تشهد العاصمة الهولندية أمستردام حالة من التوتر والعنف المتزايد بعد حادثة اعتداء مؤيدين للقضية الفلسطينية على مشجعي فريق كرة القدم الإسرائيلي "مكابي تل أبيب"، وما تبعها من موجات اضطراب واعتداءات.
آخر هذه التطورات كان تدوال مقاطع فيديو أخيرًا أثارت موجة جديدة من الغضب بإظهارها هتافات معادية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، نشأ عنها مواجهات متصاعدة بين المحتجين والشرطة.
وفي خلفية هذا المشهد، تتفاقم الاتهامات الدولية لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، مع قرارات سياسية داخلية مثيرة للجدل بشأن حرية التعبير ومساءلة المسؤولين.
اشتعال العنف
اندلعت اشتباكات عنيفة بين محتجين مؤيدين لفلسطين وقوات الشرطة في أمستردام، مساء أمس الاثنين، بعد نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه عدد من الأشخاص يهتفون بعبارات معادية لإسرائيل أثناء إشعالهم للألعاب النارية داخل ترامواي (محطة السكك الحديدية المركزية في مدينة أمستردام)
وأدى الحادث، وفق "سي إن إن" الأمريكية إلى تحطيم نوافذ إحدى المركبات التابعة لقوات الأمن واشتعال النيران بها، ما استدعى تدخل دعم من قوات الشرطة التي قامت باعتقال ثلاثة أشخاص.
وأفادت الشرطة الهولندية بأن ضباطها تعرضوا للرشق بالحجارة من قِبل مثيري الشغب، وقد أُصيب شخص آخر في المجموعة إثر الألعاب النارية وتلقى العلاج في مكان الحادث.
اضطرابات متصاعدة
بدأت العاصمة الهولندية في تطبيق إجراءات طوارئ منذ الجمعة الماضي بعد تعرّض مشجعي فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي للاعتداء عقب مباراتهم مع فريق أياكس الهولندي، وذلك عقب ظهور مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لمشجعي مكابي وهم يرددون عبارات معادية للعرب ويمجدون الهجمات العسكرية الإسرائيلية في غزة، ما ساهم في تأجيج الأوضاع قبل المباراة.
استجابة لهذه التطورات، فرضت السلطات الهولندية تدابير طارئة تشمل حظر المظاهرات في المدينة، ومنع ارتداء أغطية الوجه في حالات قد تثير الاضطرابات، إضافة إلى زيادة وجود الشرطة في الأماكن العامة.
قرار غير مسبوق
في ظل تفاقم التوترات، أصدرت لجنة الأخلاقيات في الكنيست الإسرائيلي قرارًا بمنع النائب عوفر كاسيف من حضور الجلسات العامة واجتماعات اللجان لمدة ستة أشهر، مع تجميد راتبه لأسبوعين.
جاء القرار بعد تصريحات "كاسيف" التي اتهم فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب، ما أثار موجة من الانتقادات حول حرية التعبير والوضع السياسي في دولة الاحتلال.
دعاوى دولية
على الصعيد الدولي، تتصاعد الاتهامات ضد إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة. فقد أعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن عدد ضحايا العمليات العسكرية في غزة بلغ 43,469 شهيدًا و102,561 جريحًا منذ بداية أكتوبر.
وفي الشهر الماضي، قدمت حكومة جنوب إفريقيا وثائق لمحكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بممارسة الإبادة الجماعية في غزة، في مستندات تحتوي على أكثر من 4,000 صفحة من الأدلة والشهادات، وقد وصفت الرئاسة الجنوب إفريقية هذه الأدلة بأنها تثبت "نية إسرائيلية لارتكاب الإبادة"، وهو ما تنفيه إسرائيل.
مطالبات بالاعتقال
في إطار المساءلة الدولية، قدّم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، طلبًا للدائرة التمهيدية في المحكمة يدعو لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، إضافة إلى عدد من المسؤولين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد خان أن "الوضع في غزة كارثي"، مشددًا على أن الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 يعد غير قانوني، وأن المسؤولين الإسرائيليين لا يتمتعون بحصانة قانونية، مستندًا إلى رأي استشاري من محكمة العدل الدولية.
يبرز هذا المشهد توترات متشابكة تتداخل فيها الأحداث المحلية في أمستردام مع الديناميكيات السياسية الدولية، ما يعكس تصاعد العنف والكراهية في عدة جوانب، ويضع تحديات جديدة أمام السلطات والمجتمع الدولي في مواجهة هذه الظواهر المتفاقمة.