رغم حصولهم على حق الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، يعيش حوالي 12.8 مليون حامل للبطاقة الخضراء في البلاد -وفقًا لأحدث التقديرات من مكتب إحصاءات الأمن الداخلي- في قلق دائم من الترحيل، بعد أن تجاوزت سياسات الرئيس دونالد ترامب وأوامره التنفيذية بالترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وباتت تهددهم بأن دورهم قد اقترب.
وقد فوجئ عدد من حاملي البطاقات الخضراء -وبعضهم مستقر منذ سنوات طويلة- باعتقال السلطات الأمريكية قائدًا سابقًا للاحتجاجات الطلابية في جامعة كولومبيا بنيويورك في وقت سابق من هذا الشهر؛ حيث اتهمه مسؤولو إدارة ترامب بالتحريض على العنف ودعم الإرهاب، ما يُهدد استقراره في البلاد؛ رغم أنه متزوج من مواطنة أمريكية.
ومن غير المألوف أن يتم احتجاز حاملي البطاقة الخضراء وترحيلهم إذا تم اتهامهم وإدانتهم بارتكاب جرائم معينة؛ ويرى القانون الأمريكي أن جرائم مثل الاحتيال وتزوير الوثائق، وجرائم المخدرات، والجرائم التي تعتبر "جرائم مشددة" في قانون الهجرة، كافية للترحيل والمنع من الدخول.
وفي الوقت نفسه، فإن محاولة إدارة ترامب ترحيل القائد الطلابي بموجب جزء من القانون، يشير إلى "عواقب سلبية خطيرة محتملة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة"، هي أمر نادر للغاية وأكثر إثارة للقلق؛ كما يشير تقرير لشبكة CNN.
وتستغل إدارة ترامب الجديدة قوانين منسية، أو ما تبدو أنها ثغرات قانونية مفيدة لتحقيق أهدافها في إبعاد الكثير من المهاجرين والمقيمين عن الولايات المتحدة.
لا حقوق
في الآونة الأخيرة، أثارت التعليقات التي أدلى بها مسؤولون في إدارة ترامب، مثل نائب الرئيس جيه دي فانس، المزيد من القلق بين حاملي البطاقات الأمريكية الخضراء.
وقال "فانس" في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي: "حامل البطاقة الخضراء، حتى لو كنتُ معجبًا به، لا يتمتع بحق غير محدد في البقاء في الولايات المتحدة الأمريكية، أليس كذلك؟".
وأضاف: "للمواطنين الأمريكيين حقوق مختلفة عن حاملي البطاقات الخضراء، وعن حاملي تأشيرات الطلاب. لذا، فإن موقفي من هذا الأمر هو أن الأمر لا يتعلق أساسًا بحرية التعبير. وبالنسبة لي، نعم، يتعلق الأمر بالأمن القومي، ولكن الأهم من ذلك، يتعلق بمن نقرر نحن كشعب أمريكي انضمامه إلى مجتمعنا".
وتابع: "إذا قرر وزير الخارجية والرئيس أن هذا الشخص لا ينبغي أن يكون في أمريكا، وليس له حق قانوني في البقاء هنا، فالأمر بهذه البساطة".
وتتسق كلمات فانس مع سعي إدارته لاستخدام كل القوانين الممكنة وثغراتها، كما بدا قبل أيام، عندما فعّلت إدارة ترامب "قانون الأعداء الأجانب" -الذي صدر عام 1798- لاستهداف منظمة "ترين دي أراجوا الفنزويلية، وذلك بعد ساعات فقط من حكم قاضٍ فيدرالي في واشنطن العاصمة، بأن القانون لا يمكن استخدامه لترحيل خمسة فنزويليين.
ويسمح القانون بترحيل المواطنين الأصليين لدولة معادية خارج الولايات المتحدة دون جلسة استماع، ولم يتم استخدامه سوى ثلاث مرات، خلال حرب عام 1812 -بين بريطانيا العظمى (آنذاك) ومستعمراتها في أمريكا الشمالية، بالإضافة إلى الحلفاء من السكان الأصليين- والحربين العالميتين الأولى والثانية.
نحو الجنسية
بالإضافة إلى الأسئلة حول ما إذا كان بإمكانهم السفر بأمان، وما إذا كان من الممكن سحب بطاقاتهم الخضراء، يقول محامو الهجرة الأمريكيون إنهم يتلقون هذه الأيام أيضًا المزيد من الأسئلة من حاملي البطاقات الخضراء حول أن يصبحوا مواطنين أمريكيين.
ويقدر المسؤولون في الولايات المتحدة أن أكثر من ثلثي حاملي البطاقة الخضراء -البالغ عددهم نحو 13 مليون شخص- مؤهلون للحصول على الجنسية.
وعلى الرغم من أهليتهم، فإن كثيرين أصبحوا الآن أكثر ترددًا في السعي للحصول على الجنسية الأمريكية، وذلك بسبب المخاوف من الظهور علنًا والترحيل خارج البلاد.
وتنقل CNN عن إحدى حاملي البطاقات الخضراء، والتي تحمل الجنسية الكندية، أنها فكرت سابقًا في الحصول على الجنسية الأمريكية، وستكون مؤهلة للتقديم هذا الشهر، لكن تصاعد التوترات مع وطنها -كما تقول- جعلها تشعر بعدم الترحيب في الولايات المتحدة، لدرجة أن الحصول على الجنسية الآن يبدو خطوةً مُبالغًا فيها.
لذلك، بدلًا من اتخاذ خطوات نحو الحصول على الجنسية الأمريكية، اختارت شيئًا أكثر استدامة من البطاقة الخضراء -كما تقول- حيث قامت مؤخرًا برسم وشم ورقة القيقب الكندي على راحة يدها.
كما ينقل التقرير عن محامي الهجرة تشارلز كوك، أن هذا يُعدّ مؤشرًا واضحًا على العصر الحالي؛ مشيرًا إلى أن آخر مرة تلقى فيها هذا الكمّ الهائل من الاتصالات من مقيمين قانونيين قلقين، كانت بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
ويقول كوك إنه كان يستقبل في الأسابيع الأخيرة العديد من المكالمات من الذين يحملون البطاقة الخضراء "وسيكونون بخير ما لم يشاركوا في أنشطة يعتبرها وزير الخارجية ماركو روبيو إرهابًا".
وأضاف أن حاملي البطاقة الخضراء يتمتعون إلى حد كبير بنفس حقوق المواطنين الأمريكيين "إلا إذا ارتكبوا جريمة، عندها لا يحق لهم العودة إلى الولايات المتحدة دون الخضوع للاستجواب، وربما الترحيل"، مؤكدًا أنهم "لا يملكون أيضًا الحق في العيش إلى أجل غير مسمى خارج البلاد".