يشهد الكونجرس الأمريكي تحركات متسارعة لصياغة تشريعات جديدة تنظم الاستثمارات الأمريكية في الصين، وذات توجه واضح لمنح الرئيس القادم مساحة واسعة من المرونة في التعامل مع بكين، في خطوة تمهد الطريق لمرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية-الصينية، وتعكس التأثير المبكر للرئيس المنتخب دونالد ترامب، على السياسة الأمريكية حتى قبل توليه منصبه رسميًا في يناير المقبل.
تشريع شامل
كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن دفع حلفاء الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الكونجرس باتجاه إقرار تشريع شامل قبل نهاية العام الحالي، يهدف إلى تقييد الاستثمارات الأمريكية في الصين.
ويتميز هذا التشريع بمرونة غير مسبوقة في آليات التنفيذ، حيث يمنح الرئيس القادم سلطات واسعة في تطبيق القانون وفقًا لما تقتضيه المصلحة الأمريكية.
وعلق السيناتور الجمهوري جون كورنين، من ولاية تكساس على هذا التوجه قائلًا إنه يمثل خطوة في الاتجاه الذي طالما دعا إليه ترامب، مما يعكس التناغم المتزايد بين التشريعات المقترحة ورؤية الرئيس المنتخب للعلاقات مع الصين.
عقوبات للشركات المخالفة
وتتضمن النسخ الأخيرة من مشروع القانون تغييرات جوهرية تصب في مصلحة الإدارة القادمة، إذ يمنح التشريع المقترح الرئيس سلطة تقديرية كاملة في فرض عقوبات على الشركات الأمريكية التي تخالف قواعد الاستثمار الجديدة، وهو ما يوفر أداة تفاوضية قوية في يد ترامب خلال أي محادثات مستقبلية مع بكين.
كما يتضمن التشريع بندًا يمنح الوكالات الفيدرالية مهلة زمنية إضافية لتنفيذ القانون، مما يتيح الفرصة لتثبيت المرشحين الذين سيختارهم ترامب في مناصبهم قبل البدء في تطبيق القانون.
وفي خطوة لافتة، تم الحفاظ على بند يُعيد العمل بأمر تنفيذي سابق أصدره ترامب يتعلق بالتخلص من الأوراق المالية العسكرية الصينية، وذلك بناءً على توصيات مايك والتز، الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي.
توازن المصالح والتحديات
وأشارت، الصحيفة الأمريكية، إلى توازن دقيق في التشريع المقترح بين الحزم تجاه الصين والحفاظ على المصالح الاقتصادية الأمريكية، إذ إن المرونة التي يوفرها القانون لا تخدم فقط الأجندة السياسية للإدارة القادمة، بل تمتد لتشمل مصالح المؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا ورأس المال الاستثماري التي تمتلك استثمارات كبيرة في السوق الصينية.
و نقلت "بوليتيكو" عن مصادر في القطاع الصناعي إشادتهم باستجابة المشرعين لمخاوفهم بشأن تعقيدات سلاسل التوريد العالمية، والعلاقات التجارية المتشابكة مع الصين.
كما تُشير المصادر إلى أن هذا النهج المتوازن يمهد الطريق لحوار أكثر فعالية في الكونجرس المقبل حول مستقبل العلاقات الاقتصادية مع بكين.
حزم ومرونة تجاه الصين
يواجه التشريع المقترح تحديات في طريقه نحو الإقرار النهائي، إذ يسعى القادة التشريعيون من كلا الحزبين لإدراجه ضمن مشروع قانون الإنفاق المؤقت الذي يجب أن يقره الكونجرس بحلول العشرين من ديسمبر لتجنب إغلاق الحكومة.
وتكشف "بوليتيكو" أن فريق ترامب لا ينتظر الموافقة النهائية على التشريع، بل يدرس بالفعل خيارات متعددة للتعامل مع الاستثمارات المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، بما في ذلك إمكانية إصدار أوامر تنفيذية لسد أي ثغرات قد تظهر في التشريع النهائي.
ويأتي هذا في سياق استعدادات واسعة النطاق للتعامل مع الملف الصيني، الذي يُتوقع أن يكون من أبرز أولويات إدارة ترامب الثانية بعد فوزه في انتخابات نوفمبر.
وتختتم "بوليتيكو" بالإشارة إلى أن هذه التحركات التشريعية تعكس تحولًا أوسع في السياسة الأمريكية تجاه الصين، حيث يبدو أن واشنطن تتجه نحو نهج أكثر حزمًا مع الاحتفاظ بالمرونة اللازمة للتفاوض وحماية المصالح الاقتصادية الأمريكية.