أصبح الفيلم الموسيقي Emilia Pérez "إميليا بيريز" حديث الأوسكار، والأوساط السينمائية بعد أن حظي بـ13 ترشيحًا في فئات مختلفة، الأمر الذي لم يمثل مفاجأة كبيرة لكثير من المحللين والمتخصصين، نظرًا للمستوى الفني المتميز للفيلم وحضوره القوي في مهرجانات وحفلات توزيع جوائز كبرى قبل الوصول إلى الأوسكار.
الفيلم الموسيقي فرنسي الصنع الصادر باللغة الإسبانية، تدور أحداثه عن زعيم عصابة مخدرات مكسيكي، يستعين بالمحامية إميليا بريتا، لمساعدتها في تزييف وفاتها حتى تتمكن أخيرًا من العيش بشكل أصيل كشخصيتها الحقيقية، ومن بطولة زوي سالدانا سيلينا جوميز وكارلا صوفيا جاسكون.
وجود الفيلم الذي أخرجه جاك أوديار في صدارة ترشيحات جوائز الأوسكار، يشير أيضًا إلى أن حفل الجوائز المرموق يفضل نوعية الأفلام الموسيقية، مثلما حدث مع La La Land، وأيضًا هيمنة فيلم Everything Everywhere All at Once على الحفل منذ عامين، حسبما ذكر موقع time في تقرير عن الفيلم.
حظي الفيلم بترحاب كبير في المهرجانات التي عُرِض بها، إذ فاز بجائزة لجنة التحكيم بمهرجان كان وجائزة أفضل ممثلة لكارلا صوفيا، واللافت للنظر أن الفيلم الفرنسي قوبل بالثناء على تعامله مع قضايا مثل جراحة تأكيد الجنس وأزمة الأشخاص المفقودين في المكسيك بنفس القدر من الحماس من قبل المشاهدين الذين قالوا إنه أساء التعامل مع نفس القضايا.
النقد
بمجرد عرضه، ضجّ النقاد بالحديث عن "إميليا بيريز"، وأحبته حفلات الجوائز والمهرجانات، فبالإضافة إلى جائزتي "كان"، فاز بالعديد من جوائز جولدن جلوب، بما في ذلك جائزة سالدانا لأفضل ممثلة مساعدة، و10 ترشيحات لجوائز البافتا المقبلة التي تسبق الأوسكار.
وبالنسبة للفيلم المعروض حاليًا على منصة نتفليكس، حظي بترحاب في شباك التذاكر السينمائي الأمريكية، واحتل المرتبة العاشرة لأفضل أفلام 2024 وفقًا لمجلة تايم، ووصفته إحدى المراجعات بأنه "قصيدة للإمكانات البشرية" التي تبدو جذرية في المشهد السياسي الحالي.
وعلى نطاق واسع، حظي الفيلم بالثناء على أصالته في مواجهة مشهد سينمائي راكد مليء بالملكية الفكرية والأجزاء التكميلية، في حين قوبل تعامله البارع مع الموضوعات التي لا تحظى عادةً بالمعالجة الموسيقية بالتقدير.
لكن ثمة تفاوت بين درجته النقدية البالغة 76٪ على موقع Rotten Tomatoes مقابل تقييم الجمهور الذي لم يتجاوز 30٪، كما أن أحد الانتقادات الرئيسية التي وجهت إلى الفيلم جاءت من المكسيك، بدعوى أنه يركز على واقع ثقافي معين من صنع شخص ليس من تلك الثقافة وهو المخرج الفرنسي جاك أوديار، الذي اعترف بعدم اهتمامه بجعل الفيلم "واقعيًا" في تصويره الثقافي.
كما وجهت انتقادات للعمل بسبب افتقاره إلى طاقم عمل مكسيكي، وانتشرت مقاطع من أداء سيلينا جوميز، وخاصة لهجتها المكسيكية غير المنضبطة، على تطبيقات التواصل الاجتماعي، ونال انتقادات عدة لمن لم يشاهدوا العمل ليدركوا أن الشخصية أمريكية ومن المفترض أنها لا تجيد اللغة الإسبانية.
دافعت المكسيكية أدريانا باز، التي تجسد دور حبيبة إميليا إبيفانيا عن الفيلم وعرضت منظورًا مختلفًا، إذ قالت في تصريحات صحفية: "سمعت أشخاصًا يقولون إنه مسيء للمكسيك.. أريد حقًا أن أعرف السبب، لأنني لم أشعر بهذه الطريقة.. استطلعت آراء بعض الأشخاص الذين أثق بهم، ليس فقط كفنانين ولكن كأشخاص، وهم لا يشعرون بهذه الطريقة، لذلك أحاول أن أفهم".
الأوسكار
مع 13 ترشيحًا في جعبته، ستكون ليلة صعبة لفريق "إميليا بيريز" إذا غادر خالي الوفاض، لكن من المؤكد أنه سيفوز بواحد أو أكثر من التماثيل الذهبية، خاصة بالنظر إلى مسيرته حتى الآن في المهرجانات، وتزداد حظوظ فوزه بجائزة أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية، ليعيد السينما الفرنسية إلى منصة التتويج مرة أخرى بعد نحو 30 عامًا مذ فوز فيلم "الهند الصينية" بالجائزة نفسها.
وأشارت العديد من التقارير إلى أن فرنسا تصحح أخطاء الماضي، باختيارها ترشيح فيلم "إميليا بيريز" للأوسكار، وهي الأخطاء التي وقعت فيها من قبل باختيار أفلام غير مناسبة رغم وجود إصدارات أفضل، إذ رشحت في عام 2023 فيلم The Taste of Things بدلًا من فيلم Anatomy of a Fall الحائز عل سعفة كان الذهبية، بينما في عام 2021، اختارت فيلم Titane بدلًا من فيلم الدراما المميز Happening، لتكون هذا العام الأقرب إلى الجائزة المرموقة.