الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

يهدد بالسيطرة على قناة بنما.. ترامب يهز العلاقات الأمريكية اللاتينية

  • مشاركة :
post-title
دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أثار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عاصفة من الجدل الدبلوماسي بتصريحات حول نيته استعادة السيطرة على قناة بنما، وذلك بعد أسابيع قليلة من فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المنصرم، في هذا الصدد كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية تفاصيل هذه التصريحات وتداعياتها على العلاقات الأمريكية اللاتينية، في وقت تشهد فيه المنطقة تنافسًا متزايدًا مع النفوذ الصيني.

توتر دبلوماسي وردود الفعل

أطلق ترامب تصريحاته المثيرة للجدل خلال مؤتمر محافظ في مدينة فينيكس، حيث قال بلهجة حادة: "نحن نتعرض للاستغلال في قناة بنما كما يحدث في كل مكان آخر"، مضيفًا تهديدًا صريحًا: "لن نسمح أبدًا بأن تقع في الأيدي الخطأ". وحسب ما نقلته "بوليتيكو"، لم يكتف "ترامب" بهذه التصريحات، بل أتبعها بمنشور على منصته "تروث سوشيال" مرفقًا بصورة للقناة المائية وعلم أمريكي، كتب تحتها: "مرحبًا بكم في قناة الولايات المتحدة!"

هذه التصريحات أثارت موجة من ردود الفعل الدبلوماسية الغاضبة، حيث خرج الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو، الذي تولى منصبه في يوليو الماضي، في خطاب تلفزيوني مباشر ليؤكد سيادة بلاده على القناة، قائلًا: "كل متر مربع من قناة بنما والمنطقة المجاورة لها ملك لبنما وسيظل كذلك، سيادة واستقلال بلادنا غير قابلة للتفاوض".

وامتدت ردود الفعل لتشمل دولًا مجاورة، حيث أعلن الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو تضامنه الكامل مع بنما، مؤكدًا أن بلاده ستقف إلى جانب سيادة بنما "حتى النهاية".

البُعد الاستراتيجي والاقتصادي للأزمة

تكتسب هذه الأزمة أهمية خاصة نظرًا للدور الحيوي الذي تلعبه قناة بنما في الاقتصاد العالمي، فوفقًا لـ"بوليتيكو"، تمر عبر القناة البالغ طولها 50 ميلًا نحو 4% من التجارة العالمية، وتعد الولايات المتحدة أكبر مستخدم لها، تليها الصين.

وتتميز القناة بنظام معقد من الأقفال المائية التي تعمل كمصاعد مائية، ترفع السفن نحو 90 قدمًا فوق مستوى سطح البحر ثم تخفضها في الطرف الآخر.

وتشير الإحصاءات إلى أن القناة تلعب دورًا محوريًا في نقل البضائع بين الساحلين الشرقي والغربي للولايات المتحدة، إضافة إلى تسهيل التجارة بين أمريكا الجنوبية وأوروبا، فعبرها يتم شحن النبيذ التشيلي والموز الإكوادوري إلى الساحل الشرقي الأمريكي، والنحاس من تشيلي إلى أوروبا، والغاز الطبيعي المسال والبترول بين السواحل الأمريكية.

المحرك الخفي للأزمة

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن أحد الدوافع الرئيسية وراء تصريحات ترامب هو القلق المتزايد من النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، إذ حلّت الصين محل الولايات المتحدة كشريك تجاري رئيسي في أمريكا اللاتينية، وقد أشار ترامب صراحة إلى هذا القلق قائلًا: "انظروا ما يحدث هناك - الصين".

ووفقًا للصحيفة الأمريكية، فإن سبعة من أصل 11 دولة تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع تايوان على مستوى العالم تقع في المنطقة، وقد نجحت الصين في إقناع خمس دول، من بينها هندوراس وبنما، بتغيير موقفها والاعتراف ببكين خلال فترة حكم الرئيس الصيني شي جين بينج.

تحديات مستقبلية وتداعيات محتملة

وأشارت "بوليتيكو"، إلى أن قناة بنما تواجه تحديات مستقبلية جدية تتجاوز التوتر السياسي الحالي، إذ أنفقت بنما 5 مليارات دولار في مشروع لبناء أقفال جديدة لاستيعاب السفن الأكبر حجمًا، لكن التحدي الأكبر يتمثل في إدارة الموارد المائية.

وتعمل السلطات البنمية حاليًا على خطة بقيمة ملياري دولار لبناء بنية تحتية لإدارة وحفظ احتياطيات المياه العذبة، وهو مبلغ يعادل المساهمات السنوية للقناة في خزينة الحكومة البنمية.

وفي ظل هذه التطورات، يرى محللون دبلوماسيون، منهم جون فيلي، السفير الأمريكي السابق في بنما الذي استقال خلال فترة ترامب الأولى، أن هذه التصريحات تعكس رؤية ترامب بأن "الولايات المتحدة تخلت عن شيء مقابل لا شيء".

ويضيف فيلي أن هذا الموقف يمثل "مثالاً آخر على بلد يستغل الولايات المتحدة" من وجهة نظر ترامب.