الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"نوتردام" تعود للحياة.. باريس تحتفل بترميم أيقونتها بعد "الحريق المدمر"

  • مشاركة :
post-title
كاتدرائية نوتردام

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستعادة أحد أهم معالمها التاريخية والروحية، حيث تعود كاتدرائية نوتردام الشهيرة إلى الحياة من جديد في السابع من ديسمبر المقبل، بعد خمس سنوات من الحريق المأساوي الذي كاد أن يقضي على هذا الصرح التاريخي العريق، في هذا الصدد كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن التفاصيل الكاملة لهذا الحدث التاريخي الذي يترقبه الملايين حول العالم، والذي سيشهد احتفالات استثنائية على مدار يومين كاملين، تجمع بين الطقوس الدينية والاحتفالات الثقافية، في مشهد يجسد عودة هذا المعلم التاريخي إلى مكانته المرموقة في قلب باريس.

خطة أمنية محكمة

في إطار الاستعدادات غير المسبوقة لهذا الحدث التاريخي، كشفت لوموند عن خطة أمنية شاملة وضعتها السلطات الفرنسية لتأمين مراسم إعادة افتتاح الكاتدرائية.

وأوضح رئيس شرطة باريس، لوران نونيز، في تصريحات خاصة للصحيفة الفرنسية أن الإجراءات الأمنية ستكون استثنائية، إذ سيتم إغلاق جزيرة سيتي بالكامل، وهي الجزيرة التاريخية التي تحتضن الكاتدرائية في قلب العاصمة الفرنسية.

وسيمتد الطوق الأمني ليشمل تسعة جسور محيطة بالجزيرة، فضلًا عن جزء من الضفة الجنوبية لنهر السين، في إجراءات تشبه تلك التي اتُخذت خلال حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس.

وسيقتصر الدخول إلى المنطقة على حاملي الدعوات الرسمية وسكان الجزيرة فقط، في ظل توقعات بحضور نحو خمسين من قادة العالم ورؤساء الدول والحكومات.

مراسم الافتتاح

في مشهد سيخلد في ذاكرة التاريخ، ستبدأ مراسم إعادة افتتاح الكاتدرائية في تمام الساعة الثانية والنصف من ظهر يوم السبت، حيث سيقوم رئيس أساقفة باريس، لوران أولريش، بتنفيذ طقس تقليدي عريق يتمثل في طرق أبواب الكاتدرائية المغلقة بعصاه الرعوية، معلنًا بذلك عودة الحياة إلى هذا الصرح التاريخي.

وستشهد المراسم لحظة مؤثرة تتمثل في إعادة إحياء "الأورجن" العظيم للكاتدرائية، تلك الآلة الموسيقية التاريخية التي تضم ثمانية آلاف أنبوب، والتي خضعت لعملية ترميم دقيقة استغرقت سنوات.

وقد تطلبت عملية الترميم تفكيك الأورجن بالكامل وتنظيف كل أنبوب من الغبار السام الذي تسبب فيه ذوبان سقف الكاتدرائية الرصاصي خلال الحريق، قبل إعادة ضبطها وتركيبها من جديد.

احتفالية فنية عالمية

وفي المساء، ستتحول الكاتدرائية إلى مسرح فني عالمي يجمع نخبة من أشهر الفنانين العالميين في حفل موسيقي استثنائي، إذ كشفت لوموند أن الحفل سيضم المغنية الأوبرالية الجنوب إفريقية بريتي يندي، والمغنية الفرنسية جولي فوكس، وعازف البيانو الصيني الشهير لانج لانج، وعازف التشيلو العالمي يو-يو ما، والمغنية أنجيليك كيدجو من بنين، والمغنية اللبنانية هبة طوجي.

وسيقدم هؤلاء الفنانون عروضًا موسيقية خاصة، تليق بهذا الحدث التاريخي، في تجسيد حي للبعد الثقافي والإنساني العالمي لكاتدرائية نوتردام.

قداس تاريخي

سيشهد يوم الأحد حدثًا روحيًا استثنائيًا يتمثل في إقامة قداس تاريخي وتكريس المذبح الجديد للكاتدرائية، في حين ستكون هذه المناسبة فريدة من نوعها، إذ سيشارك فيها ما يقرب من مائة وسبعين أسقفًا من فرنسا ومختلف دول العالم، إضافة إلى كهنة من جميع الأبرشيات المائة وستة في أبرشية باريس.

وفي لفتة إنسانية مميزة، سيعقب القداس حفل استقبال خيري مخصص للمحتاجين، في رسالة تؤكد الدور الاجتماعي والإنساني للكاتدرائية.

جهود الترميم

أشارت الصحيفة إلى أن عملية ترميم كاتدرائية نوتردام شكلت ملحمة إنسانية حقيقية، إذ شارك فيها أكثر من ألفي حرفي ومتخصص من مختلف أنحاء العالم.

وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأخيرة للكاتدرائية بهذه الجهود الاستثنائية، واصفًا ما تم إنجازه بأنه "المستحيل".

ونقلت لوموند عن ماكرون قوله إن حريق نوتردام كان بمثابة "جرح وطني"، لكن العاملين في مشروع الترميم نجحوا في معالجة هذا الجرح من خلال العمل الدؤوب والالتزام والإرادة القوية.

وأكد ماكرون أن إعادة افتتاح الكاتدرائية ستكون بمثابة "صدمة أمل" للشعب الفرنسي والعالم أجمع.

وقد حرص الفريق الدولي المسؤول عن الترميم على الحفاظ على الطابع التاريخي والمعماري الأصلي للكاتدرائية، مع الاستفادة من أحدث التقنيات في عمليات الترميم.

وشملت الأعمال إعادة بناء البرج الشهير الذي انهار خلال الحريق، وترميم السقف والجدران والنوافذ الزجاجية التاريخية، في عملية دقيقة استغرقت خمس سنوات كاملة.