أحيت اليابان، اليوم الخميس، الذكرى الثلاثين للهجوم الدموي، عام 1995، المعروف باسم "هجوم غاز السارين"، الذي نفذته طائفة متطرفة، داخل محطات مترو أنفاق طوكيو، وأسفر عن مقتل وإصابة الآلاف.
وفي نفس الوقت الذي حدثت فيه الهجمات تقريبًا، وقف الناجون وأقارب الضحايا وممثلو الحكومة ومسؤولو مترو طوكيو، بحسب صحيفة japan times، دقيقة صمت في حفل تأبين جماعي أقيم بمحطة كاسوميجاسيكي، التي تتقاطع فيها خطوط المترو الثلاثة.
أوم شينريكيو
وأقامت إدارة مترو طوكيو منصات لوضع الزهور في محطة "كاسوميجاسيكي" وغيرها من المحطات، التي تعرضت لغاز الأعصاب القاتل في ساعة الذروة الصباحية، كما زار وزير النقل الياباني، النصب التذكاري ووضعوا الزهور في المكان.
واجتذبت طائفة "أوم شينريكيو"، منفذة الهجوم الدموي في مترو طوكيو، الذي أسفر عن مقتل 14 شخصًا وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، نحو 50 ألف تابع في جميع أنحاء العالم، منهم 11400 في اليابان قبل الهجوم.
ذروة الازدحام
كانت الساعة الثامنة صباحًا بتوقيت طوكيو، في أثناء ذروة الازدحام، وفي تلك الأثناء صعد 5 من أعضاء الطائفة إلى عربات قطارات منفصلة على ثلاثة خطوط مترو متقاربة عند محطة كاسوميجاسيكي، التي تعتبر مركز مترو الأنفاق.
وقام كل واحد منهم، وفقًا لموقع britannica، بفتح أكياس كانت بحوزتهم تحتوي على غاز السارين، وألقوها داخل العربات، وفي غضون دقائق، حدثت حالات من الهلع والذعر وتدفق الركاب إلى الأرصفة، وهم يفركون أعينهم ويلهثون لالتقاط أنفاسهم، التي كانت بالنسبة لبعضهم الأخيرة.
إعدام وتجنيد
وبعد الهجوم بشهرين تمكنت السلطات اليابانية، من القبض على زعيم طائفة أوم يُدعى تشيزو ماتسوموتو، وحكم عليه بالإعدام في 13 قضية، بما في ذلك هجمات غاز السارين ومقتل محامٍ مناهض للطائفة وعائلته، عام 1989.
وفي أعقاب الهجمات، أمرت محكمة يابانية المجموعة الطائفية بحل نفسها، ويوليو 2018، تم تنفيذ حكم الإعدام بحق زعيمها مع 12 من كبار الطائفة، لكن بحسب الصحيفة اليابانية، لا تزال تعمل وتجند نحو 1600 يتم مراقبتهم من قبل الأمن العام.
حب وتبرير
وُلد ماتسوموتو عام 1955، وأسس طائفة أوم شينريكيو عام 1984، التي جمعت بين الهندوسية والبوذية والمسيحية واليوجا، واستقطب المئات من الشباب الياباني، وزرع بداخلهم حب الموت وتبرير القتل كفضيلة.
جمع "أساهارا" الأطباء والمحامين والعلماء من أفضل الجامعات اليابانية كأقرب مساعديه، وتنبأ بنهاية العالم الوشيكة، التي لن ينجوا منها إلا المؤمنون الحقيقيون أمثاله، وفي الوقت نفسه، بدأ في جمع الأسلحة النارية وتطوير الأسلحة البيولوجية والحصول على إمدادات غاز الأعصاب السارين.
مخلص البلاد
وبحسب الموقع، كانت طائفته تتمتع بوضع قانوني كمنظمة دينية، وأطلق على نفسه ألقاب مثل "البابا المقدس" و"مخلص البلاد" و"مسيح طوكيو"، وفي عام 1990، رشح نفسه للبرلمان الياباني، على أمل الحصول على منصب رئيس الوزراء، إلا أنه مُني بفشل ذريع.
عقب خسارته في الانتخابات، تحولت الطائفة تحولًا جذريًا في استراتيجيتها، وعكفت على الإطاحة بالحكومة اليابانية، من خلال ذلك الهجوم الدموي، الذي كان جزءًا من مؤامرة أوسع.
آثار صحية
وعلى الرغم من مرور ما يقرب من 3 عقود على الحادثة، إلا أن الناجين الذين ما زالوا يعانون آثارًا صحية وعقلية طويلة الأمد بسبب الهجوم، وبحسب استطلاع رأي تبين أن 24% منهم يعانون اضطراب ما بعد الصدمة.
ووجد الاستطلاع أن أكثر من نصفهم يعانون ضعف البصر، وتشمل الأعراض الأخرى المُبلغ عنها التعب المزمن، والخدر، والصداع، والدوار، كما بات معظمهم منذ ذلك الوقت يتجنبون ركوب القطارات ومحطات مترو الأنفاق.
تعويضات ونسيان
وفي السياق ذاته، يكافح المصابون في الهجوم من أجل الحصول على تعويضات عبر المحاكم، وكان من أبرز القرارات القضائية ما أصدرته المحكمة العليا اليابانية، عام 2020، بمطالبة مجموعة تسمى أليف، بدفع مليار ين كتعويضات للضحايا.
ورفضت المجموعة، التي زعمت الصحيفة أنها تعمل تحت ستار طائفة أوم، دفع التعويضات، وهو ما جعل الضحايا يتقدمون بطلب جديد، مارس الجاري، لوزير العدل يطالبونه فيه بإجبار الحكومة على تعويض الضحايا ومصادرة أموال أليف.
ويرى الناجون الذين تحدثت معهم الصحيفة، أن الهجوم الدموي بدأ يُنسى من قبل الشباب الياباني، مشددين على أن نسيان الجرائم هو ما يريده الإرهابيون، مُطلقين وعودًا بالنضال من أجل أن يظل الجمهور الياباني يتذكر تلك الأحداث لحماية مستقبلهم.