رغم وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية، قبل فوزه بولاية ثانية، بإحداث طفرة اقتصادية في الولايات المتحدة لم تشهدها من قبل، ونمو الطبقة المتوسطة وسوق العمل بقوة في ظل سياساته، وبعد 7 أسابيع فقط من توليه منصبه، بدأ خبراء الاقتصاد يحذرون من العكس، ومخاوف من النمو السلبي في أكبر اقتصاد بالعالم، بحسب موقع "تاجز شاو" الألماني.
ولم يعد يستبعد ترامب فجأة حدوث ركود اقتصادي، بعد أن قال إنه سيكون من الصعب خفض الأسعار، وعلى الجمهور أن يكون مُستعدًا لاضطراب بسيط قبل أن يتمكن من إعادة الثروة إلى الولايات المتحدة.
وتنجم الاضطرابات التي تشهدها الأسواق جزئيًا عن المخاوف بشأن الضرائب الجديدة على الواردات، التي يُطلق عليها التعريفات الجمركية، التي فرضها ترامب منذ توليه منصبه.
وفرض ترامب رسومًا جمركية جديدة على منتجات أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة، وهددهم على نطاق أوسع في خطوات يعتقد المحللون أنها ستؤدي إلى زيادة الأسعار وكبح النمو.
وفي خطوة جديدة اتخذتها الولايات المتحدة بعيدًا عن أوروبا، في ظل سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المغايرة لرغبة الأوروبيين منذ ولايته الثانية، أعلن الاتحاد الأوروبي إجراءات مضادة للرسوم الجمركية الأمريكية.
تباطؤ سوق العمل الأمريكي
وتباطأت ديناميكيات سوق العمل في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، فبراير الماضي، إذ تم خلق 151 ألف وظيفة جديدة فقط، وهو انخفاض حاد مقارنة بـ323 ألف وظيفة جديدة، ديسمبر 2024، وفي الوقت نفسه، ارتفع معدل البطالة قليلًا إلى 4.1%.
وقال إيكهارد شولتي، رئيس إدارة المحافظ لدى شركة ماينسكي لإدارة الأصول: "بدأ سوق العمل في التباطؤ لبعض الوقت"، ومن الواضح بالفعل أن المستهلكين والشركات يؤجلون الاستثمارات، ويمكن رؤية حالة عدم اليقين المتزايدة أيضًا في مؤشرات السوق.
وتدهورت الحالة المزاجية بين المستهلكين الأمريكيين بشكل ملحوظ منذ بداية العام، وانخفضت ثقة المستهلك على مقياس المستهلك التابع لمعهد "كونفرنس بورد" بنحو سبع نقاط إلى 98.3 نقطة، وصل إلى أدنى مستوى له منذ يونيو 2024، ويشكل الاستهلاك الخاص أكثر من ثلثي الاقتصاد الأمريكي، ولهذا السبب يتزايد خطر الركود، خاصة في الولايات المتحدة، عندما ينخفض الإنفاق الاستهلاكي بشكل حاد.
ارتفاع توقعات التضخم
ارتفعت توقعات المستهلكين للتضخم في فبراير إلى أعلى مستوى منذ مايو 2023، من 5.2 إلى 6.0%، ولا يزال خبراء الاقتصاد يعتقدون أن التضخم الأساسي في الولايات المتحدة مرتفع للغاية، على الرغم من محاولات ترامب الأخيرة للسيطرة على التضخم مع انخفاض أسعار النفط.
ولم يتم حتى الآن إدراج تأثيرات الرسوم الجمركية في أحدث أرقام التضخم، كما يوضح الخبير الاقتصادي هارم باندهولز، من جامعة كيل: "على المدى الطويل، نعلم أن أسعار المستهلكين للمواطنين الأمريكيين سترتفع عند زيادة الرسوم الجمركية الخارجية، لكن الرسوم الجمركية لا تُحقق فوائد تُذكر للاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل".
انخفاض مبيعات التجزئة
وانخفضت مبيعات التجزئة، فبراير، كما تراجعت الثقة، التي ارتفعت بشدة بعد انتخاب ترامب في العديد من استطلاعات الرأي بين المستهلكين والشركات، وتحذر الشركات بما في ذلك شركات الطيران الكبرى وتجار التجزئة، مثل وول مارت وتارجت والشركات المصنعة من التراجع.
ويشعر بعض المحللين بالقلق من أن يؤدي انخفاض سوق الأسهم إلى إثارة المزيد من القيود على الإنفاق، خاصة بين الأسر ذات الدخل المرتفع، ويُشكل هذا ضربة قوية للاقتصاد الأمريكي، الذي يعتمد على إنفاق المستهلكين وأصبح يعتمد بشكل متزايد على الأسر الأكثر ثراء، في حين تواجه الأسر ذات الدخل المنخفض ضغوطًا بسبب التضخم.
رسوم على الصلب والألمنيوم
وأعلن الاتحاد الأوروبي، إجراءات مماثلة ضد بعض السلع الأمريكية، ردًا على الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، بما في ذلك الصلب والألمنيوم.
وقالت المفوضية الأوروبية، إن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة ستؤثر على نحو 5% من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، وأنها ستطبق مجموعة من الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية بحلول الأول من أبريل.
وتستورد أمريكا ربع الفولاذ الذي تستخدمه الصناعة، وبحسب جمعية الصناعة "المعهد الأمريكي للحديد والصلب"، فإن الولايات المتحدة ستحصل على احتياجاتها من الفولاذ بشكل أساسي من كندا والبرازيل والمكسيك بحلول عام 2024.
وتحتل ألمانيا والصين أيضًا مرتبة بين الدول العشر الأولى المصدرة للصلب، وبالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الألومنيوم المستورد إلى الولايات المتحدة يأتي من كندا.
أوروبا ترغب بالتفاوض
وقالت فون دير لاين ريئسة المفوضية الأوروبية: "سنبقى دائمًا منفتحين على التفاوض، ونؤمن إيمانًا راسخًا بأنه في عالم محفوف بالشكوك الجيوسياسية والاقتصادية، ليس من مصلحتنا المشتركة إثقال اقتصاداتنا بالرسوم الجمركية".
وقالت المفوضية الأوروبية، المسؤولة عن التعامل مع النزاعات التجارية نيابة عن الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي، إنها ستعيد تطبيق التدابير التي وضعت خلال رئاسة دونالد ترامب السابقة عندما فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية مماثلة.
ويستهدف رد الاتحاد الأوروبي واردات الصلب والألمنيوم، إضافة إلى المنسوجات، والمنتجات الجلدية، والأجهزة المنزلية، والأدوات المنزلية، والبلاستيك، والخشب، وستتأثر المنتجات الزراعية أيضًا، بما في ذلك الدواجن ولحوم البقر وبعض المأكولات البحرية والمكسرات والبيض والسكر والخضروات.