بينما يحرز الوسطاء تقدمًا في مفاوضات الهدنة والتبادل بين إسرائيل وحماس، لا يزال الاحتلال يقف عائقًا أمام اتفاق بوقف إطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل المحتجزين بأسرى فلسطينيين، بطرح شرط جديد هو الاحتفاظ بألف متر في شمال وشرق غزة.
وتحدث الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، أمس الخميس، عن إحراز "تقدم حقيقي" في المفاوضات المتعلقة بإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة، لكنه حمل حماس مسؤولية تعطيل التوصل لاتفاق.
وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض: "إننا نحرز بعض التقدم الحقيقي، لقد التقيت المفاوضين اليوم. وما زلت آمل بأن نتمكن من إجراء عملية تبادل. حماس هي التي تقف في طريق هذا التبادل حاليًا، لكنني أعتقد أننا قد نكون قادرين على إنجاز ذلك، نحن بحاجة إلى إنجازه".
وتبذل مصر وقطر والولايات المتحدة جهودًا كبيرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الصراع المستمر منذ 15 شهرًا، وإطلاق سراح المحتجزين المتبقين لدى حماس قبل أن يترك بايدن منصبه.
والجمعة الماضية، بدأت في العاصمة القطرية الدوحة، جولة جديدة من المفاوضات عبر الوسطاء بين إسرائيل وحماس. وانضم مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إلى المفاوضات، أمس الأول الأربعاء، في خطوة اعتبرها موقع "أكسيوس" الأمريكي، جزءًا من جهد اللحظة الأخيرة الذي تبذله إدارتا بايدن وترامب، للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين لدى حماس، وإرساء وقف إطلاق النار في غزة قبل تنصيب ترامب، 20 يناير الجاري.
ونقل الموقع عن ويتكوف خلال مؤتمر صحفي عُقد في مار إيه لاجو، الثلاثاء، أن المفاوضين أحرزوا تقدمًا كبيرًا بشأن التوصل إلى اتفاق. وقال ويتكوف: "أنا متفائل حقًا بأنه بحلول حفل التنصيب، سيكون لدينا بعض الأمور الجيدة لإعلانها نيابة عن الرئيس ترامب".
وأمس الخميس، قال ويتكوف في تصريحات للقناة 12 الإسرائيلية، إن إعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة هو "الأمر الأكثر أهمية" بالنسبة لترامب قبل تنصيبه في 20 يناير الجاري.
وقالت مصادر فلسطينية قريبة من محادثات وقف إطلاق النار بغزة، أمس الخميس، إن الوسطاء "مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية "أحرزوا بعض التقدم في جهودهم الرامية للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، لكن ليس بما يكفي لإبرام اتفاق.
وأضاف مسؤول فلسطيني قريب من جهود الوساطة لـ"رويترز"، إن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن لا يعني أن المحادثات لا تمضي قدمًا، مضيفًا أن هذه هي أكثر المحاولات جدية حتى الآن للتوصل إلى اتفاق.
وتابع المسؤول: "هناك مفاوضات مكثفة، إذ يتحدث الوسطاء والمفاوضون عن كل كلمة وكل التفاصيل. هناك تقدم عندما يتعلق الأمر بتضييق الفجوات القديمة القائمة لكن لا يوجد اتفاق بعد"، ولم يخض في مزيد من التفاصيل.
وأكد مسؤول فلسطيني -طلب عدم ذكر اسمه لحساسية المحادثات- أن تقدمًا أُحرز في بعض ملفات التفاوض بين حماس وإسرائيل، لكنه أشار إلى شرط إسرائيلي جديد من شأنه أن يقوض التوصل إلى اتفاق.
وأوضح "إسرائيل لا زالت مُصرة على الاحتفاظ بمساحة 1000 متر على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع بما يعيق عودة الفلسطينيين إلى بيوتهم ويشكل تراجعًا عما وافقت عليه، يوليو الماضي، بما يسهم في تعطيل الوصول إلى اتفاق ويبذل الوسطاء جهودًا لإقناعها بالعودة لما تم التوافق عليه سابقًا".
وقالت إسرائيل، أول أمس الثلاثاء، إنها ملتزمة تمامًا بالتوصل إلى اتفاق لإعادة المحتجزين من غزة لكنها تواجه عراقيل من حماس.
والأحد الماضي، قال مسؤول في حماس إن الحركة وافقت على قائمة تضم أسماء 34 أسيرًا إسرائيليًا قدمتها تل أبيب لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين ضمن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في غزة.
ولأكثر من مرة تعثرت مفاوضات تبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية مصرية أمريكية، جراء إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استمرار الحرب على غزة بذريعة القضاء على حماس. من جانبها، تصر الحركة الفلسطينية على انسحاب كامل لجيش الاحتلال من القطاع ووقف تام للحرب، بغية القبول بأي اتفاق.
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر مطلعة على مفاوضات الهدنة والتبادل، إن الصياغات التي جرت مناقشتها في الدوحة تقضي بهدنة تتراوح بين 6 و8 أسابيع على أن تتضمن زيادة المساعدات التي تدخل إلى القطاع وانتظامها وإعادة بناء المنظومة الصحية.
ولا يزال هناك 100 محتجز لدى حماس في غزة، من بينهم سبعة أمريكيين. ويعتقد أن نصف المحتجزين تقريبًا ما زالوا على قيد الحياة، وفقًا للمخابرات الإسرائيلية، بما في ذلك ثلاثة أمريكيين.
وحال التوصل إلى اتفاق، فإن المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح 34 محتجزًا، بعضهم لا يزال على قيد الحياة وبعضهم ماتوا، وفق أكسيوس، ومن المتوقع أن تشمل المرحلة الأولى أيضًا وقف إطلاق النار في غزة لفترة تتراوح بين 6 إلى 8 أسابيع والإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين.
ويواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة في الداخل الإسرائيلي، لأجل إبرام اتفاق مع حماس بوقف إطلاق النار في غزة لإعادة المحتجزين في القطاع، إذ أظهر استطلاع لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن 52% من الإسرائيليين يدعمون التوصل لصفقة تبادل شاملة و36% يدعمون صفقة جزئية و6% يعارضون الصفقة.
كما تطالب عائلات المحتجزين الإسرائيليين بغزة، نتنياهو وأصحاب القرار بتسريع المفاوضات لإعادة المحتجزين فورًا. وقالت العائلات: "لدينا فرصة تاريخية لإعادة محتجزينا لا ينبغي أن نضيعها".
ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 155 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.