كان للسينما الفلسطينية حضور مميز في النسخة 45 من مهرجان القاهرة السينمائي، الذي انتهت فعالياته أخيرًا، ولرئيس المهرجان الفنان المصري حسين فهمي، دور كبير في دعم القضية الفلسطينية وتسليط الضوء على شعبها ومعاناته من خلال أعمالهم الفنية، وكان من ضمن هذه الأفلام، "غزة التي تطل على البحر"، للمخرج الفلسطيني محمود نبيل.
دارت أحداث الفيلم في قلب قطاع غزة، حيث ينتقل أربعة رجال عبر مسارات متباينة سعيًا وراء تعريفاتهم الخاصة للوجود، وتتشابك مصائرهم وسط تعقيدات الحياة والحب والبقاء، وبينما تتكشف أحداث الفيلم، ينغمس المشاهدون في الحياة اليومية لهؤلاء الرجال، ومراقبة انغماسهم في روتين حياتهم جنبًا إلى جنب مع عائلاتهم في مدينتهم الحبيبة.
عمل تطوعي
يؤكد المخرج الفلسطيني محمود نبيل لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن فكرة العمل جاءت له أثناء دراسته في تونس، إذ قال: "كان دائمًا لديّ شعور برد الدَين ونقل المعلومات التي حصلت عليها في أثناء دراستي ولو بشكل بسيط من خلال ورش صناعية في غزة، وفي أول سفر لي إلى قطاع غزة، تحمّست لمشاركة هذه المعلومات لكل الأشخاص المهتمين بالسينما في غزة، وقمت بعمل ورش سينمائية، وجاءت فكرة الفيلم من أفكار وحكايات الشباب المشاركين في هذه الورشة".
ويضيف: "كواليس العمل كانت جميلة للغاية؛ لأن كل شخص يشارك بشكل تطوعي من أجل تقديم غزة بأعين الفلسطينيين وإظهار جمالها بعيدًا عن الموت والدمار والقتال، ويوضح لكل العالم بساطتها وحكايات أهلها، فتم تقديم العمل بكل حب وولاء لفلسطين".
رمز الحرية
يشير محمود نبيل إلى أن السبب وراء اختيار اسم "غزة التي تطل على البحر"، كونه يرمز إلى الحرية، إذ قال: "البحر يرمز إلى سكان وأهل غزة؛ لأنه المنفذ الوحيد الذي يشعرون فيه بالحرية ولو بصريًا، بحُكم أن القيود والأسوار محيطة بهما في كل مكان، فالشخصيات خلال العمل يشعرون أن البحر المكان الوحيد الذي يفرغ همومهم، فالإنسان الفلسطيني يجد نفسه عند البحر بلا قيد ولا حاجز".
ويضيف: "واجهتنا تحديات كثيرة لخروج فيلمنا إلى النور، منها أنه قبل بدء الورش بيومين صار في عدوان على غزة واستمر لأكثر من أسبوع في هذا الوقت، فالاحتلال كان حاضرًا معنا في كل لحظة وثانية، فكان هذا من أكبر الصعوبات، فالموت يطاردنا في كل مكان، إضافة إلى أن التمويل كان مستقلًا وبالتالي لم يكن كافيًا لإنتاج الفيلم، واستخدمنا معدات شبه بدائية".
وتابع: "للفن دور مهم في مجابهة سردية الاحتلال، ونشر قصصنا بأعيننا، فهو ركيزة قوية ضد الاحتلال وأداة من أدوات النضال لمقاومة المحتل، لذا هذا الفيلم لم يكن مجرد عمل فني بل هو نضال من أجل دعم قضيتنا وإظهار حقيقتنا أمام العالم".
شرف كبير
يؤكد المخرج الفلسطيني أن مشاركة فيلمه في مهرجان القاهرة السينمائي يعد خطوة مهمة للعمل، إذ قال: "شرف كبير مشاركة فيلمنا "غزة التي تطل على البحر"، في مهرجان القاهرة السينمائي؛ لأنه من أكبر وأعرق المهرجانات في الشرق الأوسط، كما أن المهرجان موقفه واضح أمام القضية بداية من مقاطعته للمنتجات الداعمة للمحتل، أو من خلال تخصيص برنامج للسينما الفلسطينية لتسليط الضوء على حياتهم ومعاناتهم، وكان فخر لنا أن تكون انطلاقتنا من خلال بوابة كبيرة مثل مصر".