تعرض أوكرانيا على الولايات المتحدة خلال محادثات تجري بين الطرفين في جدة، اليوم الثلاثاء، خطة لوقف إطلاق نار جزئي مع روسيا، في مبادرة تأمل منها كييف أن تستعيد دعم البيت الأبيض الذي يطالبها، منذ عاد إليه الرئيس دونالد ترامب، بتقديم تنازلات مريرة لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وقال مسؤول أوكراني لوكالة فرانس برس، طالبًا عدم نشر اسمه: "لدينا اقتراح لوقف إطلاق النار في الجو ووقف إطلاق النار في البحر، لأن هذين هما خياران لوقف إطلاق النار يسهل تطبيقهما ومراقبتهما ومن الممكن البدء بهما".
وتأتي هذه المحادثات بالتزامن مع تصعيد روسيا هجماتها ضد أوكرانيا، وردت كييف ليل الاثنين/ الثلاثاء، بشن هجوم "ضخم" بأكثر من 330 طائرة مُسيرة على عدد من المناطق الروسية ولا سيما العاصمة موسكو ومحيطها، وفق ما أفادت وزارة الدفاع الروسية، حسب وكالة "فرانس برس".
وستكون المحادثات في المملكة العربية السعودية اللقاء الأكثر أهمية منذ المشادة الكلامية الصادمة في البيت الأبيض في 28 فبراير، عندما وبّخ ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسبب ما اعتبره نكرانًا للجميل الأمريكي.
وزيلينسكي، الذي أرسل حينها رسالة اعتذار إلى ترامب، سافر إلى مدينة جدة للقاء وليّ عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، لكنه ترك المحادثات مع الأمريكيين لثلاثة من كبار مساعديه.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي سينضم إليه في المحادثات مستشار الأمن القومي لترامب مايك والتز: "تعليق المساعدات شيء آمل أن نتمكن من حلّه في محادثات الثلاثاء".
وأضاف الوزير الأمريكي: "نأمل أن يكون لدينا اجتماع جيد وأخبار جيدة لنبلغكم بها".
تعليق المساعدات
ومنذ المشادة بين ترامب وزيلينسكي، علّقت واشنطن المساعدات العسكرية لأوكرانيا وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والوصول إلى صور الأقمار الصناعية في محاولة منها لإجبار كييف على الجلوس على طاولة المفاوضات.
وصعّدت موسكو من هجماتها وضربت بقوة البنية التحتية الأوكرانية واستعادت قرى في منطقة كورسك الروسية التي استولت عليها أوكرانيا، في محاولة منها للحصول على ورقة مساومة في أي مفاوضات بين الطرفين.
وقال روبيو إن الولايات المتحدة لم تقطع المعلومات الاستخباراتية عن العمليات الدفاعية.
وغادر زيلينسكي البيت الأبيض دون التوقيع على اتفاق طالب به ترامب من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى قدر كبير من الثروة المعدنية في أوكرانيا كتعويض عن إمدادات الأسلحة السابقة.
وقال زيلينسكي إنه لا يزال على استعداد للتوقيع، رغم أن روبيو قال إنّ الأمر لن يكون محور محادثات الثلاثاء.
وفي الاجتماع الشهير في البيت الأبيض، رفض زيلينسكي أن يسكت أمام الانتقادات التي وجّهها إليه نائب الرئيس الأمريكي، دي فانس، إذ تساءل الرئيس الأوكراني عن السبب الذي سيدفعه للوثوق بوعود روسيا التي شنّت ضد بلاده في 2022 حربًا واسعة النطاق على الرغم من الجهود الدبلوماسية السابقة.
وبمواجهة ضغوط الولايات المتحدة، ستعلن أوكرانيا في محادثات جدة تأييدها لوقف إطلاق نار محدود.
من جهته، قال روبيو إنّ إدارة ترامب ستكون على الأرجح مسرورة بمثل هكذا اقتراح.
وصرّح الوزير الأمريكي للصحفيين "لا أقول إن هذا الأمر وحده يكفي، لكنه نوع من تنازل ضروري بهدف وضع حدّ للنزاع".
وتابع "لن تحصل على وقف إطلاق النار ونهاية لهذه الحرب ما لم يقدم الجانبان تنازلات".
وقال روبيو: "لا يمكن للروس احتلال كل أوكرانيا ومن الواضح أنه سيكون من الصعب للغاية على أوكرانيا في أي فترة زمنية معقولة إجبار الروس على العودة إلى حيث كانوا في عام 2014"، في إشارة إلى وقت الهجوم الجزئي والاستيلاء الروسي على شبه جزيرة القرم.
كما قال روبيو إنه لا يتوقع الجلوس في جدة مع الأوكرانيين، بينما هم "يرسمون خطوطًا على الخريطة" نحو اتفاق نهائي.
والتقى روبيو ووالتز الشهر الماضي، أيضًا في المملكة العربية السعودية، مع نظرائهما الروس، ما أنهى ثلاث سنوات من تجميد الاتصالات الرفيعة المستوى التي فرضها الرئيس السابق جو بايدن، بعد أن تحدّت روسيا التحذيرات الغربية وشنّت حربها على أوكرانيا.
كما هدّد ترامب الأسبوع الماضي بمزيد من العقوبات ضد روسيا لإجبارها على الجلوس على طاولة المفاوضات بينما نفذت ضربات على أوكرانيا.
لكنّ التحول المفاجئ لترامب في السياسة الأمريكية أذهل العديد من الحلفاء.
وقال روبيو إن الولايات المتحدة ستعترض على أيّ خطاب "معادٍ" لروسيا في اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا هذا الأسبوع.