الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أيقونة الذكاء الاصطناعي الصيني.. من هو ليانج وينفينج مؤسس DeepSeek؟

  • مشاركة :
post-title
كان ليانج واحدا من تسعة أفراد طُلب منهم إلقاء خطاب في ندوة مغلقة استضافها رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بعد سنوات من القلق في الولايات المتحدة من أن تتخطى الصين طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، جاء التهديد الأكبر لهيمنة وادي السيليكون، ليس من إحدى شركات التكنولوجيا الأربع الكبرى في الصين، بل من شركة ناشئة غير معروفة من قبل.

وبلا سابق إنذار، خرج الشاب الصيني ليانج وينفينج، البالغ من العمر 39 عامًا، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي الصينية "DeepSeek"، وأصبح في غضون بضعة أسابيع وجه صناعة التكنولوجيا الصينية، وأملها في التغلب على خناق ضوابط التصدير المشدَّدَة التي تفرضها الولايات المتحدة.

وحسب "رويترز"، حافظ ليانج على مستوى منخفض للغاية من الظهور حتى قبل أيام، فقط أجرى مقابلتين إعلاميتين نادرتين مع مؤسسة Waves الإعلامية الصينية عامي 2023 و2024، وبخلاف ذلك ظل بعيدًا عن أعين الجمهور في الغالب.

وفي 20 يناير، كان واحدًا من تسعة أفراد طُلِب منهم إلقاء خطاب في ندوة مغلقة استضافها رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج، وهناك تناقض المظهر الشبابي مع الأكاديميين ذوي الشعر الرمادي، والمسؤولين الصينيين المحنكين، ورؤساء التكتلات المملوكة للدولة الذين جلسوا حوله، حسبما أظهرت صور ومقاطع فيديو نشرتها هيئة الإذاعة الصينية (CCTV).

ولفتت "رويترز " إلى حقيقة أن ليانج تمت دعوته لمشاركة آرائه حول سياسة الحكومة الصينية "تسلط الضوء على اعتراف بكين بدور DeepSeek في قلب النظام العالمي للذكاء الاصطناعي لصالح الصين".

تركيز المواهب

في العام الماضي، تحدث الرئيس التنفيذي لشركة Baidu، روبن لي، في ندوة كالتي دُعي إليها ليانج، ترأسها رئيس مجلس الدولة الصيني (رئيس الوزراء).

وفي مقابلة أُجريت معه في نفس العام، قال "لي"، الذي أعلن عن أول منافس لبرنامج ChatGPT في الصين في مارس 2023، إنَّ الصين لن تتمكن أبدًا من إعادة نجاح OpenAI، وإنَّ الشركات الصينية يجب أن تركز على تطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية لأغراض تجارية.

الأسبوع الماضي، أطلقت شركة DeepSeek مساعدًا مجانيًا للذكاء الاصطناعي، تقول إنَّه يستخدم بيانات أقل مقابل جزء بسيط من تكلفة الخدمات الحالية، ما أثار موجة بيع عالمية في أسهم التكنولوجيا.

قالت "رويترز": "تحت قيادة ليانج، تجنبت شركة DeepSeek عمدًا بناء التطبيقات.. بدلًا من ذلك، ركزت مواهبها البحثية ومواردها على إنشاء نموذج يمكن أن يضاهي أو يتفوق على OpenAI.. وتأمل في المستقبل أن تواصل التركيز على النماذج المتطورة التي ستستخدمها شركات أخرى لبناء منتجات الذكاء الاصطناعي الموجهة للمستهلكين والشركات".

أضافت: "برز نهج ليانج في صناعة التكنولوجيا الصينية، التي اعتادت على أخذ الابتكارات من الخارج -من تطبيقات الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية- وتوسيع نطاقها بسرعة، وفي كثير من الأحيان بشكل أسرع بكثير من البلدان التي تم فيها صنع الاختراعات لأول مرة".

خوارزميات معقدة

نشأ ليانج في مقاطعة قوانجدونج الجنوبية، التي قادت الصين خلال الثمانينيات والتسعينيات إلى تبني نظام رأسمالية السوق، وفي ذلك الوقت كان مُحاطًا بأشخاص يفضّلون بدء الأعمال التجارية على الدراسة، لكنّه كان أكثر ميلًا إلى الدراسة الأكاديمية، حسبما قال فيما بعد.

وفي سنِّ السابعة عشرة، التحق بجامعة تشجيانج النخبوية، وتخصص في هندسة الإلكترونيات والاتصالات، قبل أن يحصل على درجة الماجستير في هندسة المعلومات والاتصالات، والتي أكملها في عام 2010.

وفي عام 2015، شارك في تأسيس صندوق تحوط كمي، والذي يستخدم خوارزميات رياضية معقدة للتداول بدلًا من التحليل البشري.

بحلول نهاية عام 2021، بلغ إجمالي محفظة الصندوق أكثر من 100 مليار يوان (13.79 مليار دولار)، ولكن في أبريل 2023، أعلن عبر حسابه على WeChat أنه سيوسع نطاقه خارج صناعة الاستثمار، وسيركز الموارد على "استكشاف جوهر الذكاء الاصطناعي العام (AGI) "، والذي تعّرفه OpenAI على أنه أنظمة مستقلة تتفوق على البشر في معظم المهام ذات القيمة الاقتصادية.

وبعد شهر واحد من حديث ليانج، تم إنشاء DeepSeek، وحسب "رويترز"، فإن الموظفين في الغالب من الخريجين وطلاب الدكتوراه من أفضل الجامعات الصينية، والذين يفضلون العمل لدى الشركة لأنها تعالج أكبر التحديات في مجال الذكاء الاصطناعي.

ويقال إنه شارك شخصيًا في أبحاث الشركة وتحدث عن تفضيله توظيف المواهب المحلية لمقر الشركة في هانجتشو، المدينة الواقعة في شرق الصين، حيث يقع مقر علي بابا أيضًا- بدلًا من العمال الذين درسوا في الولايات المتحدة أو في الخارج، وفق "ذا جارديان".

وقال في يوليو الماضي: "إن ما يجذب أفضل المواهب هو بالتأكيد حل أصعب مشكلات العالم.. هدفنا لا يزال هو الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام".

المصدر المفتوح

تكشف المقابلات التي أجراها ليانج عن اعتقاد مفاده أن صناعة التكنولوجيا في الصين "وصلت إلى مفترق طرق"، إذ افتقرت إلى الثقة ولم تمتلك رأس المال اللازم للانخراط في اختراقات أساسية في البحث والتطوير.

وأيضًا تشير المقابلات إلى أنه أصبح من أتباع ثقافة "المصدر المفتوح" التي كان خبراء التكنولوجيا الأمريكيون يزعمون في السابق أنها أحد الأسباب التي جعلت وادي السيليكون الأمريكي يتمتع بميزة على نظيراته الصينية.

هكذا، اتخذت DeepSeek قرارًا بجعل جميع نماذجها مفتوحة المصدر، على عكس منافستها الأمريكية OpenAI.

وفي النماذج مفتوحة المصدر، يكون الكود الأساسي متاحًا للعامة لأي مطوِّر لاستخدامه وتعديله حسب رغبته.

وقال "ليانج"، في مقابلة مع مجلة " Waves" في يوليو من العام الماضي: "لا يمكن للذكاء الاصطناعي الصيني أن يظل في موقف المتابع إلى الأبد.. كثيرًا ما نقول إن هناك فجوة مدتها عام أو عامين بين الذكاء الاصطناعي الصيني والولايات المتحدة، لكن الفجوة الحقيقية هي الفرق بين الأصالة والتقليد".

وأضاف: "خلال الثلاثين عامًا الماضية، ركزت صناعة التكنولوجيا في الصين فقط على كسب المال، وتجاهلت الابتكار.. الابتكار لا يعتمد فقط على الأعمال التجارية، بل يحتاج أيضًا إلى الفضول والرغبة في الإبداع".

وتابع: "حتى لو كانت OpenAI مغلقة المصدر، فإنها لا تستطيع منع الآخرين من اللحاق بها.. المصدر المفتوح يشبه الممارسة الثقافية وليس التجارية، والشركة التي تفعل ذلك ستتمتع بقوة ناعمة".

وأشارت "ذا جارديان" إلى أنه قبل إعلان الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، في عام 2022، عن ضوابط تصدير شاملة على أشباه الموصلات المتجهة إلى الصين، بهدف منع البلاد من الوصول إلى المعدات اللازمة للتطوير السريع للذكاء الاصطناعي، كان ليانج اشترى عشرة آلاف شريحة من طراز Nvidia.

وبينما تم حظر شريحة قوية من طراز H100، طوّرت شركة ليانج شرائح H800 -الأقل قوة- للسوق الصينية، والتي درّب DeepSeek نموذجه عليها، على الرغم من حظرها أيضًا في عام 2023.

وقال ليانج وقتها: "إن التحدي الأكبر الذي نواجهه لم يكن المال على الإطلاق، بل هو الحظر المفروض على الرقائق عالية الجودة".