أصدر الحاخام اليهودي الشهير، دوف لاندو، زعيم الطائفة الأرثوذكسية اليهودية في إسرائيل، توجيهات لممثلي الحزب السياسي الحريدي "ديجل هاتوراه"، بالانسحاب من جميع المشاركات في المؤسسات الصهيونية، مُشيرًا إلى الاختلافات الأيديولوجية التي لا يمكن التوفيق بينها، وبين الأسس العلمانية للصهيونية، وفق ما أوردته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.
ويُعد "لاندو" شخصية بارزة في مجتمع الحريديم المتشدد، حيث شارك في قيادة مدرسة "سلابودكا" الدينية، وعمل كعضو في مديرية مجلس المدارس الدينية، وبحسب جيروزاليم بوست، برز لاندو كواحد من القادة الرئيسيين في عالم التوراة الحريدي.
وكتب لاندو في رسالة نشرتها صحيفة "ياتيد نئمان" الأرثوذكسية المتشددة: "الصهيونية حركة تهدف إلى تأسيس الشعب اليهودي على أساس علماني صريح، متجذر في الهرطقة والتمرد ضد السيادة الإلهية".
وأضاف: "لا يُسمح بالمشاركة معهم، أو الخدمة في أي دور داخل مؤسساتهم، أو التصويت في انتخاباتهم بأي شكل من الأشكال".
وأكد الحاخام أن الانخراط في هذه المؤسسات يُشكل دعمًا لمعتقدات تتعارض مع القيم اليهودية التقليدية.
وترجع "جيروزاليم بوست" معارضة لاندو للمؤسسات الصهيونية، إلى اللاهوت الأرثوذكسي المتشدد الراسخ، والذي يرفض المشروع الصهيوني باعتباره مشروعًا علمانيًا قوميًّا.
وأكدت رسالته هذه النظرة، وجاء فيها: "الصهيونية هي حركة هدفها إقامة الشعب اليهودي على أُسس علمانية صريحة، متجذرة في الهرطقة والتمرد على السيادة الإلهية، كل المؤسسات الوطنية مبنية على هذه الأيديولوجية، لا يجوز المشاركة فيها، أو الخدمة في أي دور داخل مؤسساتها، أو التصويت في انتخاباتها بأي شكل من الأشكال، إن القيام بذلك يشكل دعمًا للهرطقة".
وأوضح لاندو أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية مسموح بها بناءً على توجيهات من السُلطات الحاخامية السابقة، التي رأت في ذلك إجراءً ضروريًا لحماية الطابع الديني للدولة اليهودية، ومع ذلك، يُنظر إلى المشاركة في المنظمة الصهيونية أو الهيئات التابعة لها على أنها تتعارض جوهريًا مع المبادئ الدينية.
وجاءت رسالة لاندو في خضم مناقشات أوسع نطاقًا حول دور المجتمعات الأرثوذكسية والدينية في المؤسسات الصهيونية، وتشرف المنظمة الصهيونية العالمية، التي أسسها ثيودور هرتزل في عام 1897، على مؤسسات بالغة الأهمية مثل الوكالة اليهودية لإسرائيل، والصندوق القومي اليهودي.
وكان التحول نحو الفصائل الدينية اليمينية في هذه المؤسسات واضحًا في السنوات الأخيرة، وكما ذكرت "جيروزاليم بوست" في عام 2020، شهدت انتخابات المؤتمر الصهيوني العالمي الثامن والثلاثين اكتساب القوائم الأرثوذكسية أرضية كبيرة.
وتشير "جيروزاليم بوست" إلى أن قرار الانسحاب من المؤسسات الصهيونية، قد يقوض مشاركة "ديجل هاتوراه" في المنتديات اليهودية الدولية، مثل مؤتمر الصهيونية العالمي، الذي يجتمع كل 5 سنوات، ويؤثر على مليارات الدولارات من التمويل للمبادرات التعليمية الصهيونية واليهودية في جميع أنحاء العالم.
وسبق أن هاجم لاندو، حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصفًا إياهم باللصوص الذين لم يعد يثق بهم على الإطلاق، مؤكدًا أن الصهيونية جلبت الكوارث المادية والروحية على الدولة، بدلًا من حماية شعبها.
وأكد الحاخام اليهودي، أن أي شخص مطلع على الفكرة الصهيونية، يعرف كيف كانت في الماضي، والتي تم إنشاؤها عن طريق حركة بني عكيفا، التي لا تزال قائمة حتى الآن، مشددًا على أنه لا يتمنى لها أي مباركة على الإطلاق، والتي من وجهة نظره رفعوا شعار "نيباخ" وليس "التوراة".
وشدد الحاخام الإسرائيلي على أن اليهود العلمانيين اليوم، لم يتربوا على أي تعليم يهودي، ولا يملكون أي شيء، ولا تربطهم صلة على الإطلاق باليهودية، مُؤكدًا أن النقاش معهم لم يعد مجديًا، حيث تربوا على البدع.
وقال لاندو: "كان من الممكن أن نعيش حياة طيبة بدون دولة، مع العرب، وإذا عدنا إلى الوراء أكثر، فربما كان بوسعنا أن نفعل كما فعل الحاخام حاييم سونينفيلد، وأن نظهر لهم الاحترام"، لافتًا إلى أن الوضع كان طيبًا عندما كان العرب يحكمون تلك الأرض.
وأضاف الحاخام الإسرائيلي "كان العرب في السلطة، وكانوا محترمين، ولم يتدخل أحد في شؤونهم، وكانوا يجلبون المال إلى البلاد"، مُشددًا على أنهم كانوا يعيشون بسلام مع العرب، وكان العرب يحترمونهم كثيرًا، وهو التاريخ الذي وصفه بالمنسي منذ أكثر من 90 عامًا.
وشدد على أنه كان من المفترض أن تكون الصهيونية من أجل إنقاذ الشعب اليهودي، ولكنها بدلًا من ذلك جلبت كوارث مادية وروحية على إسرائيل، حيث لم يسبق للعرب من قبل أن كرهوا اليهود إلى هذا الحد في أي مكان في العالم، متهمًا الفكر الصهيوني بأنه السبب في كراهية العرب لليهود.
وتساءل الحاخام عمّا يمكن فعله في هذه المرحلة، وهم يعيشون بين من وصفهم باللصوص الذين يحمون إسرائيل، والتي هي بالنسبة له مشكلة كبيرة، ولم يعد بوسعه أن يثق بهم بعد الآن، داعيًا العرب إلى حكم إسرائيل مرة أخرى.