من شمال صعيد مصر وبالتحديد محافظة المنيا، انطلق فيلم "رفعت عيني للسما" ليحقق إنجازًا استثنائيًا قبل شهور، فبعد وصوله إلى مهرجان كان السينمائي الدولي، وحصده جائزة "العين الذهبية" كأفضل فيلم تسجيلي في دورته الـ77، ليصبح بذلك أول فيلم مصري ينال هذا التقدير العالمي.
فبعد رحلة شاقة خاضها مخرجا العمل ندى رياض وأيمن الأمير، تبعتها مشاركات دولية، بدأ عرض الفيلم بالأمس في دور السينما المصرية، ليكون من بين أحدث الأعمال التي انضمت لشباك التذاكر.
الفيلم تجاوز الحدود المحلية ليضع (صعيد مصر) على خارطة السينما العالمية، ويؤكد أن الأحلام الكبيرة تبدأ من أماكن بسيطة وتحمل في طياتها رسائل قوية وقيمًا نبيلة، ليحصد دعمًا وإشادة كبيرين.
طموح من قلب الصعيد
الفيلم يجمع بين أيدٍ شابة ومواهب صاعدة من المنيا، في أولى تجاربهم الاحترافية بقيادة المخرجة ندى رياض.
تحدثت هايدي سامح، إحدى بطلات الفيلم وعضوة فرقة البرشا، عن كواليس العمل، لتؤكد لموقع "القاهرة الإخبارية" أن العمل استغرق تحضيره عدة أعوام، قائلة: "حينما شاهدتنا ندى لأول مرة، أُعجبت بما نقدمه وجولاتنا المستمرة للتوعية بقضايا مهمة ومن أهمها ما يتعلق بالمرأة، لاحقًا، عرضت علينا فكرة الفيلم، واستمر التصوير نحو أربع سنوات، فيما استغرق المونتاج عامًا ونصف".
وأضافت هايدي أن النجاح كان أمنية، ولكن لم يكن أحد يتخيل أن يحظى الفيلم بجائزة في مهرجان كان السينمائي، الذي فتح الباب لجوائز كثيرة وتقدير كبير من الجميع لما نقدمه قائلةً: "لم يخطر ببالنا أبدًا أننا سنصل للعالمية ونحصد هذا التقدير".
معاناة وسط تحديات
تتطرق هايدي إلى المصاعب التي واجهتها الفرقة خلال تصوير الفيلم، حيث قوبلت جهودهم باعتراض من أهالي القرية، الذين شعروا أن الفرقة تتحدى عاداتهم وتسلط الضوء على قضايا حساسة كختان الإناث، والزواج المبكر، وضرب الفتيات، ولكن بعد عرض الفيلم قابلونا بحفاوة بالغة.
تقول هايدي: "واجهنا انتقادات لاذعة لأن الأهالي لم يعترفوا بما نقدمه وأننا على صواب في انتقاد عادات مجتمعية خاطئة، فكنا نطمح إلى توعية الناس وتوضيح وجهة نظرنا، وأنا كفتاة أملك الحق في تحقيق أحلامي وعدم الزواج في سن مبكرة، وكنت حريصة على توعية الفتيات لمثل هذه العادات الخاطئة".
تغير وجهة نظر المجتمع
ومع الصدى الكبير الذي حققه الفيلم، تغيرت نظرة الأهالي نحو الفرقة، فبعد الفوز في مهرجان كان، استقبل أهل القرية الفريق بحفاوة كبيرة، وهو ما أثار سعادة هايدي، التي رأت تغير موقف المحيطين بها والأهالي بشكل جذري من رفض لما يقدمونه إلى تشجيع كبير، واعتبار أن ما حققوه إنجازًا استثنائيًا، وبهذا أصبح تقبلهم أكبر، وأدركوا أن مسرح الشارع ليس للتسلية فقط، بل هو وسيلة لتناول مشكلات حقيقية.
دعم أسري
وتعبر هايدي عن امتنانها لوالديها لدعمهما لها في مشوارها الفني، موجهة الشكر لوالدتها التي كانت تحلم بالتمثيل منذ صغرها واتخذت من فاتن حمامة وأمينة رزق مثلًا أعلى، إذ تقول: "أمي لطالما حلمت بالفن، وسعادتي تكاملت بنجاحنا، وأتمنى أن أكون نموذجًا لكل فتاة تحلم بالنجاح وتحتاج للدعم والرعاية".
نظرة نحو المستقبل
تؤكد هايدي أن هذا النجاح كان دافعًا قويًا لها لمواصلة العمل على القضايا الاجتماعية ومحاولة إحداث تغيير في المجتمع، وتقول: "أريد توعية الناس بقضايا نعيشها وهدفي أن أواصل احتراف الفن مع التركيز على معالجة القضايا المجتمعية".