حين يجلس المرشح الفائز في الانتخابات الألمانية على كرسي المستشارية في الانتخابات المنتظرة بعد أسبوع، يبقى أمامه تحدٍ كبير خاص بكبح الديون، التي تسببت من قبل في انهيار تحالف حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس، بعد الخلاف الكبير على ميزانية 2025.
وتسبب الخلاف الكبير على ميزانية 2025، في انهيار الحكومة بعد ما أراد الديمقراطيون الاجتماعيون والخضر سد الفجوة بالقروض، في حين رفض الحزب الديمقراطي الحر بشكل قاطع الديون الجديدة وأراد خفض الإنفاق الاجتماعي، ومع عدم توصل الأحزاب الثلاثة إلى اتفاق، انهار الائتلاف في نوفمبر 2024، بحسب موقع "دويتش فيله".
علاوة على ذلك، ليس لدى ألمانيا ميزانية لعام 2025، وهذه إحدى المهام الأولى للحكومة الفيدرالية الجديدة، إذ إن الأحزاب التي تعتبر مناسبة لتشكيل الائتلاف، وفقًا لنتائج استطلاعات الرأي الحالية، لديها أفكار مختلفة بشأن قضية المالية العامة.
ما هو كبح الديون؟
ووفقًا لـ"دويتش فيله"، لا يجوز للدولة أن تنفق إلا ما اكتسبته، وهذا ما نص عليه الدستور الألماني –المادة 115 من القانون الأساس- ولا يسمح نظام كابح الديون إلا بالقروض ضمن إطار محدود، يصل إلى 0.35% من الناتج الاقتصادي، وتسري الاستثناءات فقط في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية الخطيرة.
ولم تعد العائدات الضريبية كافية لدعم الإنفاق العسكري المتزايد، ودعم أوكرانيا، وإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة، والتحول الصديق للمناخ في البلاد، والرقمنة المتأخرة.
من يؤيد كبح الديون؟
يريد الحزب الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر الالتزام بكبح جماح الديون، وفي عام 2024، جمعت الحكومة الفيدرالية نحو 440 مليار يورو من الضرائب، إلى جانب إيرادات الحكومة الاتحادية والولايات والبلديات، فإن المجموع بلغ نحو 960 مليار يورو، بحسب الموقع.
بينما يريد الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر، اللذان سيكونان مؤهلين لتشكيل ائتلاف مع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، تغيير المادة 115، وقال "شولتس" في الجلسة الأخيرة للبوندستاج قبل الانتخابات: "نريد تحديث نظام كبح الديون بعناية".
ديون ألمانيا مقارنة بأمريكا
وأكد "شولتس" منذ أشهر أن ألمانيا قادرة على تحمل مستويات أعلى من الديون، قائلًا "الولايات المتحدة لديها دين وطني يتجاوز 120% من الناتج الاقتصادي، في حين أن ألمانيا تتراجع إلى ما يقرب من 60%، كما أن دولاً أخرى قوية اقتصاديًا، مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، لديها ديون وطنية تتجاوز 100%.
الدعم الحكومي بين شولتس وميرز
وأعلن منافسه فريرديش ميرز إلغاء دعم الحكومة وتخفيض الإنفاق في حال نجاحه في الانتخابات قائلًا:" يتعين علينا إعادة تحديد أولويات ميزانيتنا، وهو ما يعني أننا لم نعد قادرين على تمني كل شيء، وسوف يتعين خفض الدعم وتقليص حجم الإدارة العامة، وأن الإنفاق الاجتماعي يحتاج إلى إعادة النظر، وينبغي أن يعمل المزيد من الناس بدلًا من تلقي الدعم الحكومي".
وخلال الحملة الانتخابية، حذر "شولتس" من خفض المعاشات التقاعدية، والدعم الحكومي قائلًا: "أعارض استغلال الأمن ضد احتياجات أخرى، بحيث نضطر إلى إجراء تخفيضات في الخدمات الاجتماعية، ونضطر إلى إهمال السكك الحديدية، ولا نستطيع توسيع الطرق، وتطوير بنيتنا التحتية".
وفي تقريرها الاقتصادي السنوي، تتوقع الحكومة الفيدرالية نموًا بنسبة 0.3% فقط في عام 2025 و1.1% في عام 2026.
وبحسب حسابات المكتب الاتحادي للإحصاء، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 نحو 4.3 تريليون يورو، 2% من هذا المبلغ يساوي 86 مليار يورو، و3.6% سيكون أكثر من 150 مليار يورو.
الإنفاق على الجيش
وذكر الموقع الإخباري، أنه "بعد سقوط جدار برلين، تم تقليص حجم الجيش الألماني على مدى سنوات عديدة، وأصبح تمويله ضعيفًا وعندما وافقت دول حلف شمال الأطلسي في عام 2014 على إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع سنويًا، كانت ألمانيا بعيدة كل البعد عن تحقيق هذا الهدف".
وبعد حرب روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022، وافق البرلمان الألماني على إنشاء صندوق خاص ممول بالائتمان بقيمة 100 مليار يورو لتطوير الجيش الألماني، ومن المقرر إنفاق الأموال على عدة سنوات بالإضافة إلى ميزانية الدفاع السنوية، وفي عام 2024، بلغت الميزانية 52 مليار يورو، بالإضافة إلى 20 مليار يورو من الصندوق الخاص.
ماذا يقول الشارع الألماني؟
وظلت التغييرات المحتملة لنظام كبح الديون تعتبر غير شعبية للغاية لسنوات عديدة، ولكن وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة "فورسا" بتكليف من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، يؤيد 55% من الألمان حاليًا إصلاح نظام كابح الديون أو حتى إلغائه تمامًا، و42% فقط يريدون البقاء على الوضع دون تغيير، بحسب "دويتش فيله".