روت الأسيرة الفلسطينية المفرج عنها خلال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل أسرى ومحتجزين في غزة، الدكتورة زهرة خدرج، تفاصيل اللحظات الاخيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وما تعرضوا له من إذلال وعنف وقهر خلال عملية إطلاق سراحهم.
ذكرت "زهرة"، التي تم اعتقالها 28 يناير من العام الماضي، في حديثها مع موقع "القاهرة الإخبارية "، أنه في يوم 19 يناير، بدأت عملية إطلاق سراح الأسيرات في سجن الدامون الموجود على قمة جبل الكرمل في حيفا، حيث شرع السجانين في تكبيدنا وإخراجنا من غرفنا الساعة الثانية ظهرًا".
وقالت الدكتورة زهرة خدرج (54 عامًا) وهى كاتبة وروائية وناشطة فلسطينية من قلقيلية: "تم تفتيشنا بطريقة مهينة جدًا، حيث تم تعصيب أعيننا وتكبيد أيدينا وأرجلنا بعنف شديد".
وسردت: "تم تسلمينا لقوات النقل، التي استأنفت تفتيشنا، ثم صعدنا إلى البوسطة"، مركبة ضيقة جدًا لنقل الأسرى عبارة عن زنازين ضيقة تحتوي على كراسي معدنية.
وتابعت: "تحركت البوسطة مع أذان المغرب، التي تعمّد سائقها الإيقاف أو زيادة السرعة بشكل مفاجئ لتعثرنا".
وأضافت: "استغرق الطريق من الدامون إلى سجن عوفر نحو 3 ساعات، وبدأوا سحبنا بعنف شديد، ثم أمرونا بالركوع على الأرض".
وقالت: "أعاني من الروماتيزم فلم استطع الجلوس بالطريقة التي أمروني بها، فظلوا يصرخون فيّ وأحضروا كلابهم التي ظلت تنبح عليّ، وفي اللحظات الأخيرة وقبل أن يهاجمني الكلب يتم سحب الحبل المربوط به".
واستطردت قائلة: "أجبرونا على البقاء على الأرض الممتلئة بالحصى التي جرحت أرجلنا لمدة ساعتين، وظلوا يعرضوا علينا مشاهد فيديو جاء فيها أن حماس لم تنتصر وأنها تسببت في قتل الناس ودمار غزة وإهانتنا".
وتابعت: "استمروا في إعادة الفيديو لمدة ساعتين كاملين، وكنا نشعر بالبرد الشديد حيت لم يتم السماح لنا سوى بارتداء بلوزة واحدة فقط وبنطلون".
وأوضحت: "بعد ساعتين بدأ عرض 69 أسيرة و5 أشبال على المخابرات، من خلال النداء على أسمائنا وسحبنا بعنف إلى ضابط المخابرات الذي هدّدنا وتوعدنا بالاعتقال مرة أخرى إذا روينا أي تفاصيل عن السجون".
وذكرت: "بعدها أرسلونا باستدعاءات لمقابلة ضباط المخابرات الخاصة بمنطقة كل أسيرة".
وسردت: "تم إدخالنا بعنف إلى التبصيم، وبعدها تم حجزنا في زنازين، ثم جاء الصليب الأحمر وبدأوا في فرز قوائم الأسماء وتنفيذ عملية التسليم الفعلي الساعة 11 مساء".
وأوضحت: "أخذت عملية التسليم للصليب الأحمر ساعة ونصف الساعة، مع العلم بأن فريق الصليب أنهى عمله في نصف ساعة فقط، لكنهم لم يسمحوا للحافلات بالمغادرة وفتح بوابات سجن عوفر قبل ساعة إضافية".
ووصفت شعورها قائلة: "وسط كل الإذلال والإهانة التي تعرضت لها وعند شعوري أنني لم استطع التحمل أكثر من ذلك، كنت أذكّر نفسي أن الجنة ثمنها غالي وكذلك الحرية، وأنه تبقى القليل".
وروت: "عند وصولنا إلى بوابة باتونيا، وجدت أخي وزوجي وابني وابنتي ينتظرونني، ما وجدناه كان عرسًا وطنيًا اجتمع فيه الأهالي والصحافة والإعلام، الذين هتفوا جميعًا بحرية الأسيرات وفلسطين وتحول كل التعب والقهر الذي شعرنا به إلى فرح عظيم".
وعن سبب اعتقالها، ذكرت "زهرة": "يرى جيش الاحتلال أن أي نشاط سياسي أو اجتماعي يكشف عن جرائم دولة إسرائيل، هو انتهاك لحقوقها وتعدي على أمنها".
وتابعت: "بالنسبة لجيش الاحتلال، فكل فلسطيني مدان حتى تثبت براءته، وهو الأمر الذي لا يحدث أبدًا".
أما عن فترة الاعتقال، فقالت: "عانيت من ظروف قاسية للغاية، ولا سيما بعد 7 أكتوبر، إذ يتم اعتقال الأسيرات في سجن الدامون، حيث الرطوبة العالية في الصيف والبرد الشديد في الشتاء".
وأوضحت: "يحتوي قسم الأسيرات على 13 غرفة تتباين مساحتها، وعادة، لا يتسع القسم إلا لوجود 50 أسيرة كحد أقصى، وبعد 7 أكتوبر زادت الاعتقالات بشكل كبير، فصاروا يضعون 100 أسيرة".
وأردفت: "باتت الغرفة المجهزة لاستيعاب 5 أسيرات تضم 10 و11 وحتى 12 أسيرة".
واستطردت: "يتم إعطاؤنا كمية قليلة جدًا من الطعام لا تكفي حتى قطة، وخلال مدة عام من اعتقالي خسرت 26 كيلو من وزني، وكنت أعاني دومًا من هبوط السكري".
وأشارت إلى أن المعاناة اليومية تمثلت في اقتحام غرف السجناء ليلًا، وقالت: "كنا نستيقظ فجأءة وبدون سابق إنذار على جنود مقنعين ذوات سترات واقية وخوذ تحمل زجاجات من الغاز متأهبة لرشها علينا دون مبرر".
وروت: "بعد ذلك يقومون بتكبيلنا واحتجازنا في الحمامات حتى يتم تفتيش الغرفة، فإذا وجدوا غطاء زائدًا على الفور تتم مصادرته".
ولفتت إلى أنه تم إلغاء الكانتين الذي كانوا يتمكنون من خلاله من شراء احتياجاتهم بنقودهم الخاصة، بموجب قانون الطوارئ الذي تم فرضه بعد 7 أكتوبر، فكانوا يضطررن إلى استخدام ما يتم اعطاءه لهن من طعام أو أدوات نظافة وجميعه من أردأ الأنواع.
وأكدت خدرج: "الإهمال الطبي كان سياسة ممنهجة في سجون الاحتلال، كان هناك تسجيل عيادة للكشف، وعندما أطلب عرضي عليها يتم الرفض".
وظلت الدكتورة زهرة خدرج، 3 أسابيع متواصلة تسجل طلب عرض على العيادة لنفس الشكوى، حتى جاءها المحامي وشكت له، الذي استصدر لها قرار محكمة بعرضها على العيادة وعلاجها".
وأشارت إلى أنه "منذ 7 أكتوبر وحتى لحظة الإفراج، تم منع الزيارات وإرسال اللباس، فكنا نعلم أخبار الخارج عن طريق الأسيرات الجدد اللائي ينضممن إلينا حديثًا أو من خلال المحامين الذيم كان يتم السماح لهم على فترات ممتدة وبعيدة بلقائنا.. كنا نشعر أننا نعيش في قبر".
وعن الحرب على غزة والدمار الذي شمل القطاع، ذكرت خدرج: "لم تكن هذه الحرب الأولى التي يمر بها شعب غزة المناضل والصابر، ونعلم جيدًا أنها ستُعمّر من جديد".
وختمت حديثها قائلة: "نشكر الشعب المصري، فلسطين ومصر أشقاء وأحباب، مصر هى أختنا الكبرى ونعلم جيدًا أن قلوب الشعب المصري مع غزة ومع المسجد الأقصى ومع كل شبر في فلسطين، وأن وجع فلسطين هو وجعكم".
وكشفت الأسيرة المحررة، أنه استكمال لنقض العهود المستأصل بدولة الاحتلال، لم يتم إطلاق سراح كل الأسيرات في سجن الدامون، فبالرغم من الاتفاقية نصت على تبيض قسم الأسيرات إلا أنه لا تظل هناك 10 أسيرات.