الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كيف تعزز مشروعات صندوق مصر السيادي فرص القطاع الخاص؟

  • مشاركة :
post-title
صندوق مصر السيادي

القاهرة الإخبارية - نورا فايد

تُعوّل الدولة المصرية على دور صندوق مصر السيادي، الذي تم تدشينه بأمر من الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" بموجب القانون رقم 177 عام 2018، في تحريك عجلة الاستثمار المحلي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، عن طريق توسيع دائرة الشراكة مع القطاع الخاص في المشروعات التنموية المستهدفة.

ولا يقف الأمر عند إدارة الصندوق لثروات مصر وفوائضها المالية وأصولها غير المستغلة فقط، لكن يشارك أيضًا القطاع الخاص في توطين الصناعات المستوردة، وتحقيق تطلعات الرئيس المصري في الوصول بالصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار سنويًا خلال الـ4سنوات المقبلة مقابل 32 مليار دولار حاليًا.

ومهّد المؤتمر الاقتصادي الذي عقدته الحكومة المصرية، بتوجيه من الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، في الفترة 23-25 أكتوبر 2022، الطريق أمام الصندوق السيادي في جذب عدد كبير من المستثمرين المحلين أو الشركات الاستثمارية للمشاركة في المشروعات التي يديرها، وخاصة أن أغلب المستثمرين المشاركين في المؤتمر يتطلعون إلى إزالة التحديات التي تواجههم، وإقرار مجموعة من الحوافز التشجيعية حتى يتمكنوا من المشاركة في تلك المشروعات.

وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الاقتصادي، خصّص في يومه الثاني حلقات نقاشية للحديث عن الإطار العام لتهيئة بيئة الأعمال وتمكين القطاع الخاص، وهذا الرؤية المستقبلية تمت صياغته في وثيقة "سياسة ملكية الدولة" وطُرحت للحوار المجتمعي، والصندوق السيادي يعد اللاعب الرئيسي لهذه الوثيقة.

من الجدير بالذكر أن وجود صندوق سيادي مصري قوي، يعد أمرًا محفزًا للاستثمار ، لأنه يكشف السوق المصرية أمام جميع المستثمرين المحلين أو الأجانب من حيث إنشاء مشروعاتهم بنظام الشراكة مع الدولة أو مشروعات اسثتمارية ذاتية.

تأسيسًا على ما سبق، يحاول هذا التحليل التعريف بالمشروعات التي يديرها الصندوق السيادي، وكيف لمشروعاته أن تعزز فرص القطاع الخاص في التنمية.

دلالات التوقيت:

اللافت في هذا السياق، أن تعدد الأزمات التي تعاقبت على السوق العالمية مؤخرًا بداية من جائحة كوفيد-19، مرورًا بأزمة سلاسل الإمداد، ومؤخرًا الأزمة الروسية الأوكرانية، قد فرضت على الدولة المصرية مشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية؛ لتخفيف عبء تدبير التمويل عليها، وتبايُن المشروعات التي يديرها الصندوق بالفعل؛ من أجل تلبية رغبات المستثمرين، ومن بينها:

(*) مشروع تطوير مجمع التحرير والقاهرة الخديوية:

جاء إعلان الصندوق السيادى المصري عن خطة إعادة استغلال الأصول المنقولة إليه، وأولها تطوير القاهرة الخديوية ومبني مجمع التحرير ، والذي طُرح أمام القطاع الخاص وتولت شركة "جلوبال فينتشرز" الأمريكية، التى تقود تحالف" كايرو هاوس"، عملية تطوير المجمع ليتم تحويله إلى فندق سياحي، وهذا الأمر سيكون له انعكاسات إيجابية من حيث تعزيز موارد الدولة من القطاع السياحي.

(*) توطين الصناعات المستوردة محليًا:

عانت مصر لسنوات طويلة من استيراد عربات السكك الحديدية، وهذا البند كان يستنزف موارد الدولة من العملة الأجنبية، لكن مساندة القطاع الخاص وبالتحديد شركات "أوراسكوم للإنشاءات" و"حسن علام القابضة" و"كونيكت للتكنولوجيا والمعلومات" و"سامكريت للاستثمار" للصندوق السيادي، أدى إلى إنشاء الشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية "نيرك"، ومن المرتقب إنتاج 300 عربة سكك حديدية سنويًا في مصر، بالإضافة إلى توفير نحو 2000 فرصة عمل.

(*) الاستحواذات والاندماجات على أجندة الصندوق:

هذا النمط الاستثماري يعد جيدًا لشركات القطاع الخاص التي ترغب في التطوير أو التوسع، وبالفعل استحوذ تحالف يضم صندوق مصر السيادي ومنصة "مصر للتعليم"، المملوكة لبنك الاستثمار "هيرميس"، على حصة غالبة من أسهم شركة "سلاح التلميذ"، وجاءت تلك الصفقة لتقديم محتوى تعليمي متنوع وجذاب لمختلف شرائح الطلاب.

(*) مشروعات البنية التحتية التي تنفذها الدولة:

يعد إحدى الركائز الأساسية أمام الدولة خلال الفترة الحالية، رفع كفاءة البنية التحتية لكل منطقة في مصر، وذلك من خلال توصيل شبكات الكهرباء، والغاز، والمياة لجميع المنازل، بجانب التوسع في إنشاء المدن السكنية لمحدودى الدخل، بجانب تطوير الطرق والكباري، مستهدفة من خلال ذلك توليد مزيد من فرص عمل، وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

مقومات النجاح:

ثمة مقومات عدة يجب على الصندوق مراعاتها بغرض توسيع دائرة مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية للدولة، وهي كالتالي:

(*) منح حوافز تشجيعية للقطاع الخاص:

ينبغي على الصندوق السيادي بالتعاون مع مؤسسات الدولة منح القطاع الخاص حوافز تشجعهم على المشاركة؛ مثل الإعفاء الضريبي المؤقت، ومنحه تسهيلات خاصة بسداد مستحقات الدولة، وتوفير تمويلات بفوائد مخفّضة ولأطول فترة زمنية، وهو ما سيسهم بدوره في تدشين المزيد من مشروعات التنمية التي ستنعكس بشكل إيجابي على جميع القطاعات بالدولة.

(*) طرح مشروعات واعدة أمام المستثمرين:

إن تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص والصندوق السيادي يفرض على الأخير طرح مشروعات واعدة على القطاع الخاص، مثل تطوير قطعة أرض مملوكة للدولة وبناء مجمع صناعي عليها، وتوطين صناعات مستوردة يتزايد الطلب عليها في السوق المحلية، والسماح للقطاع باختيار مشاركته في أحد مشروعات الصندوق بناء على الكفاءة المالية وتخصصه في هذا النشاط، وتبني الصندوق نشاطًا معينًا والترويج للاستثمار فيه، مثل مشروعات الطاقة الخضراء، التعليم، والتكنولوجيا، وهو ما ينجم عنه تحقيق الرغبات الاستثمارية لكلا الطرفين.

(*) تسهيل إجراءات مشاركة القطاع في مشروعات الصندوق:

اشتكى بعض مستثمري القطاع الخاص، من الشروط التي يحددها الصندوق للاستثمار في المشروعات التي بحوزته أو يديرها، معتبرين أنها "مغالى فيها" وتقف عائقًا أمام دخول أى شركات جديدة من القطاع الخاص، وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة عاجلة لتلك الشروط من قِبل الصندوق حتى لا يكون منعزلًا عن حركة الاستثمار الخارجية ويعطّل دخول مستثمرين جدد.

(*) استقرار التشريعات والقوانين المنظمة لعمل الصندوق:

من أبرز الأدوات المهمة لتعزيز فرص التنمية بين الصندوق والقطاع الخاص، هو تنظيم عملية التشريعات القانونية المنظمة لحركة الاستثمار، باعتبار أن تلك العملية تعد وفقًا لرؤية القطاع الخاص مؤشرًا جيدًا للاستثمار في بلد ما أو قطاع معين، لذلك يجب على الحكومة المصرية التأكيد على أن المشروعات التي تطرح من قِبل الصندوق السيادي لا يمكن إجراء أى تعديلات على اللوائح والبنود القانونية المنظمة لعملها، والتي قد تضر باستثمارات القطاع الخاص.

(*) فتح الباب أمام الشركات الناشئة للاستثمار في مشروعات الصندوق:

تعد مساندة الشركات الناشئة أيضًا أمرًا ضروريًا، لأن هذا النوع من الشركات يحتاج إلى دعم ومساندة من قِبل الدولة حتى تتسع دائرة الشركات الاستثمارية، لتوفير مزيد من فرص العمل، وتحريك عجلة الاستثمار والتنمية.

(*) زيادة أعداد الصناديق الفرعية لتحقيق أهداف التنمية:

تُفضّل الدول المتقدمة التي تمتلك صناديق استثمارية كبيرة إنشاء عدد من الصناديق الفرعية المتخصصة، بغرض التركيز على قطاع واحد، حتى تتمكن من تحقيق الأهداف الكلية للصندوق، لذا فإن توجه الصندوق السيادي المصري لإنشاء صندوق في مجال البنية التحتية ومجال السياحة بغرض الاستثمار وفقًا لأفضل وأحدث المعايير الدولية أمر جيد سيسهم في تعظيم قيمة العوائد ومن ثم ارتفاع نسبة المشاركة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي.

بناءً على ما تقدم، يمكن القول، إنه من المرجح أن يلعب صندوق مصر السيادي خلال الفترة المقبلة، دورًا في تعزيز عملية التنمية بمصر من خلال منح الفرصة للقطاع الخاص؛ للمساهمة في تحقيق عملية "التنمية المستدامة" في شتى القطاعات الاقتصادية، بإعطائه الأولوية لتنفيذ المشروعات التنموية بدلًا من الدولة، لأن هذا الأمر يرفع عبء تدبير التمويل من على كاهلها، وتتفرغ لتحسين بيئة الأعمال والتي بدورها تساهم في خلق مزيد من فرص العمل بالسوق، وإذا تمكن الصندوق من تحقيق هذه المعادلة، فإن اقتصاد البلاد سيحقق مزيدًا من النمو، وعليه تنخفض معدلات البطالة وتتحسن الأوضاع المعيشية للمواطنين.