رغم الظروف الإنسانية المتردية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم شعفاط شرقي القدس المحتلة، من المتوقع أن تزداد الأوضاع هناك سوءًا بعد موافقة الكنيست الإسرائيلي على حظر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الأسبوع الماضي.
وصوّت البرلمان الإسرائيلي، الاثنين الماضي، على حظر عمل "أونروا"، وأعلن قطع كل التعاون والاتصالات مع الوكالة الأممية.
ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستؤثر القوانين الجديدة، التي من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ في غضون 90 يومًا، على المساعدات إلى غزة، إذ قال مسؤولون في الأمم المتحدة إنّ الجهود الإنسانية المقدمة لنحو 2.3 مليون شخص "تعتمد كليًا" على موظفي "أونروا" ومرافقها وقدراتها اللوجستية.
ويعتمد 900 ألف فلسطيني آخرين في الضفة الغربية المحتلة، على "أونروا" في الحصول على الخدمات الأساسية، ما يثير مخاوف من أنها قد تنهار تمامًا.
ونقلت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، عن الدكتورة مايا روزنفيلد، عالمة الاجتماع والأنثروبولوجيا في الجامعة العبرية في القدس المحتلة: "لقد درست أونروا لسنوات عديدة؛ وأستطيع أن أؤكد بشكل قاطع أنه لا يوجد بديل لها.. فهي لا تشبه غيرها من وكالات الأمم المتحدة من جهة نطاق وحجم ما يطلبه المجتمع الدولي وإسرائيل منها، في حين لا يوجد حل للصراع".
وأضافت أن "مقدمي خدمات الطوارئ يمكنهم التدخل لفترة قصيرة، لكنهم لا يستطيعون استبدال ما تقدمه أونروا على المدى الطويل.. فهي أكبر من أن تفشل".
وبحسب الموقع الإلكتروني لـ"أونروا"، بعد الحظر الإسرائيلي للوكالة الأممية، أصبحت 96 مدرسة في الضفة الغربية المحتلة تخدم 45 ألف طالب، بالإضافة إلى 43 مركزًا صحيًا، وخدمات توزيع الأغذية لأسر اللاجئين، وخدمات الدعم النفسي، معرضة للخطر.
وقبل الحرب الإسرائيلية على غزة، كانت "أونروا" تدير 278 مدرسة تضم 290 ألف طالب، و22 مركزًا طبيًا، وتوزع طرودًا غذائية على 1.1 مليون شخص، وهي الآن بمثابة شريان حياة طارئ حاسم.
وإذا تم تفعيل الحظر، فإن إسرائيل ستتوقف عن إصدار تصاريح الدخول والعمل لموظفي الوكالة الأجانب، وستنهي التنسيق مع جيش الاحتلال للسماح بشحنات المساعدات إلى غزة، ما يعني عمليًا منع تسليم المساعدات إلى القطاع المحاصر.
وقال كريس جونيس، وهو المتحدث باسم أونروا بين عاميّ 2007 إلى عام 2020: "سوف ينزلق مئات الآلاف من الناس من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى المجاعة الجماعية".
وفي شمال غزة المحاصر، حيث جدد جيش الاحتلال الشهر الماضي، هجومه الجوي والبري العنيف، الذي يستهدف تهجير نحو 400 ألف شخص متبقين إلى جنوب القطاع، قال جونيس إن "حظر أونروا يعني فشل الاستجابة الإنسانية في كل مكان آخر في القطاع.. لن يكون هناك من يستقبلهم، أو يوفر لهم المأوى، أو يوفر لهم الطعام، أو الماء، أو الدواء".
تابع: "في الأمد البعيد، سوف يصبح الأطفال -البالغ عددهم 300 ألف- الذين تعلمهم أونروا في غزة، والذين يعانون بالفعل من صدمة عميقة بعد أشد عمليات القصف المدني وحشية منذ الحرب العالمية الثانية، جيلًا ضائعًا.. وهذا من شأنه أن يقوّض بشكل خطير احتمالات السلام في الشرق الأوسط لسنوات عديدة".
وزعمت إسرائيل أنها ستعمل مع الشركاء الدوليين، الذين انتقدوا بشدة الخطوة المناهضة للوكالة الأممية، لتسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، لكنها لم تقترح هيكل مساعدات بديل للفلسطينيين.
وفي القدس المحتلة، إذا تم فرض الحظر، فسوف تضطر أونروا إلى إغلاق مقرها في المدينة، وكذلك في شعفاط، وهو المخيم الوحيد من بين 27 مخيمًا للاجئين في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيتم قطع الخدمات الصحية والتعليمية عن 16500 شخص على الفور.
ونقلت "ذا جارديان" عن سامر القمة (47 عامًا) من مخيم شعفاط أن "أونروا تدير مدارس المخيم والعيادة الصحية، وهي جهة توظيف رئيسية"، وتساءل: "هل سيأتي الإسرائيليون ويقومون بذلك؟ الأمر لا يتعلق بأونروا فقط.. أعتقد أنه يتعلق بالتخلص من الفلسطينيين تماما".
وتقول عايدة صالح (67 عامًا) من مخيم شعفاط: "أنا مريضة سكر وأحتاج إلى عيادة أونروا للحصول على الأنسولين".
وتتولى "أونروا" رعاية اللاجئين الفلسطينيين، ويبلغ عدد السكان الذين تخدمهم الآن أكثر من 5.6 مليون شخص في فلسطين ولبنان والأردن وسوريا.
وبعد أن ركزت في البداية على الإغاثة، وجهت "أونروا" على مر العقود مواردها نحو التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، وبلغ إجمالي الميزانية الإقليمية في عام 2023 نحو 1.6 مليار دولار.