزئة للإلكترونيات "بيست باي" من بين الأكثر تضررًا مع تصاعد المخاوف بشأن كيفية تأثير الرسوم الجمركية الأخيرة على المشاعر القاتمة بالفعل بين الأسر الأمريكية والأضرار المحتملة لسلاسل التوريد.
مع مواجهة الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية بنسبة 20%، قال معهد إيفو الألماني للأبحاث الاقتصادية، إن الرسوم الجمركية من شأنها أن "تلحق ضررًا هائلًا" بالاقتصاد الألماني وقد تؤدي إلى انكماشه هذا العام.
وسوف تتأثر بعض أفقر وأصغر بلدان العالم بشدة بهذه التعريفات الجمركية، حيث ستخضع مملكة ليسوتو الجبلية الصغيرة لضريبة بنسبة 50%، بينما ستخضع "ناورو" لضريبة بنسبة 45%.