على الرغم من ميل الاتحاد الأوروبي إلى فوز كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن مسؤولين في عدة دول أوروبية، يرون أن إعادة انتخاب منافسها الجمهوري دونالد ترامب، قد تحفز التغيير في الكتلة الأوروبية، خاصة في مجال الدفاع.
واستنادًا إلى مصادرها الخاصة، أكدت صحيفة "بوليتيكو"، بشقها المعني بالشؤون الأوروبية، أن بعض المسؤولين داخل التكتل يرون أن فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد يكون "ما يحتاجه الاتحاد الأوروبي لتعزيز الدفاع والتعامل بصرامة مع الصين".
الدواء المُر
وقال أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي: "ستكون عودة ترامب بمثابة صدمة مفيدة ستمكن الاتحاد الأوروبي من المضي قدمًا، على غرار الوباء أو أزمة الطاقة التي أعقبت الحرب في أوكرانيا".
ورأت الصحيفة أن هذه النظرة، التي يتقاسمها بشكل سري العديد من دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي ومسؤوليه، لا تنبع من شعور بالمودة تجاه المرشح الجمهوري، أو حتى ميل لمقترحاته السياسية والاقتصادية.
ومع ذلك، فإن ولاية ترامب الثانية من شأنها أن تعطي "الدواء المر" الذي يحتاجه الاتحاد الأوروبي؛ من أجل التغلب على انقساماته والمضي قدمًا ككتلة، وذلك حسبما ذكر ستة دبلوماسيين ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي للصحيفة.
وأشار المسؤولون إلى أن "رئاسة ترامب ستكون معادية لأوروبا لدرجة أن الكتلة لن يكون لديها خيار سوى تعزيز إنفاقها الدفاعي، وقطاع التكنولوجيا، وتوضيح سياستها تجاه الصين".
ومع ذلك، يقول المسؤولون إن لديهم ذكريات مؤلمة عن ولاية ترامب الأولى عندما وبخ القادة، ووصف بروكسل بأنها "جحيم"، وانخرط في حرب تجارية على الاتحاد الأوروبي.
الاستعداد لكل السيناريوهات
وعادة لا يعلق المسؤولون والقادة في الاتحاد الأوروبي على الانتخابات الأجنبية، عندما يُضطرون إلى ذلك، فإنهم يكتفون بتأكيد حاجة أوروبا للاستعداد لأي سيناريو، سواء كان ذلك انتصار ترامب أو المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.
وخلال محادثاتهم للصحيفة، لم يشر المسؤولون والدبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إلى تفضيلاتهم السياسية بقدر ما أشاروا إلى رؤية لكيفية تأثير تغيير القيادة في البيت الأبيض على مجريات السياسة في أوروبا.
ولفتت الصحيفة إلى أن فوز ترامب يمكنه إحداث تأثيرات على العديد من الملفات السياسية والاقتصادية، بدءًا من أوكرانيا إلى الإنفاق الدفاعي مرورًا بمعركة أوروبا ضد التخبط الاقتصادي.
وعطفًا على آراء المسؤولين والدبلوماسيين الأوروبيين، أكدت الصحيفة أن فوز ترامب سيحدث تأثيرات زلزالية على مستقبل الكتلة، إلا أن بعضهم يرون أن "مثل هذه التغييرات إيجابية".
ويبقى الإنفاق الدفاعي المجال الأكثر تأثرًا بفوز ترامب المحتمل، حيث قد تحفز إعادة انتخابه التغيير في أوروبا على المستوى الدفاعي وملف الحرب في أوكرانيا، لا سيما وأن الرئيس الأمريكي السابق لا يتوانى عن اتهام أوروبا بالاستفادة من الحماية العسكرية الأمريكية عبر حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وقد هدد بسحب واشنطن من التحالف تمامًا.