كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن تفاصيل مسودة اتفاق جديدة تفرض شروطًا غير مسبوقة على كييف، إذ يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ للحصول على نصف إيرادات الموارد الطبيعية الأوكرانية، في مقابل استمرار الدعم الأمريكي للبلد الذي يخوض أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
لا ضمانات
تكشف الوثيقة التي حصلت عليها نيويورك تايمز، والمؤرخة في 21 فبراير 2025، عن شروط تضع أوكرانيا في موقف بالغ الصعوبة، فوفقًا للمسودة الجديدة، يتعين على كييف التنازل عن 50% من إيرادات مواردها الطبيعية، شاملة المعادن والغاز والنفط، إضافة إلى عائدات الموانئ والبنية التحتية الأخرى.
ولا تقف المطالب الأمريكية عند هذا الحد، إذ تتضمن المسودة إنشاء صندوق استثماري بملكية أمريكية كاملة، يتعين على أوكرانيا المساهمة فيه حتى يصل إلى 500 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز بكثير قدرة أوكرانيا المالية، حيث لم تتجاوز إيرادات مواردها الطبيعية العام الماضي 1.1 مليار دولار.
والأكثر إثارة للقلق في هذه الصفقة، بحسب ما كشفته الصحيفة الأمريكية، هو غياب أي ضمانات أمنية محددة من جانب واشنطن، إذ إن المسودة تكتفي بالإشارة إلى نية الولايات المتحدة تقديم دعم مالي طويل الأجل للمساعدة في التنمية الاقتصادية لأوكرانيا، دون أي التزامات ملموسة بشأن حماية أمنها في مواجهة التهديدات الروسية.
كما تتضمن الصفقة شرطًا يلزم أوكرانيا بالمساهمة في الصندوق بمبلغ يعادل ضعف أي مساعدات أمريكية مستقبلية بعد توقيع الاتفاق.
مكاسب مضاعفة
وتكشف مسودة الاتفاق عن طموحات أمريكية أكبر في المناطق الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا حاليًا، فوفقًا للوثيقة التي اطلعت عليها نيويورك تايمز، سترتفع نسبة الإيرادات المطلوب المساهمة بها في الصندوق من المناطق المحررة إلى 66%.
وتكتسب هذه النقطة أهمية خاصة في ضوء حقيقة أن تسيطر على نحو خُمس الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك أجزاء كبيرة من منطقة دونباس الغنية بالموارد الطبيعية.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن تنفيذ هذه الصفقة يواجه تحديات جمّة، إذ لا تعد أوكرانيا من الدول الرئيسية المصدرة للموارد الطبيعية، إذ إن القطاعات الأكثر ديناميكية في اقتصادها تتركز في مجالات الزراعة وصهر المعادن والفولاذ وأعمال البرمجة المستعان بها خارجيًا لشركات وادي السيليكون.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن إيرادات الموارد الطبيعية لا تشكل سوى 2.5% من إيرادات الميزانية العام الماضي.
ويؤكد المسؤولون الأوكرانيون وخبراء الطاقة أن تطوير أي حقول جديدة سيتطلب سنوات واستثمارات ضخمة، فضلًا عن وجود عقبات إدارية وتشريعية لا تزال تعيق الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع.
أزمة دبلوماسية متصاعدة
أشارت نيويورك تايمز إلى التدهور الحاد في العلاقات الشخصية بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني، إذ شن ترامب هجومًا حادًا على زيلينسكي، واصفًا إياه بـ"الدكتاتور غير المنتخب"، وذلك بعد تردد الرئيس الأوكراني في توقيع النسخة السابقة من الاتفاق.
في المقابل، رد زيلينسكي بأن ترامب يعيش في "شبكة من المعلومات المضللة"، وذلك عقب ادعاء الرئيس الأمريكي بأن أوكرانيا هي من بدأت الحرب ضد روسيا.
وتشير الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية تكثف ضغوطها على كييف لتوقيع الاتفاق، إذ صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز بثقة قائلًا: "سيوقع الرئيس زيلينسكي تلك الصفقة، وسترون ذلك في المدى القصير جدًا.. وهذا جيد لأوكرانيا، ما الذي يُمكن أن يكون أفضل لأوكرانيا من أن تكون في شراكة اقتصادية مع الولايات المتحدة؟" أما ترامب فقد كان أكثر صراحة في تهديده، حيث قال من المكتب البيضاوي: "سنوقع إما صفقة، أو سيكون هناك الكثير من المشاكل معهم."
وتكشف المصادر المطلعة التي تحدثت للصحيفة الأمريكية عن مشاركة فريق رفيع المستوى من الإدارة الأمريكية في المفاوضات، يضم وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك.
كما قام كيث كيلوج، المبعوث الخاص لترامب إلى أوكرانيا وروسيا، بزيارة كييف في الفترة من الأربعاء إلى الجمعة لمناقشة المقترح الجديد مع زيلينسكي.
وتدرس السُلطات الأوكرانية حاليًا المقترح وكيفية الرد عليه، حيث أعلن رئيس البرلمان الأوكراني روسلان ستيفانتشوك أن مجموعة حكومية ستبدأ العمل على الاتفاق يوم الاثنين، مؤكدًا رغبة بلاده في الحصول على ضمانات أمنية محددة مقابل السماح بالوصول إلى مواردها.