تعيش الحكومة الفرنسية وضعًا حرجًا وسط مواجهات على عدة جبهات، من معارضة برلمانية شرسة إلى أزمة مالية خانقة؛ ما يضع مستقبلها في مهب الريح، بحسب صحيفة لوموند الفرنسية.
معركة البقاء السياسي
بحسب "لوموند"، تواجه الحكومة الفرنسية عجزًا ماليًا غير مسبوق يصل إلى 9 مليارات يورو؛ ما دفع رئيس الوزراء ميشيل بارنييه إلى العودة للتفاوض بشأن الضرائب على الكهرباء، الأمر الذي تتجه معه الحكومة إلى خطة طوارئ مالية، تتضمن رفع الضرائب على استهلاك الكهرباء بحلول عام 2025، لسد الفجوة المالية المتزايدة في الميزانية.
كما تتجه الحكومة إلى سلسلة الإجراءات التقشفية المقترحة، والتي تشمل مراجعة شاملة لنظام الإعفاءات الضريبية وتعديلات جوهرية في نظام الضمان الاجتماعي.
وكشفت مصادر برلمانية للصحيفة عن مناقشات حادة داخل لجنة المالية البرلمانية حول مقترح خفض النفقات العامة بنسبة 5% في القطاعات غير الحيوية، مع استثناء التعليم والصحة والأمن، إضافة إلى خطة لتجميد التوظيف في القطاع العام لمدة عامين، في محاولة لتوفير 3.1 مليار يورو سنويًا.
صراع التقاعد
ونقلت لوموند تفاصيل فشل تحالف "إنسوميز" المعارض في تمرير مقترح إلغاء إصلاحات التقاعد. وشهدت الجلسة البرلمانية، التي استمرت لأكثر من 12 ساعة، مواجهات حادة بين النواب انتهت بتصويت 175 نائبًا ضد المقترح، مقابل 152 صوتًا مؤيدًا، كما تبادل النواب الاتهامات حول مستقبل النظام التقاعدي في فرنسا.
وفي تطورٍ لافتٍ، نقلت لوموند عن لوران بيرجيه، زعيم اتحاد النقابات العمالية، تصريحات نارية أكد فيها استمرار النضال ضد قانون التقاعد، واستعرضت تفاصيل خطة النقابات للتصعيد، والتي تتضمن سلسلة من الإضرابات المتتالية في القطاعات الحيوية، مع تنظيم مظاهرات حاشدة في باريس والمدن الكبرى.
تداعيات سياسية واقتصادية
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة داخل الحزب الحاكم تفاصيل الخلافات حول السياسات الاقتصادية، مع تزايد الأصوات المطالبة بتغيير المسار الحالي، كما أظهرت انقسامات حادة بين النواب المنتمين لحزب الرئيس.
وأشارت إلى اجتماعات مكثفة عقدها بارنييه خلف الأبواب المغلقة مع قادة الكتل البرلمانية، في محاولة لبناء توافق حول حزمة الإصلاحات المقترحة.
وأشارت لوموند إلى مخاوف عميقة في الأوساط المالية والاقتصادية، إذ نقلت عن خبراء اقتصاديين تحذيرات جادة من مخاطر خفض التصنيف الائتماني لفرنسا في حال فشل الإصلاحات المالية.
وأوضحت أن وكالات التصنيف العالمية تراقب عن كثب التطورات السياسية، مع توقعات بقرارات مصيرية خلال الأسابيع المقبلة قد تؤثر على تكلفة اقتراض فرنسا من الأسواق العالمية.
وختمت لوموند بتحليل شامل للتحديات المستقبلية، مشيرة إلى أن الأزمة الحالية تتجاوز كونها أزمة سياسية عابرة إلى كونها اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام السياسي الفرنسي على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة.
وأكدت أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل حكومة بارنييه والمسار السياسي والاقتصادي للبلاد ككل.