دعت قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي "D-8" برئاسة مصر، إلى استمرار تعزيز الأهداف الإنمائية المشتركة بين الدول الأعضاء، في ظل مبادئ الإخوة والسلام، بجانب تكثيف الجهود في معالجة تحديات اليوم، في ضوء المشهد العالمي المتطور.
وترأست مصر أعمال القمة الـ11، التي أقيمت تحت شعار "الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.. تشكيل اقتصاد الغد"، في العاصمة الإدارية الجديدة، بحضور قادة دول بنجلاديش، إندونيسيا، إيران، ماليزيا، جمهورية نيجيريا الاتحادية، باكستان، وتركيا.
الحاضر والمستقبل
وفي كلمته الافتتاحية، ركز الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على سبل تعزيز التعاون بين الدول النامية في مواجهة التحديات الدولية، لافتًا إلى أن عنوان القمة له أكثر من دلالة لتركيزه على الاستثمار في الشباب، الذين يمثلون عماد أوطاننا في الحاضر والمستقبل.
وأكد الرئيس السيسي أن اجتماع القمة جاء في وقت يشهد فيه العالم، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص تحديات وأزمات غير مسبوقة تحتل فيها الصراعات والحروب صدارة المشهد وتسود فيه كذلك الحمائية الاقتصادية والتجارية، وازدواجية المعايير.
استمرار الحرب
وشدد الرئيس المصري، على أن استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، أبرز الشواهد على ذلك، وما يصاحب ذلك من خطورة وتهديد بامتداد الصراع لدول أخرى، مثلما حدث مع لبنان وصولًا إلى سوريا التي تشهد تطورات، واعتداءات على سيادتها ووحدة أراضيها.
ويرى الرئيس السيسي، أن الدول النامية تواجه تحديات جسيمة تعيق تحقيق تطلعات شعوبها نحو الرخاء والتنمية، مشيرًا إلى أنه مع نقص التمويل، وتفاقم الديون، وتوسع الفجوة الرقمية والمعرفية، وارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة، خاصة في أوساط الشباب تجد الدول النامية نفسها في صعوبة بالغة، في تحقيق التقدم والنمو على نحو مقبول.
ومن أجل مواجهة تلك التحديات، طالب الرئيس المصري بتضافر الجهود لتعزيز التعاون المشترك وتنفيذ مشروعات ومبادرات مشتركة في مختلف المجالات وعلى رأسها الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، الزراعة، الصناعات التحويلية، والطاقة الجديدة والمتجددة.
عدة مبادرات
ومن أجل ذلك أطلقت مصر خلال رئاستها للقمة عدة مبادرات تأتي في مقدمتها تدشين "شبكة لمديرى المعاهد والأكاديميات الدبلوماسية" لتعزيز التعاون فيما بينها، وإطلاق مسابقة إلكترونية في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيات التطبيقية.
وسيتم تدشين "شبكة للتعاون بين مراكز الفكر الاقتصادي" في الدول الأعضاء لتبادل الأفكار والرؤى حول سبل الارتقاء بالتعاون الاقتصادي والاستثماري ومعدلات التجارة بين الدول الأعضاء، بجانب تدشين اجتماعات دورية لوزراء الصحة واستضافة مصر الاجتماع الأول عام 2025.
سد الفجوات
من جانبه؛ أكد رئيس وزراء بنجلاديش محمد يونس، أن بلاده ستقدم دعمها الكامل وغير المشروط لمصر، داعيًا جميع الدول الأعضاء إلى التكاتف لمواجهة الأزمات الدولية المتفاقمة وسد الفجوات التي تعيق التنمية المشتركة.
وأعرب عن ثقته الكبيرة في القيادة المصرية وقدرتها على تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة خلال هذه الدورة، مشددًا على دعمه الكامل للتعاون الوثيق بين الدول النامية في هذه الظروف الإقليمية والدولية العصيبة.
تحركات كبيرة
وفي كلمته، شكر الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، على تنظيم القمة، مضيفًا أن هناك أيضًا تحركات كبيرة لمحاولة الوصول لجميع الدول في المحيط الأطلنطي، لتعزيز المساهمة في تحقيق معايير الاقتصاد الأخضر.
وطالب الرئيس الإندونيسي من الدول العظمى أن تركز على تعزيز هذا التعاون لدعم التجارة حول العالم، من خلال مناقشة مجموعة من الإجراءات المبسطة التي يمكنها تحقيق معايير الاقتصاد الأخضر.
الوحدة الكاملة
وفي السياق ذاته، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في كلمته إلى وجود مرونة وحكمة لتعزيز العلاقات بين الدول الثماني النامية، التي يرى أنها قادرة على المضي قدمًا ودعم الشراكات فيما بينها، من خلال إدارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكيمة للقمة.
وأوضح الرئيس الإيراني أنه لا بد من دعم التعاون والشراكة وأهمية الوحدة الكاملة لتحقيق الصالح العام لكل الدول، ودعم العجلات التجارية والشراكة بين دول المنظمة لتحقيق الصالح العام، المتمثلة في المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وبراءات الاختراع.
وشدد "بزشكيان" على أن التغيرات التي حدثت في العالم، خلال الفترة الماضية، والأوضاع الجيوسياسية، لا سيما في جنوب لبنان وغزة وسوريا والضربات الإسرائيلية والمجاعات واستخدام التجويع كآلة حرب، فضلًا عن جريمة الإبادة الجماعية وبحار الدماء التي شهدناها في الفترة الماضية، لا بد أن نتخذ خطوات عملية ملموسة تجاهها.
ضرورة التكيف
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن العالم يشهد نزاعات وتوترات تؤثر على الاستقرار الدولي، ما يفرض على المنظمات الدولية، منها منظمة الدول الثماني النامية، ضرورة التكيف مع المستجدات العالمية والعمل على صياغة استراتيجيات شاملة للتعافي من الأزمات.
وقدم أردوغان، الشكر للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على استضافة فعاليات القمة، مُثمنًا دور مصر في دعم برامج الشباب سعيًا منها لتمكينهم اقتصاديًا، مُشددًا على ضرورة تبني حلول اقتصادية مبتكرة إلى جانب الحلول السياسية لمعالجة الأزمات الراهنة.
الأرض والمقدسات
بدوره، أكد رئيس وزراء باكستان، شهباز شريف، أن القمة الحالية تعقد في وقت عصيب وهناك أخطار كبيرة من التوغل الإسرائيلي في المنطقة، مطالبًا بضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي لن يتحقق الاستقرار بالمنطقة والعالم دونه.
وفي كلمته أمام القمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، أن بلاده تواجه تحديات كبيرة جراء عدوان الاحتلال على الأرض والمقدسات وممارسته الاستيطانية.