"لم أحقق 1% مما حلمت به بعد تخرجي في المعهد العالي الفنون المسرحية، كنت أعتقد أنني سوف أغيّر شكل الفن في مصر والعالم".. هكذا عبّر الفنان الراحل أحمد خليل، في حوار تلفزيوني شهير، عن طموحاته الفنية التي لم تتحقق، محاولًا الحفاظ على رباطة جأشه بابتسامة ساخرة، إلا أنه لم ينجح في ذلك.
"خليل"، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله الـ13، يعد أحد أبرز الفنانين المصريين الملتزمين بالأطر المجتمعية في أعماله الفنية، إذ كان حريصًا على الالتزام بقيم وأعراف مهنة التمثيل، ويرى أن التخلي عنها يمثل بداية انهيارها التام.
ورغم أن جمهور الدراما التلفزيونية والسينما لا يحفظ ملامح أحمد خليل في مرحلة مبكرة من عمره، إلا أن مسيرة العمل الفني لخليل بدأت في سن مبكرة، من خلال انضمامه لفريق التمثيل في أثناء دراسته بالمرحلة الثانوية قبل أن يلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية ويتخرج فيه عام 1965.
وشارك بعد تخرجه في أحد أبرز أفلام السينما المصرية "المومياء" للمخرج شادي عبد السلام، من بطولة نادية لطفي وأحمد مرعي، لكنه من نوعية الأفلام التي لا تلقى رواجًا تجاريًا رغم قيمتها الفنية وإشادة النقاد بها.
تماهت هذه النوعية من الأعمال مع أحلام "خليل" فهو غير مهتم بالنجومية والأضواء، بل يبحث عن تحقيق ذاته، لكن لم تمر 8 سنوات على بدء مشواره الفني حتى قرر أن يوقفه بقرار اعتزال اتخذه عام 1974، وقال محدثًا نفسه: "أنا لا أصلح أن أكون ممثلًا، هذه المهنة ليست كما تصورت"، حسبما ذكر في أحد البرامج التلفزيونية.
كان نجم مسلسل "من الذي لا يحب فاطمة" يتصور أن الحياة مثالية كما رسمها في عقله منذ طفولته عندما كان يجمع أصدقاءه في إحدى قرى محافظة الدقهلية لكي يقدم لهم عملًا مسرحيًا من تأليفه وإخراجه وبطولته، لكن عندما أبصرت عيناه واقعًا لم يرضى عنه في مهنة الفن ولا يحقق طموحه، وقتئذ لم يتردد في الانسحاب، خصوصًا أنه كان يرفض التنازل عن طموحاته أو مبادئه الممتدة جذورها في الأرض، وكان يفتخر دائمًا بأنه فلاح مصري.
عاد بعد ذلك إلى مهنة المُعيد في المعهد، قبل أن يسافر إلى دبي ليبدأ هناك من جديد مشواره الفني، ليتعاون مع الكاتب محفوظ عبد الرحمن والمخرج عباس أرناؤوط في عدة مسلسلات منها "عنترة"، و"سليمان الحلبي" و"ليلة سقوط غرناطة".
ومع انتصاف العمر، بدأ أحمد خليل يشعر بثبات أقدامه أكثر في مهنة الفن، إذ إنه في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينيات بدأت مسيرته تزدهر أكثر بالعمل في أفلام ومسلسلات ناجحة، منها "كتيبة الإعدام"، و"ضد الحكومة" و"هدى ومعالي الوزير"، قبل أن ينضم إلى نجوم سلسلة "بوابة الحلواني" ليشارك في الجزء الثاني الصادر عام 1994.
أصبح وجه الممثل الرافض للتنازل عن مبادئه مألوفًا لجمهور الدراما، خصوصًا مع تألقه في مسلسلات "من الذي لا يحب فاطمة"، و"هوانم جاردن سيتي"، و"رد قلبي" و"الأبطال" وغيرها، ليتوج مشواره الفني بدوره الأشهر "عطا المراكيبي" في مسلسل "حديث الصباح والمساء"، رفقة النجمة ليلى علوي.