في الأيام الماضية، خرج عدد من المنافذ الإخبارية والمدافعون عن حرية الصحافة والصحفيون في أوروبا في هجمة غاضبة على منصة "إكس"، موقع التواصل الاجتماعي الذي يديره قطب التكنولوجيا إيلون ماسك، المؤيد الكبير للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
أحدث الهجمات جاءت الأربعاء الماضي، بإعلان منظمة "مراسلون بلا حدود" أنها رفعت دعوى قضائية ضد "إكس" أمام محكمة فرنسية بتهمة السماح بنشر أخبار كاذبة.
وجاء في الدعوى التي رفعتها المنظمة غير الحكومية أن موقع "إكس" فشل في حذف مقطع فيديو تم تصنيفه زورًا على أنه من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وزعم أن "مراسلون بلا حدود" كانت وراء دراسة حول المعتقدات النازية بين أفراد الجيش الأوكراني.
وحقق الفيديو ما يقرب من نصف مليون مشاهدة بحلول منتصف سبتمبر ولم يتم حذفه، على الرغم من 10 تقارير عن محتوى غير قانوني قدمتها المنظمة.
حالة رفض
تنقل النسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو" عن أنطوان برنارد، مدير المناصرة في المنظمة: "إن رفض موقع إكس إزالة المحتوى الذي يعرف أنه زائف ومضلل -كما أبلغته منظمة مراسلون بلا حدود على النحو الواجب- يجعله متواطئًا في نشر المعلومات المضللة المتداولة على منصته".
وتأتي قضية "مراسلون بلا حدود" في الوقت الذي أعلنت فيه صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، الأربعاء، أنها ستترك "المنصة السامة"، مشيرة إلى تأثير ماسك في الانتخابات الأمريكية، وبسبب "المحتوى المزعج في كثير من الأحيان الذي يتم الترويج له أو العثور عليه على المنصة، بما في ذلك نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة والعنصرية".
كما انسحبت صحيفة "لا فانجارديا" الإسبانية اليومية أمس الخميس، قائلة إن المنصة الاجتماعية "أصبحت منصة لنظريات المؤامرة والمعلومات المضللة".
كما رفع ناشرون فرنسيون دعوى قضائية، الثلاثاء الماضي، زاعمين أن "إكس" لن تفتح محادثات قانونية معهم بشأن مدفوعات المحتوى.
وتأتي هذه الخطوات في وقت حساس بالنسبة لأوروبا، التي تعاني بالفعل من الارتباك بسبب إعادة انتخاب ترامب.
وكان الرئيس الأمريكي المنتخب ركز بشكل كبير على الدعم المالي والعام الذي حصل عليه ماسك خلال حملته الانتخابية، وأعلن أن قطب التكنولوجيا سيتولى دورًا حكوميًا لتقليص حجم الجهاز الحكومي.
التهرب من الالتزامات
بينما يواجه موقع التواصل الاجتماعي الخاص به قضية هي الأولى من نوعها بموجب قانون تعديل المحتوى في الاتحاد الأوروبي، قانون الخدمات الرقمية (DSA)، وصف مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي ماسك بأنه "مروج للشر".
وتتوغل القضية في كيفية تحويل ماسك لموقع "إكس" إلى "ملاذ للأخبار المزيفة والمحتوى الضار"، بعد أن اشترى المنصة في عام 2022 وقضى على الجهود المبذولة لتعديل المحتوى، بحسب "بوليتيكو".
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن رد الفعل العنيف من جانب الصحافة الأوروبية ضد "إكس" يكمن أيضًا في إحباطها من الحصول على أجر مقابل الحركة التي يوفرها المحتوى الإخباري لوسائل التواصل الاجتماعي.
وتسمح قواعد حقوق الطبع والنشر في الاتحاد الأوروبي لصناعة الصحافة بالسعي إلى الحصول على أجر مقابل عرض محتواها على وسائل التواصل الاجتماعي أو محركات البحث.
وصعّد الناشرون الفرنسيون على وجه الخصوص من الضغوط على شركة "إكس" بعد فشلهم في بدء المفاوضات مع الشركة بشأن المبلغ الذي تدين به لهم مقابل استخدام المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر.
وفي مايو الماضي، انحازت محكمة فرنسية إلى مؤسسات إعلامية، بما في ذلك صحف "لوموند" و"لو فيجارو" و"لو باريزيان" ووكالة "فرانس برس"، وأمرت موقع "إكس" بالكشف عن معلومات من شأنها أن تساعد في حساب مقدار المال الذي تجنيه على خلفية مقالاتها.
وقالت المؤسسات الإعلامية الفرنسية، معلنة الدعوى أمام المحكمة القضائية في باريس، في بيان الثلاثاء الماضي، إن المنصة "لم تمتثل" لهذا القرار حتى الآن "ما يدل على رغبتها الثابتة في التهرب من التزاماتها القانونية".