في الوقت الذي شعرت فيه الأسواق المالية بالخوف من أن يؤدي النزاع حول الميزانية الفرنسية إلى تعجيل أزمة في منطقة اليورو بأكملها، جددت مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا، تهديدها بإسقاط الحكومة إذا قاوم رئيس الوزراء ميشيل بارنييه بعض مطالب حزبها بشأن ميزانية العام المقبل، والتي وصفتها بأنها "سيئة وغير عادلة وعنيفة".
واقترب العائد على سندات الحكومة الفرنسية القياسية لأجل عشر سنوات من 100 نقطة فقط من نظيراتها اليونانية، وبالإضافة إلى ذلك أصبح القسط الذي يطلبه المستثمرون على السندات الألمانية المماثلة الآن أعلى من أي وقت مضى منذ ذروة أزمة ديون منطقة اليورو في عام 2012، عند 0.87 نقطة مئوية.
وعقد حزب "لوبان" مؤتمرًا صحفيًا للرد على الاتهامات بأنَّ انهيار الحكومة من شأنه أن يؤدي إلى أزمة مالية على غرار اليونان أو إلى إغلاق على غرار الولايات المتحدة.
واتهم جان فيليب تانجوي، أحد أبرز زعماء التجمع الوطني، بارنييه بـ"الصراخ كذئب" بعد أن ظهر على التلفزيون الوطني، مساء الثلاثاء الماضي، ليحذر من "اضطرابات خطيرة في الأسواق المالية قد تلي انهيار الحكومة".
وأشار تانجوي، المسؤول عن الملفات الاقتصادية في الحزب، إلى أن التجمع الوطني "لا يتعامل باستخفاف مع قراره بدعم إجراء حجب الثقة ضد بارنييه".
التلويح بالذعر
ونقلت النسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو" عن تانجوي قوله إن "بارنييه مضطر إلى التلويح بالذعر والخوف من الفوضى، وذلك نظرًا لعدم قدرته على ضمان إصلاحات ضريبية قائمة على العدالة والمساهمات العادلة للجميع".
ويختلف بارنييه والتجمع الوطني بشأن خطط الميزانية التي وضعها لعام 2025، والتي تتضمن 60 مليار يورو من المدخرات بهدف خفض العجز الفرنسي.
ومن المتوقع أن يصل العجز إلى 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد لعام 2024، وهو أكثر من ضعف الحد الأقصى الذي حدده الاتحاد الأوروبي للإنفاق الزائد.
ومنذ تعيينه في أوائل سبتمبر، أوضح بارنييه أن خفض العجز سيكون أولويته الرئيسية، وهو الوعد الذي هدأ المفوضية الأوروبية في بروكسل، والتي كانت قلقة بشأن الإنفاق الزائد لفرنسا منذ الوباء، وأيدت المفوضية خطة بارنييه لترتيب شؤون فرنسا المالية، الثلاثاء الماضي.
وجاء في التقرير: "كان المشرعون يناقشون ميزانية بارنييه منذ أسابيع، ولكن مع اقتراب نهاية العام أصبح من الواضح بشكل متزايد أن رئيس الوزراء سيحتاج إلى استخدام باب خلفي دستوري لتمريرها".
وأضاف: "تسمح له (بارنييه) هذه المناورة بسن التشريعات دون تصويت، ولكنها -في المقابل- تسمح للمشرعين بتقديم اقتراحات بسحب الثقة.. وأعلن تحالف من المشرعين من عموم اليسار بالفعل عن تقديم اقتراح واحد".
وحتى وقت قريب، كان التجمع الوطني يقدم دعمه الضمني لحكومة الأقلية التي يرأسها بارنييه، والتي يدعمها المحافظون والوسطيون في زواج مصلحة فوضوي.
وهددت "لوبان"، الاثنين الماضي، بالانضمام إلى جهود اليسار لإزاحة رئيس الوزراء المتأرجح بسبب عدة مطالب تتعلق بالميزانية، بما في ذلك إلغاء زيادة ضريبة الكهرباء، وتأخير اقتراح تعديل التضخم للمعاشات التقاعدية.
كما تريد زعيمة اليمين المتطرف منذ فترة طويلة أن ترى تخفيضات الإنفاق على المساعدات الطبية للمهاجرين.