الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تدحض مزاعم النصر.. روايات جنود الاحتلال تقر بصعوبة مواجهة حزب الله

  • مشاركة :
post-title
جنود الاحتلال ينعون قتلاهم في جنوب لبنان

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

في الوقت الذي يدعى المسؤولون الإسرائيليون أن جيش الاحتلال حقق نجاحات كبيرة منذ تكثيف العدوان على لبنان قبل أقل من شهرين، أقرّ جنود الاحتلال المشاركون في القتال بصعوبة المواجهة على الأرض مع حزب الله، وفق ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم نجحوا في إضعاف البنية القيادية لحزب الله، وقتل الآلاف من عناصره، وتفكيك بنيته التحتية على طول الحدود.

حرب العصابات

وعلى الرغم من مزاعم إسرائيل، فإن جنود جيش الاحتلال على الأرض يقولون إن حزب الله لا يزال يقاوم، ويميل مقاتلوه إلى استخدام تكتيكات حرب العصابات، وهو أحد أساليب الحرب التي يتدربون عليها، ويستعدون من خلاله لإلحاق الخسائر بالإسرائيليين وإبقاء الحرب مستمرة، وفق "وول ستريت جورنال".

ونقلت الصحيفة عن جندي احتياط إسرائيلي، روايته عن إحدى المواجهات التي عكست أسلوب حرب العصابات، إذ قال إن "أحد المقاتلين تربص لقوات الاحتلال حتى تعود إلى منزل تم تطهيره.. لم يكن الأمر أشبه بمقاتَلة جيش".

ومنذ بدأ جيش الاحتلال الاجتياح البري للبنان الشهر الماضي، فقد 35 جنديًا هناك، وفي الشهر الأول من غزو جيش الاحتلال لقطاع غزة في العام الماضي، فقد ما يقرب من ضعف هذا العدد من جنوده.

ويقول المسؤولون العسكريون الإسرائيليون إن ذلك كان نوعًا مختلفًا من الهجوم، حيث كان الجنود يشقون طريقهم إلى المناطق الحضرية المكتظة بالسكان.

وفي لبنان، استخدم جيش الاحتلال مجموعات أصغر من الجنود، ونشرهم على طول الحدود بين المستوطنات الشمالية وجنوب لبنان، والتي يبلغ طولها 80 ميلًا، 

وكانت القرى الواقعة على الجانب الآخر من الحدود في لبنان مهجورة إلى حد كبير من المدنيين، وكانت تحت حراسة خفيفة من حزب الله، قبل أن تغزوها قوات الاحتلال.

وحسبما نقلت" وول ستريت جورنال" عن مسؤولين إسرائيليين، حدَّ جيش الاحتلال من معظم عمليات حزب الله إلى مسافة ثلاثة أميال داخل الأراضي اللبنانية. 

وبدأ حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل في اليوم التالي لبدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر من العام الماضي، ثم صعّد من وتيرة هجماته بعد أن غزَت قوات الاحتلال جنوب لبنان.

والآن، ترسل الجماعة اللبنانية ما معدله نحو 100 صاروخ يوميًا نحو شمال إسرائيل، وضرب حزب الله مؤخرًا مراكز سكانية رئيسية مثل حيفا، كما اخترقت طائراته بدون طيار الدفاعات الجوية لضرب مواقع حساسة، بما في ذلك مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي في شمال إسرائيل.

ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أن الضربة التي استهدفت موقفًا للسيارات في المطار الرئيسي بإسرائيل، أظهرت أنّ حزب الله يحتفظ بقدرات الاستهداف بعيدة المدى، ويمكنه العثور على الثغرات في الدفاعات الجوية الإسرائيلية العادية.

العدو المرن العنيد

وقالت الصحيفة إن الخسائر المتزايدة و"العدو المرن العنيد" يستحضران في إسرائيل ذكريات حربها التي استمرت شهرًا ضد حزب الله في لبنان عام 2006، والتي أسفرت عن مقتل 120 جنديًا، وأضافت أن هذا الصراع، الذي انتهى بسرعة جزئيًا بسبب ارتفاع عدد القتلى، اعتُبر بمثابة فشل في إسرائيل.

ومنذ ذلك الحين، وفق "وول ستريت جورنال"، اكتسب حزب الله المزيد من الخبرة في ساحة المعركة في سوريا، وعزز إمداداته من الأسلحة الروسية والصينية، والآن، مع استنفاد ترسانته وتفكك سلسلة القيادة، يظهر مقاتلو الجماعة أنهم لا يزالون قادرين على ضرب جيش الاحتلال، الأكبر والأفضل تجهيزًا.

ونقلت الصحيفة عن مايكل هورويتز، رئيس قسم الاستخبارات في شركة الاستشارات "لو بيك إنترناشيونال" ومقرها إسرائيل: "لا تزال هذه الهجمات تشبه إلى حد كبير هجمات التمرد أو حرب العصابات.. ولا تزال قادرة على أن تكون فعّالة".

وأدى الهجوم الإسرائيلي على آلاف الأجهزة الإلكترونية التابعة للجماعة في سبتمبر الماضي إلى جعل المسلحين حذرين بشأن الاتصالات الإلكترونية.

ووفق روايات من جنود احتياط الاحتلال، ينقل عملاء حزب الله في جنوب لبنان الآن، الرسائل في الغالب من خلال ملاحظات مكتوبة بخط اليد وأوامر شفهية شخصية، وهم يستخدمون الاتصالات الإلكترونية فقط قبل الهجمات مباشرة لتجنب إخطار إسرائيل بوجودهم في وقت مبكر للغاية.

وفي أواخر أكتوبر الماضي، كان حزب الله في حالة من الفوضى بعدما قُتل العديد من عناصره، وقال مسؤولون إسرائيليون إن بعض العناصر قُتلوا قبل الوصول إلى مواقعهم الميدانية في جنوب لبنان، وكان القادة الجُدد الذين حلّوا محلهم أقل دراية بالتضاريس ومقاتليهم.

طبيعة المجموعة اللبنانية تمكنها من مواصلة القتال، فقد تم تمكين القادة من المستوى المنخفض والمتوسط ​​على الأرض، كما ينشر حزب الله وحدات مصممة للعمل بشكل مستقل، وفقًا للخبراء في ديناميكيات المجموعة، وسمح لها هذا الهيكل بامتصاص الضربات الضخمة خلال الشهرين الماضيين، وتوجيه اللكمات الخاصة بها.

المنازل والأنفاق

ويتربص مقاتلو حزب الله، الذين ينظمون أنفسهم في وحدات صغيرة ذاتية الحكم، داخل المنازل والأنفاق المنتشرة في مختلف أنحاء المنطقة الحدودية، ويظلون مختبئين لأيام أو حتى أسابيع قبل شنّ هجمات خاطفة على القوات الإسرائيلية، التي يقول مسؤولون عسكريون وجنود احتياط في جيش الاحتلال، إن قتلاه وإصاباته في لبنان وقعت في الغالب في مثل هذه العمليات التي تشبه حرب العصابات.

وحسب روايات الجنود، تتشابه تكتيكات حزب الله في لبنان مع تلك التي تستخدمها حماس في غزة، ولكن جنود الاحتياط الإسرائيليين يقولون إن القتال في لبنان أصعب.

ويقول جندي احتياطي إسرائيلي يعمل ضمن فريق إخلاء طبي عمل في لبنان: "حزب الله أقوى بكثير، وأكثر تدريبًا، والظروف الجغرافية أصعب كثيرًا من غزة".

وقال جندي احتياط آخر، إنه واجه أربع معارك نارية مع مقاتلي حزب الله خلال أسبوع واحد، وفي إحداها، فوجئ ثلاثة جنود أثناء مرورهم بوجود مقاتل من حزب الله، مضيفًا: "كان الرجل يختبئ في منزل، ثم قفز من النافذة وأطلق النار على رجل واحد في وجهه وآخر في ركبته وثالث في ظهره"، ولم يقتل أحد في تلك الحادثة.

وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، أعلن جيش الاحتلال أن جنوده استولوا على أكثر من 66 ألف قطعة سلاح تابعة لحزب الله، بما في ذلك ما يقرب من 6 آلاف عبوة ناسفة وأكثر من 3 آلاف صاروخ مضاد للدبابات.

وقال جنود ومسؤولون عسكريون إسرائيليون، إن المعدات كانت كلها جديدة نسبيًا، بما في ذلك صواريخ روسية مضادة للدبابات متطورة، ونظارات رؤية ليلية جديدة، ومعدات طبية، وفق ما نقلت عنهم "وول ستريت جورنال".

وزعم مسؤولون عسكريون إسرائيليون، أن ترسانة حزب الله من الصواريخ والقذائف تدهورت إلى الحد الذي أصبحت معه المجموعة بحاجة إلى الاقتصاد في استخدامها.

وتقول إسرائيل إن 1500 من عناصر حزب الله قُتِلوا في جنوب لبنان منذ بدء الهجوم البري، وهو رقم يشمل أولئك الذين قُتِلوا في غارات جوية بعيدة عن خطوط المواجهة. وأعلنت الجماعة المسلحة عن مقتل أكثر من 500 مقاتل خلال العام الماضي، لكنها توقفت عن تقديم التحديثات في الوقت الذي غزت فيه إسرائيل.

وقال هورويتز، المحلل في مؤسسة "لو بيك"، إن محللي المصادر المفتوحة أكدوا مقتل نحو 500 من مقاتلي حزب الله في جنوب لبنان منذ بدء الغزو الإسرائيلي البري، وذلك إلى حد كبير من خلال تصريحات عائلية حول الجنازات.

ومعظم هؤلاء المقاتلين من حزب الله قُتِلوا في غارات جوية شمال منطقة الحدود. وقال هورويتز إن العدد الفعلي لقتلى حزب الله أعلى من ذلك على الأرجح، لأن القتلى في المعركة البرية لا يمكن الوصول إليهم إلى حد كبير في الوقت الحالي.

واختتمت" وول ستريت جورنال" تقريرها، بالإشارة إلى تعهد الأمين العام الجديد لحزب الله نعيم قاسم، بمواصلة القتال، في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، أشار خلاله إلى أن هناك أمرًا واحدًا فقط من شأنه أن يوقف هذه الحرب، وهو ساحة المعركة.