الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حظر الأونروا.. الاحتلال يستهدف القضاء على حق عودة اللاجئين

  • مشاركة :
post-title
جنود إسرائيليون يستهدفون محيط مقر الأونروا في قطاع غزة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

قد تضطر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"الأونروا" قريبًا، إلى إنهاء عملياتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، في الوقت الذي يستعد فيه الاحتلال الإسرائيلي لسن قوانين مزدوجة تحظر عمل الوكالة.

ومن المقرر أن يدخل التشريع، الذي أقره الكنيست الإسرائيلي بأغلبية شبه كاملة، أكتوبر الماضي، حيز التنفيذ في وقت لاحق من هذا الشهر، وقد يجبر هذا التشريع الإسرائيلي "الأونروا" على تفكيك الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي بنيت على مدى أجيال لخدمة عدد متزايد من اللاجئين وذريتهم.

واتخذت إسرائيل بالفعل خطوات كبيرة لعرقلة عمليات "الأونروا" في غزة، إذ زعمت العام الماضي أن 19 من أصل 13 ألف موظف في الوكالة شاركوا في هجمات 7 أكتوبر 2023، على المستوطنات، ووجد تحقيق داخلي للأمم المتحدة، أغسطس 2024، أن 9 من المتهمين قد يكونوا متورطين، وأن الاحتلال لم يقدم أي أدلة على الحالات الأخرى.

ولكن جيش الاحتلال فرض قيودًا على تسليم المساعدات، وألحق الضرر أو دمر مئات المباني التابعة للوكالة في الغارات الجوية الكثيفة على القطاع، والآن، هناك مخاوف من أن الوكالة قد تُصاب بالشلل، بسبب حملة قمع مماثلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، إذ توفر الوكالة معًا فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية وخدمات الصرف الصحي لأكثر من 900 ألف لاجئ مسجل.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنه بينما اعتمدت مجتمعات بأكملها على الأونروا لأجيال، يقول المسؤولون الفلسطينيون إنه حتى لو تمكنوا من سد الثغرات التي خلفتها الوكالة، فإن تفكيكها قد يحرم اللاجئين من وضعهم القانوني، الذي يتضمن الحق في العودة إلى ديارهم.

ونقلت الصحيفة عن ثائر جلود، الذي يشرف على عمليات الأونروا في وسط الضفة الغربية، "إنه كابوس"، وتشمل المنطقة "مخيم قلنديا" للاجئين الذي يقطنه أكثر من 16 ألف فلسطيني. ويدير جلود نحو 1100 موظف، بما في ذلك المعلمون والأطباء وعمال النظافة وجامعو القمامة، الذين يخشون أن يصبحوا عاطلين عن العمل قريبًا، كما يتلقى مكالمات من أولياء أمور قلقين يتساءلون عما إذا كانوا سيظلون قادرين على إرسال أطفالهم إلى المدرسة.

وتأسست "الأونروا" عام 1949 لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، الذين تعرضوا للطرد من ديارهم من قبل العصابات الصهيونية، وفي عام 1967، عندما استولى جيش الاحتلال على القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة، دخلت الوكالة في اتفاق مع حكومة الاحتلال لتقديم الخدمات للاجئين في الأراضي المحتلة.

لكن المسؤولين الإسرائيليين انتقدوا "الأونروا" وعملها لسنوات، زاعمين أن الوكالة تغذي المشاعر المعادية لإسرائيل بين اللاجئين الفلسطينيين من خلال تشجيع حقهم في العودة. وحتى قبل الاتهامات بشأن هجمات السابع من أكتوبر، أدانت الحكومة الإسرائيلية "الأونروا" لاختراقها من قبل عملاء حماس في غزة، وهي التهمة التي تنفيها الوكالة.

وقالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في الوكالة، إن إسرائيل لم تبلغ الأونروا بكيفية تأثير هذه القوانين على عملياتها. 

وأضافت أن من بين المخاوف الرئيسية حظر تواصل المسؤولين الإسرائيليين مع موظفي الأونروا، وهو ما قد يعيق تدفق الإمدادات وإصدار التأشيرات وسلامة الموظفين.

وأوضحت "توما" أنه في غزة يجب تنسيق جميع عمليات تسليم المساعدات مع جيش الاحتلال، وعدم تعارضها معه. 

وقالت: "نحن لا نذهب إلا عندما يعطونا الضوء الأخضر"، مشيرة إلى أنه إذا تم حظر التنسيق فسيكون من المستحيل ضمان سلامة الموظفين.

وأشار سام روز، الذي يتولى إدارة شؤون الأونروا في غزة، إلى أن التنسيق مع جيش الاحتلال طوال الحرب لم يضمن سلامة الموظفين. 

وتقول الوكالة إن أكثر من 260 موظفًا من موظفيها لقوا حتفهم في القصف الإسرائيلي على غزة، وكثيرون منهم في أثناء وجودهم بمنازلهم أو في ملاجئ النازحين مع عائلاتهم.

ويترك التشريع الإسرائيلي ضد الأونروا، مخيمات اللاجئين في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين في حالة من عدم اليقين. وتنفق الأونروا 60 مليون دولار شهريًا على الرواتب وتكاليف التشغيل في جميع أنحاء المنطقة، التي تشمل أيضًا الأردن وسوريا ولبنان، وتعتمد بشكل أساسي على مساهمات المانحين.

وفي أعقاب الاتهامات الإسرائيلية، أعلنت دول مثل بريطانيا وكندا واليابان والولايات المتحدة أنها ستعلق تمويلها للوكالة، ومنذ ذلك الحين، استأنفت جميع الدول دعمها، مشيرة إلى الأزمة الإنسانية في غزة، باستثناء الولايات المتحدة، أكبر مانح للأونروا.

وأعلنت السويد، التي تبرعت بنحو 40 مليون دولار للوكالة، ديسمبر 2024، أنها ستوقف التمويل ردًا على الحظر الإسرائيلي، وهي الخطوة التي فاجأت مسؤولي الأونروا في الضفة الغربية المحتلة. 

وانتقدت وزارة الخارجية السويدية التشريع الإسرائيلي في بيان لواشنطن بوست، لكنها قالت إنها تعمل على تحويل الأموال "لضمان وصول الدعم السويدي إلى المحتاجين بأكثر الطرق فعالية وممكنة".

وقالت هنادي أبو طاقة، رئيسة عمل الوكالة في شمال الضفة الغربية المحتلة، إن نقص الأموال أجبرنا بالفعل على تنفيذ بعض تدابير التقشف. فليس لديها ميزانية تقريبًا لاستبدال الموظفين الذين يستقيلون أو يتقاعدون، ولديها أموال محدودة لإصلاح المركبات أو المعدات.

وقال ناصر شرايعة، المدير التنفيذي لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية لشؤون اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة، إن استبدال الأونروا من شأنه أن يبطل وضع الفلسطينيين كلاجئين: "إذا وافقنا كفلسطينيين على أن نكون الحل البديل لغياب الأونروا، فإننا نعترف بأننا ننكر حقنا في العودة".

وبالنسبة للعديد من الإسرائيليين، فإن هذا الشعور هو السبب الرئيسي الذي يجعل من الضروري حظر الوكالة. وتقول إينات ويلف، عضوة الكنيست السابقة التي كتبت وتحدثت على نطاق واسع ضد الأونروا: "توفر الوكالة الوقود والدعم للرؤية الفلسطينية التي تقضي بعدم وجود دولة يهودية، وأنهم سيحققون هذا الهدف في يوم من الأيام".