وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى العاصمة الأوكرانية كييف، صباح اليوم الاثنين، على متن قطار، للمرة الثانية منذ بداية الحرب الروسية، في زيارة غير ملعنة لأسباب أمنية، وسط تعرّض كييف لهجمات متكررة بطائرات روسية بدون طيار، بحسب موقع "تاجز شاو" الألماني.
وقال "شولتس" فور وصوله: "على مدى أكثر من ألف يوم، دافعت أوكرانيا عن نفسها ببطولة ضد الحرب الروسية التي لا ترحم"، معبرًا خلال زيارته عن تضامنه وتوضيح الدعم الألماني الأقوى لأوكرانيا في أوروبا.
وتأتي الزيارة بعد عامين ونصف العام من زيارته الأخيرة في يونيو 2022، برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي آنذاك ماريو دراجي، وقد مهّد الثلاثة الطريق أمام أوكرانيا لكي تصبح مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.
أسلحة بـ650 مليون يورو
خلال اجتماعه مع زيلينسكي في كييف، اليوم، أعلن "شولتس" عن تسليم ألمانيا أسلحة أخرى بقيمة 650 مليون يورو، في ديسمبر الجاري، وبحسب معلومات الحكومة الألمانية، فقد تم تسليم أو وعد بتسليم أسلحة ومعدات عسكرية تبلغ قيمتها نحو 28 مليار يورو إلى أوكرانيا منذ الهجوم الروسي في 24 فبراير 2022، وأن المساعدات التي تم الإعلان عنها الآن مدرجة بالفعل في هذا الرقم.
ومن المرجّح أن تتمحور المحادثات حول الوضع على الجبهة، وكذلك المبادرات الدبلوماسية المحتملة التي يمكن أن تأتي من الحكومة الأمريكية المستقبلية في عهد دونالد ترامب لإنهاء الحرب.
كان "شولتس" ذكر تلك المحادثات عدة مرات في الأشهر الأخيرة مع زيلينسكي والرئيس الأمريكي جو بايدن، وكذلك أيضًا مع دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب، كما أبدى زيلينسكي أخيرًا انزعاجه من تحدث شولتس عبر الهاتف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتصف نوفمبر الماضي.
وقال الرئيس الأوكراني بعد ذلك إن شولتس فتح "صندوق باندورا"، في إشارة إلى المتاعب المنتظرة من خلال ذلك الاتصال.
انضمام أوكرانيا للناتو
تظل رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي قائمة، على الرغم من أن كييف لا تزال غير مرشحة لعضوية الناتو عكس رغبتها الصريحة، خاصة بعد أن أكد الرئيس زيلينسكي مرة أخرى أن الدعوة إلى الناتو أمر ضروري لبقائنا.
ومن المرجّح أن يتناول زيلينسكي هذه القضية في اجتماعه مع شولتس، كما تناولها في قمة الناتو بفيلنيوس العام الماضي، ما دفع الدول الواقعة على الجانب الشرقي لحلف شمال الأطلسي، مثل بولندا ودول البلطيق، على وجه الخصوص، للدعوة بانضمام أوكرانيا إلى الناتو بينما لم ترغب ألمانيا والولايات المتحدة في اتخاذ تلك الخطوة.
بُعد سياسي للزيارة
وتحمل الزيارة بُعدًا سياسيًا في ظل الحملة الانتخابية للمستشار الألماني، قبل الانتخابات الفيدرالية المبكرة في نهاية فبراير المقبل.
ويسعى المستشار الألماني أولاف شولتس، لقطع الطريق على منافسه في الانتخابات المقبلة زعيم المعارضة مرشح حزب الاتحاد المسيحي فريدريش ميرز، بعد أنباء دعوة زيلينسكي لزعيم المعارضة فريدريش ميرز لزيارة أوكرانيا قريبًا.
وترغب كل من أحزاب الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والحزب الديمقراطي الحر على مزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا، بينما يرفض حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب العمال الاشتراكي.
صواريخ كروز الألمانية
في الوقت الذي أعربت أوكرانيا عن حاجتها الماسة للأسلحة، في ظل التفوق الروسي، مع دخول الحرب عامها الثالث، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، رفضه القاطع لتسليم كييف صواريخ "توروس" بعيدة المدى، خوفًا من جر بلاده إلى مواجهة مباشرة مع روسيا.
ورفض المستشار أولاف شولتس، بشكل واضح تسليم صواريخ كروز من طراز توروس إلى أوكرانيا، مشيرًا إلى خطر تورط ألمانيا في الحرب، قائلًا: "إنه سلاح طويل المدى للغاية، وما يفعله البريطانيون والفرنسيون لا يمكن القيام به في ألمانيا".
وقال المستشار الألماني: "سنمنع الحرب التي بدأتها روسيا ضد أوكرانيا من التصعيد إلى حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، ومن الواضح جدًا أنه لن يكون هناك جنود ألمان على الأراضي الأوكرانية، ولا يوجد أي تدخل لبلادنا والهياكل العسكرية لبلادنا في هذه الحرب، وهذه مسؤولية تقع على عاتق الحكومة وعليّ كمستشار تجاه المواطنين".
ألمانيا ثاني الداعمين
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر داعم لأوكرانيا في حرب أوكرانيا، ويقاس من حيث الدعم الثنائي المقدم في الفترة ما بين 24 يناير 2022 و31 أغسطس 2024، بحسب موقع "ستاتيستا".
وقد قدّمت الولايات المتحدة حتى الآن نحو 100 مليار يورو من الدعم الثنائي، منها نحو 65.6 مليار يورو على شكل دعم عسكري، و31.6 مليار يورو على شكل دعم مالي ونحو 2.9 مليار يورو على شكل مساعدات إنسانية.
وتأتي ألمانيا في المرتبة التالية بنحو 23 مليار يورو، على الرغم من أن مشاركة ألمانيا في مساعدات الاتحاد الأوروبي لم تؤخذ في الاعتبار بعد، ومع الأخذ في الاعتبار مساهمات الاتحاد الأوروبي، بلغ إجمالي الدعم الألماني لأوكرانيا نحو 41 مليار يورو، وقدّم الاتحاد الأوروبي باعتباره اتحادًا من الدول حتى الآن دعمًا بقيمة نحو 79.8 مليار يورو.