بعد قضاء 21 عامًا خلف القضبان، حصلت "آنا مونتى" أحد أشهر جواسيس حقبة الحرب الباردة، على حريتها، بعد أن أطلقت السلطات الأمريكية سراحها، وفق ما ذكرته صحيفة" الإندبندنت" البريطانية اليوم الأحد.
وفى 2001، وتحديدًا بعد 10 أيام من هجمات الحادى عشر من سبتمبر، ألقى القبض على "مونتى" التي كانت تعمل محللة في وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية، وذلك بتهمة التجسس لصالح كوبا.
وقضت المرأة، التي تبلغ الآن 65 عامًا، أكثر من عشرين عامًا في السجن، وقال مسؤولون عقب إلقاء القبض عليها عام 2001، إنها كشفت عمليات الاستخبارات الأمريكية في الجزيرة بشكل شبه كامل، بينما ذهب أحد المسؤولين في الجهاز للقول إنها كانت من الجواسيس الذين تسببوا في أكبر الأضرار بين الذين ألقت السلطات الأمريكية القبض عليهم.
وقال "ميشيل فان كليف"، رئيس جهاز مكافحة الجاسوسية خلال فترة رئاسة "جوج دبليو بوش": "إن مونتي كشفت كل شيء، عمليًا كل شيء يتعلق بما نعرف عن كوبا وكيفية عملنا في الجزيرة، وهذا جعل السلطات الكوبية واعية تمامًا لما نعرفه عنها وتمكنت من استخدام ذلك لصالحها. بالإضافة إلى ذلك استطاعت التأثير على تقديراتنا للوضع في كوبا في أحاديثها مع زملائها، كما أنها وجدت طريقة لتزويد قوى أخرى بالمعلومات".
وبعد إلقاء القبض عليها، وجهت لـ"مونتي" اتهامات بكشف هويات أربعة جواسيس أمريكيين وكشف كميات ضخمة من المعلومات، وصدر ضدها حكم بالسجن لمدة 25 عامًا، واتهمها القاضى الذى نطق بالحكم آنذاك بتعريض الأمة بأسرها للخطر.
وتختلف "مونتي" عن الجواسيس الآخرين الذين ألقي القبض عليهم خلال الحرب الباردة بأن حوافزها كانت أيديولوجية لا مادية، وقد وافقت على العمل لصالح المخابرات الكوبية جزئيًا بسبب معارضتها لسياسات إدارة الرئيس السابق رونالد ريجان ونشاطاتها في أمريكا اللاتينية.
وأظهر تقرير أنها كانت غاضبة بسبب دعم الولايات المتحدة لمسلحي "الكونترا" في "نيكاراجوا" وهم منظمة يمينية يشتبه في ارتكابها جرائم حرب وفظائع أخرى في البلاد.
وقد اتصل بها طالب من زملائها في جامعة "جون هوبكنز" بداية عام 1984، بعد أن عبّرت عن غضبها من الأعمال المرتكبة في "نيكاراجوا"، ثم قدمت لعميل للمخابرات الكوبية، وخلال عشاء في مدينة نيويورك وافقت على العمل لمساعدة نيكاراجوا من خلال الكوبيين بدون أي تردد، كما ورد في التقرير المخابراتي حول نشاطها.
وبعد أن سافرت إلى "هافانا" للتدريب في العام اللاحق، انضمت" مونتى" لوكالة المخابرات الدفاعية، وأصبحت محللًا رئيسيًا لشؤون الحكومة الكوبية. وقد التقت بضباط المخابرات الكوبية على مدى عشرين عامًا تقريبًا كل بضعة أسابيع في مطاعم في العاصمة الأمريكية "واشنطن دي سي" وأرسلت رسائل مشفرة لهم عبر جهاز اتصال. وتلقت التعليمات عبر جهاز إرسال لاسلكي يبث على الموجة القصيرة.
وتم اعتقال" مونتى" في 21 سبتمبر من عام 2001 بعد أن تلقى مسؤولون في المخابرت الأمريكية معلومات عن قيام مسؤول في الحكومة الأمريكية بالتجسس لصالح كوبا. وقال أحد الضباط الذين ألقوا القبض عليها إنها تحلت بالهدوء ورباطة الجأش أثناء الاعتقال.
ومن المقرر أن تبقى "مونتي" تحت المراقبة لخمس سنوات أخرى، كما سيراقب نشاطها على الإنترنت، وسيحظر عملها في أجهزة حكومية أو الاتصال بعملاء أجانب بدون تصريح.
وقال "بيت لاب" وهو أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى" إف بى أي" الذين ألقوا القبض على "مونتى" إنه لا يعتقد أنها ستحاول الاتصال بالكوبيين. وأضاف "لقد أسدلت الستار على ذلك الفصل من حياتها. بعد أن أدت مهمتها. لا أتوقع أن تخاطر بحريتها".